ملاحقة مجلس النواب الأمريكي لبعض قنوات التلفزيون
أقر مجلس النواب الأمريكي مشروعا يلاحق فيه عشر قنوات فضائية عربية بحجة أنها تحرض على أعمال تضر بالمصالح الأمريكية، وقد صوت الى جانب مشروع القرار 395 عضواً مقابل معارضة ثلاثة أعضاء فقط!
ماذا نفهم من هذا القرار؟
أن تقدم قنوات تلفزيونية عربية أعمالاً سينمائية للتسلية، فهذا لن يلفت انتباه أمريكا، حتى لو كان من بين تلك الأفلام ما هو مُنتجٌ في الكيان الصهيوني، بل بالعكس فهذا يفرحهم كثيراً. وأن تقدم قنوات تلفزيونية عربية مواداً للتسلية من رقص وغناء وفيديو كليب وتقديم إرشادات للطبخ والتمارين الصباحية وبيع آلاف السلع التي لا تباع الا عن طريق تلك القناة(!)، فكل ذلك مسموح به حتى لو امتلأت برامج القناة بالأغاني التي تمجد بقائد البلاد الفذ.
أما أن تذكر قناة تلفزيونية ممارسات الاحتلالين الأمريكي والصهيوني ضد المدنيين في العراق وأفغانستان وفلسطين، أو تكتب على شريط الأخبار تدمير همر أمريكي، وقنص جندي في أطراف بغداد، فهذا يُحسب مع الإرهاب، فيجب منعه وإيقافه على الفور، وإلا ستوضع الدول التي تمتلك القمر الصناعي على لائحة الدول البغيضة، والتي يترتب عليها عدم إمدادها بالعربات العسكرية الأمريكية المستهلكة في حروب أمريكا الكثيرة، أو ببساطيل الجنود القتلى وستراتهم.
إن استصدار قرار من هذا النوع يدلل على ما يلي:
1ـ اصطفاف هذا الكم من المصوتين لصالح القرار، يضع المراهنين على بوادر التغيير في عهد (أوباما) في موضع ضعيف ومخذول، ويدلل أن العداء الأمريكي لا يقتصر على لون (بوش) وحده، بل يشمل الجميع.
2ـ ويعني هذا القرار أن الأصوات الوطنية التي تصدر عن تلك القنوات، هي موضع متابعة حثيثة من قبل صانع القرار السياسي في أمريكا، وأن تلك المحطات على رغم قلة عددها، فإن أثرها كان أكثر من آثار تلفزيونات صديقة (معتدلة) وأكثر من أثر القنوات التي افتتحتها أمريكا (الحرة وأخواتها).
3ـ إن مشروع تحسين وجه أمريكا قد باء بالفشل رغم تجنيد الأموال والعملاء والصحفيين المدربين جيداً، حيث أحضرت أمريكا معها 500 إعلامي محترف لينطقوا باسم جيشها وساستها، ويغطوا احتلال العراق وكأنه تحرير للعراق من نظام ضاق أهل البلاد به ذرعا (حسب زعم هؤلاء الإعلاميين).
4ـ صب الماء (المسقع) على مؤخرات من هلل لخطاب أوباما في القاهرة، والذي استهله بأن بلاده لا تفرض قيمها وأعرافها على الشعوب العربية والإسلامية بالقوة!
الجانب القانوني في تلك المسألة
تنص المادة 19 من ميثاق حقوق الإنسان على ضمان حرية الرأي عند كل شعوب الأرض، كما تنص المادة 30 على عدم الحق في إسكات أي صوت في العالم وتحت أي مسمى.
إذن، ماذا نسمي هذا التدخل السافر في شؤون العرب؟ ولماذا لم يشمل مثل هذا القرار القناة العاشرة الصهيونية التي تحرض لقتل العرب ليلاً نهارا؟
ردود عربية مفقودة
قبل أكثر من ثلاثين عاما، كان مكتب الإعلام العربي التابع لجامعة الدول العربية يتولى الرد على مثل تلك التدخلات السافرة، وكان ينسق مع النشاطات الدبلوماسية من خلال اللقاءات الرسمية العربية ومن خلال نشاط السفارات والملحقيات الإعلامية، أما اليوم، فإن هذا القرار لا يهتم فيه سوى المواطن العربي الذي لم ينجذب للقنوات الأمريكية أو قنوات المعتدلين!
كما أن العلاقات التجارية بين مالكي الأقمار قد تجعل من هذا القرار يأخذ طريقه الى التنفيذ بعد مروره الى مجلس الشيوخ، والذي لا يتوقع أن يكون موقفهم إلا متطابقا مع قرار مجلس النواب.
كما أن بعض الدول العربية يروقها أن يمرر مثل هذا القرار لتأخذ راحتها في إسكات صوت المقاومة.