السلام عليكم
هل نقاطع؟
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معجب الزهراني
الذي كتب مقالا قبل اسبوع في جريدة الراض
يصف من يأمر أهله بالعباءة
أنه مصاب بالوسواس القهري
إلى متى السكوت عن هؤلا الشرذمة [/color]
الـ«تشادور» و«العباءة»:د. معجب الزهراني
في قصة شيقة بعنوان «تشادور» يقدم الكاتب الإيراني الأبرز في الستينيات صادق هدايت حكاية طريفة عن المفارقات التي تتصل باللباس التقليدي للمرأة.
أحد تجار البازار يتزوج شابة جميلة يبدو أنها لا تبادله مشاعر الحب نفسها.
لقد سمعها مرات وهي تعيره بأنه ليس مثل «فلان » وإلا لفعل كذا وكذا.
ونظرا لكونه الرجل العاقل في بيت الزوجية فقد كان يحاول التصبر على إهانة غير مقصودة ترد على لسان زوجته بكثير من البراءة والحمق.
ذات يوم راودته الهواجس وركبته الوساوس الخناسة فقرر أن يغلق دكانه ضحى ويعود إلى بيته قبل المعتاد.
كان في ذهنه أنه سيضبط زوجته وهي متورطة في شبهة ما فيلقنها درسا لن تنساه .
وحينما وصل قريبا من دكان «فلان» رأى إمرأة تمر أمامه حسب أنها هي زوجته.
ونظرا لأن اللباس كان يغطيها كاملة فقد تحول الظن إلى يقين في الحال.
اقترب منها. أمرها بأن تتوقف. واصلت السير بخفة أكثر. هددها. لم تتوقف.
وحينما طغى عليه الانفعال لحق بها وأمسك بتلاليبها استعدادا لتأديبها في هذا المكان العام !.
صاحت المرأة . هددته بأنها ستدعو «فلانا» ذاته ليوقفه عند حده.
تحلق الناس حولهما ليمنعوه عن تصرف شنيع أو شك أن يتحول إلى جريمة كبيرة .
حينما وصلت الشرطة شهد الجميع أن الرجل الأحمق اعتدى على امرأة أجنبية عنه دونما مبرر فاقتادوه إلى السجن. طبعا أدرك الرجل أن ذلك التشادورهو الذي ورطه في موقف لايحسد عليه ،
ولكن بعد فوات الأوان!.
صادق هدايت هو صاحب رواية شهيرة بعنوان «البومة العمياء» ترجمت إلى لغات كثيرة وفيها مضاهاة ساخرة ناقدة ناقمة متشائمة بين كائن يدعي العقل والحكمة فيما هو يباشر كل يوم حماقات أين منها التصرفات الغريزية للحيوان!.
اشير إلى قصته الطريفة هذه لأن مشرقنا العريق محظوظ بدول عقائدية تنشغل بملابس النساء قدر تشاغلها عن التنمية الاقتصادية وتطوير التعليم ومراكمة الخدمات وفتح أبواب المستقبل على مصراعيه الواسعين أمام مختلف أشكال التقدم .
وحينما نتوهم ونصدق أننا مسؤولون عن هداية العالم «الجاهلي »الضال من حولنا فذلك من ثمار مطر الخطاب العقائدي اليومي الذي يؤكد لنا أننا وصلنا إلى مرتبة النموذج الأرقى للبشرية جمعاء !. بعد هذه المقدمة الطويلة يمكننا أن نعود إلى بسيط المنطق المعرفي عسى أن نعرف أننا نحتاج إلى المزيد من المعرفة لا إلى المزيد من تصرفات البومة العمياء المشؤومة.
فالمجتمعات البشرية تتميز بالتنوع في الألسن والأعراق والأطعمة والأشربة والملابس والأفكار والأذواق والمشاعر والتصرفات.
منطق التنوع ذاته يطال الفرد الذي لا يسبح في نهر الحياة مرتين. هذه سنة كونية ما إن تختل أو تعتل حتى نكون أمام حدث طارئ لا يقاس عليه ولا يركن إلى ثباته.
كأننا نقول إن التنوع هو الأصل والأصل هو الذي يتصل ويتطور ويتغير عبر الزمن والمكان.
قبيل أيام ادركت السلطات الرسمية في إيران هذه البدهية فاتخذت قرارا حكيما بترك بعض شؤون اللباس النسائي لاختيارات أفرادهن. هذا يعني أن من تريد لبس التشادور فلها ذلك ومن لاتريد فلا جناح عليها في أن تلبس ما تريد شرط أن تتذكر أنها ليست في سويسرا أو في الهند أو في جنوب إفريقيا. هذه عين من عيون الحكمة دون شك.
وإذا كان الإعلام العالمي كله قد أشاد بها فذلك لأنها خطوة كبيرة نحو حرية غير منتظره من نظام محافظ حد التشدد. هل في هذا القرار مروق عن طريق الحق ؟.
أبدا.. أبدا. فكل من له حظ يسير من بسيط العلم الديني لا بد أنه قد قرأ أو سمع بأن الشرط الوحيد في ملابس المرأة المسلمة المحافظة هو ألا يكشف ولا يشف ولا يجسد.
أما ماعدا ذلك فالتدخل فيه هو من باب التعسف الذكوري الذي يرفضه منطق العقل ومنطق الشرع. لاعبرة هنا برأي بعض الرجال وبعض النساء لأن الحق أحق أن يتبع بكل بساطة.
فجزء من سماحة الإسلام وتسامح مجتمعاته يكمن ويتمثل في تركه مجالات واسعة للفرد كي يختار ويقرر ما يشاء في حدود معايير واسعة غاية الاتساع. الجيل الذي أنتمي إليه أدرك ذلك التنوع الغني في ملابس النساء. فالمرأة كانت تحرص أكثرمن غيرها على الملابس المحتشمة.
لكن المجتمع كان يحرص هوأيضا على ألا يتدخل أحد في لون لباسها أو في شكله لأن هذا مما كان يعد من صغائر الأمور التي لا يليق بعاقل الوقوف عندها. الحياة اليومية للبشر كانت سلسلة من الانشغالات الجادة التي تدور حول قيم العمل والانتاج في المقام الأول.
وحينما يحين وقت الاحتفال بثمرات العمل أوبمناسبات الحياة ، الدينية والدنيوية ،لم يكن لدى الناس استعداد لتفويت الفرصة التي ينتظرها الجميع (وهناك ظاهرة لها حكم القانون تفيد بأن الشعوب التي تعمل بجد تحتفل بالحياة بجدية أكثر).
وباختصار كانت النساء في بلادنا كلها يشبهن الأشجار الحية التي تتجدد أوراقها وزهورها وثمارها بتجدد الفصول. المفارقة في الأمر أن نساء الأرياف والبوادي كن أكثر قربا من منطق التنوع الطبيعي والثقافي الآنف ذكره.والسبب في ذلك والله أعلم أن سلطة الدولة العثمانية التي أورثت مشرقنا كله ظواهر ثقيلة كئيبة طوال قرون لم يكن لها سلطة تذكر في هذه الفضاءات البعيدة عن مدن لا مدنية فيها.
أكثر من ذلك كانت العباءة السوداء علامة ذات دلالات سلبية في نظر الرجال والنساء على السواء. فالمرأة التي تعمل وتنتج هي المرأة الفاضلة التي يتنافس عليها المتنافسون وليس المرأة التي تتغطى بالأسود وتظل قابعة في بيتها كالمعتقل لا لشيء إلا لكون الله قد خلقها من «جنس النساء»!.
أقول قولي هذا وكلي أمل في نعود إلى سوية حياتنا في مجتمعاتنا التقليدية التي كانت محافظة بكل المعاني الإيجابية لهذا المفهوم الذي أصبح يختلط بالتزمت والتشدد حتى عند بعض «المثقفين الكبار »!. وإذا لم نعد اليوم أو غدا إلى تلك السوية المفتقدة فسنكون أمام احتمالين كارثيين.
الأول منهما أن يتزايد عدد البشر الذين يتوهمون ويصدقون أن لبس التشادور أوالعباءة من صميم الدين وهنا يصبح الخروج عنه جريمة تستحق العقاب ولو في المجال العام.
أما الاحتمال الثاني والأسوأ فهو أن يتزايد عدد اللائي يجدن في ديننا تضييقا عليهن يغريهن بالخروج عليه قلبا وإن خضعن له قالبا والعياذ بالله.
الصيف على الأبواب. واللا ئي يسافرن ومتعتهن الكبرى أن يلبسن كما يردن مئات الآلاف. وحماقات ذلك الزوج الذي كان ضحية لوسواس قهري يمكن أن تصبح ظاهرة فاشية في مجتمع بأكمله والعياذ بالله.
http://www.alriyadh.com/2006/06/01/article159254.html
عن العضو في مجلس القبائل
طويل الحزم