التاريخ الاسلامي
--------------------------------------------------------------------------------
يمتد التاريخ الإسلامي ضمن فترة طويلة زمنيا تغطي معظم العصور الوسيطة على مساحة جغرافية واسعة تمتد من حدود الصين في آسيا إلى غرب آسيا و شمالي افريقيا وصولا للأندلس . و يمكن اعتبار التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على محمد بن عبد الله ثم تأسيس دولة المدينة المنورة إلى نهاية الإمبراطورية العثمانية التي تعتبر آخر الإمبراطوريات التي كانت تحكم باسم الإسلام و تمتد على رقعة جغرافية واسعة . منذ البداية تميز الإسلام بانه أكثر من دين ينظم العلاقة بين الإله كخالق و بين الإنسان كمخلوق كما تفعل معظم الأديان الأخرى , فقد قام رسول الإسلام محمد بن عبد الله منذ البداية وفق التعاليم التي كانت ترده عن طريق الوحي بتأسيس المسلمين بشكل جماعة برزت منذ أيام الإضطهاد المكي لتتطور إلى مجتمع و ما يشابه الدولة في المدينة المنورة . و هناك في المدينة تتابع نزول الوحي منظما علاقات الأفراد المسلمين ( مهاجرين و أنصار ) بين بعضهم ومع أفراد الأديان الأخرى ( اليهود في المدينة ), و كل هذا يجعل من الإسلام دينا جماعيا بامتياز حتى أن عباداته بمجملها تقوم على فكرة الجماعة و التضامن في المجتمع , إضافة الى تحديد علاقة الإنسان مع الخالق و الطبيعة , مما يجعله دينا ذو جانبين : روحي ديني , و اجتماعي سياسي .
تفسير التاريخ الإسلامي
تختلف وجهات النظر التي تحاول شرح وتفسير التاريخ الإسلامي بكل تعقيداته و زخمه بالأحداث و الثورات و القلاقل , حسب الخلفيات الإيديولوجية التي يتبناها المحللون و الأدوات التحليلية التي يستخدمونها .
في العصر الحديث بعد ما يسمى بعصر الصحوة كانت هناك توجهات واضحة من قبل المؤرخين المعروفين بالقوميين لتفسير التاريخ الإسلامي على أنه تاريخ عربي محض , في ذات الحين نرى أيضا مؤرخون شيوعيون يميلون لرؤية التجاذبات السياسية و العسكرية في مجمل التاريخ الإسلامي بوجهة نظر ماركسية تغلب العوامل الإقتصادية و الصراع الطبقي فوق كل اعتبار آخر , أما المؤرخون العلمانيون فكانوا يحاولون جهدهم لمنع ادخال العامل الديني ضمن تفسير الأحداث و كانت جهودهم تتركز على اعادة استكشاف ما يدعى بالتاريخ الجاهلي باعتبار أن بذور النهضة العربية بدأت في ذلك العصر و ما الإسلام ألا بذرة التطور في الفكر العربي . بين كل ذلك الإختلاف على تفسير الأحداث بقي المؤرخون ذوو التوجه الإسلامي يناضلون لإثبات تفرد الإسلام كدين أحدث ثورة اجتماعية و حضارية منحت العرب دولتهم و حضارتهم و يؤكدون على تسامح الإسلام و وصول العديد من الأعراق الإسلامية الأخرى الى سدة الحكم . كما يؤكد هؤلاء المؤرخون على أن بعثة محمد بن عبد الله كانت نقطة فارقة أحدثت انقلابا في تاريخ المنطقة ككل بشكل خاص و العالم بشكل عام . لكن نقطة الضعف الأساسية أنهم يقدمون بعد ذلك توصيفا للأحداث بدون تفسيرها فبعض السنة تؤكد على عدم الخوض في تفاصيل الفتنة و الخلاف بين معاوية و علي باعتبار الإثنين من الصحابة و كلاهما مغفور لهما , أما الفريق الآخر من أهل السنة و الجماعة فيؤكد خطأ معاوية في الخروج على علي و يثبتون أحقية علي بدلالة انتخابه و بيعته . على الطرف الآخر النقيض يقف الشيعة موقفهم المعروف من دعم علي و آل بيته في خلافة المؤمنين بتقرير رسول الله محمد بن عبد الله كما يقولون , جاعلين الخلافة شأنا شرعيا بخلاف نظرية السنة التي تجعل الخلافة أمرا سياسيا يتفق عليه المسلمون و ينعقد بالبيعة .
التاريخ الإسلامي يعتمد على عدة نظريات و يعتمد مزيج عدة عوامل في تفسير التاريخ الإسلامي , و هذا المزج و تعدد العوامل المفسرة يمنح نموذجه التفسيري مرونة أكثر و قدرة تفسيرية أوسع .
يمكن تصنيف العوامل التي تلعب دورا رئيسيا حسب تفسير الدكتور الدوري الى :
عوامل عقدية : تلعب فيها أمور الدين و العقائد دورا أساسيا .
عوامل ثقافية : فالثقافات و العادات المختلفة سواء الموجودة مسبقا عتد العرب مما يدعى بالعادات القبلية و البدوية أو العادات التي صادفوها عند انتشارهم في الأقاليم المجاورة مثل الموروث الفارسي و الكسروي و الموروث الروماني و اليوناني .
عوامل حضارية فلسفية : تشكل مجموع العلوم و الفلسفات التي تلقاها المسلمون عند اختلاطهم بالشعوب الأخرى و هي أساسا : الفلسفات الهندية و الفارسية و اليونانية .
عوامل اقتصادية : فالمال و الثروة طالما كانت ذات دور رئيس في الكثير من الحروب و النزاعات التي رسمت تاريخ الجنس البشري .
التاريخ الإسلامي يقوم حسب محاور ثلاثة : ( العقيدة , القبيلة , الغنيمة ) كما يدخل أيضا المدخلات الغريبة من عادات حكم و تفاليد فارسية و يونانية رومانية .
الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام كانت مجموعة من الأعراب (البدو الرحل) أو المدنيين (أهل القرى و سكان المدن الصغيرة) ينتظمون في قبائل . و يعتبر الولاء للقبيلة و تحالفاتها الأساس في تنظيم المجتمع العربي ( البدوي بشكل غالب ) (مفهوم العصبية). كانت الغالبية العظمى تدين بالوثنية إضافة لأقليات يهودية و مسيحية (بمن فيهم النسطوريون). وكانت مكة مركزا دينيا يؤمه العرب من كل صوب لأداء الحج إلى البيت الحرام الذي بناه إيراهيم عليه السلام.
في هذا الجو ظهر محمد عليه الصلاه والسلام ليجهر بالإسلام , و كان أهم تأثير سياسي للإسلام أنه استطاع إقامة دولة في المدينة المنورة يسودها تشريع يحكم الجميع , و وثائق و معاهدات مع الأقلية اليهودية التي كانت تسكن المدينة . لاحقا استطاع المسلمون هزم المشركين في عدة معارك و فتحت مكة قبل وفاة رسول الإسلام بعامين فحطمت أوثان العرب التي كانت موجودة في الكعبة و اعلن التوحيد .
التوحيد الذي جاء به الإسلام لم يكن دينيا روحيا فقط بل كان أيضا اجتماعيا سياسيا , فالجزيرة العربية كلها دخلت في عقيدة واحدة و أصبح لها كيان واحد و قبلة واحدة و إله واحد هو الله . في حين ضعفت العصبيات القبلية و المطامع المادية في تلك الفترة مؤقتا قبل أن تعود للظهور بعد أن حقق المسلمون انتصارات مهمة لإسقاط دولة الساسانيين و طرد الرومان من بلاد الشام .