الجبهة الشعبية تكشف دور الطيراوي في اعتقال المناضل الكبير أحمد سعدات
المستقبل العربي
كشفت مصادر في الجبهة الشعبية معلومات خطيرة بشأن الكيفية التي اعتقل بها توفيق الطيراوي، مدير المخابرات الفلسطينية السابق المناضل أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة.
إعلام الجبهة وزع تقريرا خطيرا كتبه "أبو كنعان"، حصل "المستقبل العربي" على نسخة منه، وهنا نصه:
تعود بنا الذكريات الحزينة ليوم شديد السوداوية في تاريخ الشعب الفلسطيني.. يوم الرابع عشر من مارس/ آذار من العام 2006، المكان: سجن أريحا.. الحدث: جرافات ودبابات وطائرات هيلوكوبتر صهيونية تقتحم السجن من جميع الاتجاهات مدعمة بنيران قذائفها.. وتنادي عبر مكبرات الصوت الموجودين بالسجن وعلى رأسهم الرفيق القائد أحمد سعدات ورفاقه للإستسلام.
مشهد سريالي بامتياز، في الوقت الذي رفض القائد سعدات الاستسلام هو ورفاقه، وأكد أنه سيواجه مصيره بشرف مع أبناء شعبه، متهماً واشنطن ولندن بالتآمر مع اسرائيل وبتواطئ السلطة في هذه العملية، ترضخ أجهزة أمن السلطة لنداءات الاحتلال وتستسلم، وتمارس هوايتها المفضلة في خلع ملابسها وظهورها العاري بالملابس الداخلية أمام الكاميرات..
ولقد اكتفت أجهزة السلطة بالرد على هذه القرصنة الصهيونية بلقاء أمني عقدته مع سلطات الإحتلال بالقرب من سجن أريحا، الأمر الذي يكشف الوجه الحقيقي لمنجزات اوسلو وويلاتها والمواصفات المطلوبة لرجل الأمن الفلسطيني.
فصول هذه المؤامرة المخزية لم تبدأ في هذا اليوم، وإنما بدأت حسب ما رواه لنا الدكتور عبد الحق العاني، محامي الرفيق سعدات في لندن، نقلاً عن لسان الرفيق سعدات نفسه، فقد أكد الدكتور العاني أن الموضوع بدأ اثر قيام مجموعة كوماندز جبهاوية بالإقتصاص من الدولة الصهيونية على جريمة اغتيال قمر الشهداء، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، فقامت واستأصلت وزير السياحة الصهيوني العنصري المتطرف رحبعام زئيفي الذي كان يدعو للتهجير القسري لكل الفلسطينيين. ولم يكن عمل المناضلين ذلك سوى تطبيق حرفي للنص التوراتي في القصاص، أي التعامل مع أولئك الناس وفق شريعتهم.
وقد وجدت سلطات الاحتلال في ذلك فرصة جديدة للتخلص من خصمها العنيد الرفيق أحمد سعدات، فأجرت صفقة جديدة في ظل الصفقات التي كانت تديرها الولايات المتحدة وبريطانيا مع ياسر عرفات. وتلخيصا لسياق الحدث عرض الدكتور العاني سير الأحداث وهي كالتالي:
1. طلب ما يسمى توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع الرفيق أحمد سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني.
2. جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002. وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات!.
3. اقتيد الرفيق أحمد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف، قائد أحد الأجهزة الأمنية.
4. بعد أيام نقل الرفيق سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك.
5. أصدر النائب العام خالد القدرة قرار إدانة باعتقال الرفيق سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ.
6. اجتاحت القوات الصهاينة يوم 29 آذار/مارس 2002 مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات.
7. نقل الرفيق أحمد سعدات للحجز في مكتب الرئيس ياسر عرفات.
8. طلبت السلطة الصهيونية تسليم سعدات ورفاقه المحجوزين في رام الله والمناضلين الذين التجأوا إلى كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من حول المقاطعة.
9. جرت المفاوضات بتوسط الأشخاص التالية أسماؤهم: أبو مازن، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله (.........................)، عمري شارون، توني بلير.
10. حاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء الرفيق أحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي. إلا أن السلطات الصهونية، التي تعرف ما تريد، رفضت.
11. رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بالمقترح الصهيوني الذي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن السلطة الصهيونية. وتم الاتفاق على ما يلي:
أ. حجز المناضلين في سجن أريحا.
ب. يكون الحجز دائميا.
ت. يشرف على الحجز سجانون اميركيون وبريطانيون.
ث. تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة.
12. عرض محمد دحلان على الرفيق سعدات تفاصيل الإتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة.
13. نقل أحمد سعدات ورفاقه يوم 1 آذار/مارس 2002 بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.
14. رفع محامو أحمد سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي أصدرت قراراً في 3 حزيران/يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله.
15. تبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن أحمد سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الإتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك.
16. كان القنصل البريطاني العام في القدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة.
17. برر أبو مازن لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز أحمد سعدات غير القانوني بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم. واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة.
18. ظل أحمد سعدات ورفاقه في سجن أريحا أسرى السلطة الفلسطينية والسلطة الصهيونية والسلطة الأميركية والسلطة البريطانية منذ 1 آذار/مارس 2002.
19. سارع الصهاينة بالاتفاق مع الأميركيين والبريطانيين على سحب سجانيهم قبل اقتحامهم السجن، وما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع.
وقد تساءل الدكتور العاني، وبحث بإلحاح شديد عن سبب أوامر ياسر عرفات يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002 باعتقال أحمد سعدات؟ وهل أن واجب السلطة الفلسطينية مساعدة الصهاينة في تحقيق مشاريعها في استئصال المناضلين الحقيقيين؟
ثم تساءل عن سبب استنكار أبو مازن ما قامت به الصهيونية من إقتحام سجن أريحا وإعتقال سعدات ورفاقه؟ في الوقت الذي ساهم هو في إعتقال سعدات دون وجه حق وحجزه لأربع سنوات؟ ألم يقم هو بتسليمه للصهيونية من خلال حجزه غير القانوني؟ متساءلاً أيضاً لماذا لم يفرج أبو مازن عنه منذ تسلمه الرئاسة، ترى أكان أبو مازن يريد للمناضل سعدات أن يموت في السجن مادام قرار الحجز نص على ديمومته؟
ضرورة المحاسبة والمقاطعة والمحاكمة:
بعد هذه الأحداث المفزعة، وتورط السلطة الفلسطينية وقيادتها من رأس الهرم حتى أصغر عسكري فيها، في جريمة اختطاف الرفيق سعدات ورفاقه من سجن أريحا، آن الأوان لكشف خيوط هذه المؤامرة والخيانة، ومحاسبة المتسببين فيها، حتى لو كان المتسبب الأول فيها يرقد وحيداً منزوعاً من وفاء رفاقه في قبر بجوار المقاطعة، ومن هنا أتمنى من الجماهير الشعبية الضغط باتجاه تنفيذ الآتي:
1) إيانا والنسيان...يجب علينا التعامل مع قضية الرفيق سعدات وظروف اعتقاله وعزله ومعاناته بجدية تامة، فلا يجب أن تكون معاناته قضية عابرة تنتهي باختتام فعالية هنا أو اعتصام هناك، بل رمزية الرفيق وكاريزميته وصموده غير المسبوق تقتضي منا التعامل مع قضيته بهذا المستوى، ولذلك علينا استلهام قضيته لتصبح ملازمة لنا في كل مكان وزمان، وأن نحتفظ بها في ذاكرتنا، فالذاكرة وملازمة المناضل المعتقل في معاناته خطوة معنوية على طريق تحريره.
2) يقع على عاتق منظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة التنفيذية فيها، العمل الفوري لتشكيل لجنة تحقيق محايدة تضم أشخاصا وطنيين معروف عنهم النزاهة ونظافة اليد، من أجل محاكمة المتورطين في هذه الجريمة بدءاً من المسئولين، وانتهاءً بأصغر جندي. وإن لم تستجب منظمة التحرير لهذا الطلب، على الجماهير الفلسطينية تشكيل محكمة شعبية مفتوحة لتعرية هؤلاء.
3) المقاطعة الشعبية الواسعة لكل الأشخاص المتورطين بهذه الجريمة، والتي تسببت في اعتقال الرفيق القائد سعدات ورفاقه واللواء الشوبكي ومنهم (توفيق الطيراوي، محمد دحلان، جبريل الرجوب، صائب عريقات، ياسر عبدربه، محمد رشيد)، وغيرهم.. وخطوات المقاطعة تقتضي عدم التعامل معهم ومع مؤسساتهم وأكاديميتهم الأمنية.
قد يدافع مثلاً الطيراوي عن نفسه ويتبجح بأنه كان ينفذ تعليمات القيادة العليا. ولكن هل نسي الطيراوي أن ضمير الإنسان الوطني الصادق دائماً يتفوق على تعليمات وأوامر لا يمكن تقبلها. فهل فعلاً كان يوجد ضمير وطني صادق عند الطيراوي؟؟؟ بالتأكيد لا، وإلا ما سبب تنفيذه الأوامر واعتقال القائد سعدات.
4) من غير المعقول الموافقة على مشاركة رموز من السلطة ومؤسسات السلطة (المتورطة في جريمة اعتقال سعدات) في فعاليات التضامن مع الرفيق سعدات، ولذلك أتمنى من القائمين على حملة التضامن مع الرفيق سعدات ورفاقه باتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم مشاركة وزارات وشخصيات تتبع للسلطة في هذه الفعاليات، والاستعاضة عنها بشخصيات ومؤسسات وطنية ودولية لا علاقة لها بالسلطة أو برموزها.
5) جيد أن نواصل تضامننا وفعالياتنا مع قادتنا في سجون الاحتلال الصهيوني، من خلال الاعتصامات والاحتجاجات.. إلا أن التجربة دللت أن الرد بمثل وحجم جرائم الإعتقال والقرصنة والاختطاف هو الخطوة السليمة والفعالة في إطلاق سراح قادتنا وأسرانا من سجون الاحتلال. وهنا تقع على عاتق التنظيمات الفلسطينية مسئولية اتباع أنجع الطرق لتخليص قادتنا وأسرانا من السجون.
6) لقد آن الأوان لأن نحاسب بريطانيا على سلسلة جرائمها التاريخية ضد شعبنا بدءاً من احتلالها لنا، ووعد بلفور، وحتى تورط رئيس وزرائها السابق موفد اللجنة الرباعية توني بلير، الذي يجب علينا مقاطعته وعدم التعامل معه، وعدم الارتهان للجنة الرباعية وتوصياتها المشبوهة برعاية أميركية.
جريمة الاختطاف دروس وعبر:
لقد أكدت هذه الجريمة، والسجل الطويل من التواطئ الفظ الذي تورطت به السلطة الفلسطينية منذ قيامها، وارتهانها وخضوعها للإملاءات الصهيونية المتواصلة، أنها كانت وبالاً على الشعب الفلسطيني، وأداة مباشرة وحقيقية للإحتلال، وربحاً صافياً لمخططاته في تصفية شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية، ومن هنا واجب علينا أن نستخلص العبر من فشل سلطة الحكم الذاتي وطنياً، بل وسقوطها المذل في بحر التنسيق الأمني وملاحقة المقاومة، بل وتسببها في صراع مأساوي بين طرفين همهما تقاسم كعكتها. لذا أصبح من الضروري التفكير بجدية في حل هذه السلطة، وإعادة الإعتبار لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتسلم مقاليد الأمور لأبناء شعبنا في الداخل والخارج، واطلاق العنان لمواجهة مفتوحة مع الإحتلال تسخر فيها كل طاقات وخبرات وابداعات شعبنا تبدأ بالمقاومة الشعبية، وتنتهي بالمقاومة المسلحة، مع أهمية الإحتفاظ بالحد الأدنى من التوافق الشعبي الفصائلي في القضايا الخلافية، والوحدة الصلبة والميدانية في القضايا المصيرية، وأهمية الإنتصار الديمقراطي للجماهير الشعبية الفلسطينية وإطلاق العنان لإبداء مساحة واسعة من الحريات الديمقراطية، والتعبير، لأن شن معركة ومواجهة مفتوحة مع الاحتلال تقتضي تحرر الجماهير الفلسطينية من قيود السلطة والقمع والفساد والتسلط.
المصدر
http://almalak.net/news.php?action=view&id=1206