اليمن
***
شعر
صبري الصبري
***
ألا يمن السعادة إنَّ فينا= محبتك الأكيدة تحتوينا
نقول لأجلها الأقوال شعرا= صدوقا باهرا عذبا متينا
يشنف سمع أحباب كرام= فيطربهم ويشجيهم قرونا !
بك الأعوام تزدهر ازدهارا= وتنبت فيك إنباتا مبينا
تجلى فيه تبيانٌ فصيحٌ= يحدثنا حديث المعجبينا
بـ(بلقيس) بمملكة يغَنِّي= لها التاريخ في العليا لحونا
فتطرب من عذوبتها الليالي= تضم الناظرين .. السامعينا
وهدهد قصرها المختال يرنو= بمكمنه وقد عدَّ الكمينا
يطالع عرشها المشهور سرا= ويلقي فيه مكتوبا دفينا
فيالهدهد الجاسوس ! أنهى= بها كفرا بشقوته لعينا
وطار العرش بالأجواء قسرا= شمالا حلَّ في سجن سجينا
إلى أن كان إسلامٌ مضيءٌ= أنار بقلبها الغافي يقينا
بسبأ أيّ سبأ كان عزٌّ= بسبأ دام منبته سنينا
بجنات النعيم ببسط روض= ودوح ظله غطى المتونا
وفاكهة تطيب لمشتهيها= يناغيها ويرتقب الغصونا
تلبي بالسخا تنهال فيضا= غزيرا ناضرا سحا رزينا
إذا ما رام ناظرها طعاما= أتى يهدي لآكله الصحونا
كأن المرء في عدن بعيش= به يحيا بروضتها مصونا
ويشرب من منابعها شرابا= نقيا يصطفي فيه العيونا
مزاج السلسبيل به هناءٌ = بكافور له نهفو حنينا
ونرتع في حمى الأمطار فاضت= بيمن الخير طوفانا أمينا
يهدهد محتوى الدوحات يروي= شمائلها ويشتمل اليمينا
ونذكر سدها المشهور يحوي= حيا الأجواء محفوظا رهينا
فماء القطر ما وافى حماها = يظل بمستراح مستكينا
ليروي الأرض في يمن التنامي= ويسقي في روابيها البطونا
وصنعاء التي مدت دروبا= لكل الأرض قد فتحت جفونا
بحكمتها .. بقوتها تلاقت= كليث صان بالغاب العرينا
تصول إذا أرادت في رسوخ= وتأبى أن تخون وأن تهونا
وتأبى أن يفارقها شموخ= وتصحب في المغازي الفاتحينا
لـ(يشجب) أو لـ(يعرب) كم تناهت= مراقي المجد تجتذب العيونا
وتحكي عنهما سفرا طويلا= وماءً قد روى للإنس طينا
ونسلا دافقا بالأرض يمشي= ويعمرها وينتظم الشؤونا
وينسابوا بأصقاع بصبر= يلازمهم ويمتزج الشجونا
فهم أس لأعراب تراهم= بتاريخ البرايا الظاعنينا
هم الأبطال في سهل وجبل= بكهف الدهر ما راموا الكمونا
وسل عنهم قبائلهم ترامت= وضمت في ركائبها البنينا
مضوا بالدين في شرق وغرب= رجالا مسلمين ومؤمنينا
شيوخا فيهم الإيمان يزهو= وحكمتهم توافي العالمينا
وسل شاما وبغدادا ومصرا= وسل فردوسنا المغروس فينا
بأندلس الجمال لهم بريقٌ= وأخبارٌ تضم المتقينا
وتروي عن مآثرهم صحافا= تقص بفخرها سردا مكينا
ويثبت ما جرى حقا وعدلا= فقد تركوا عدوهمُ ثخينا
وقد بزوا الأعادي في تخوم= بها تأبى فوارسهم سكونا
أذاقوا الروم ويلات جسام= بها الرومان قد لاقوا الجنونا !
إذا اليمنيُّ ما لاقى صعابا= يحطمها ويخترق الحصونا
يسلّح نفسه دوما بعزم= بوعي ثاقب يَدَع المجونا
ليحيا في علا الأمجاد حرا= أبيا لا يرى الذل المهينا
يعز بروحه الإيمان يحيا= عزيز القدر لا يخشى المنونا
ويرفض لو يلاقي الضيم .. ظلما= ويأنف أن يكون المستكينا
بثورة شعبه المقدام يعلو= يحقق فيه بالصدق الظنونا
وقد لاحت لهم بالجو شمسٌ= تنير طريقهم شرعا ودينا
تعزي أهل من ماتوا كراما= تواسي من ثوى فيها حزينا
وتأسوا كالطبيب بكل جرح= بمجروح سجى عانى الطعونا
وتصفو بالصفا رغم المآسي= ببسمتها لمن بثوا الأنينا
فكونوا كلكم صفا منيعا= قويا لا تهابوا المعتدينا
بوحدة شعبكم كونوا جميعا= ببنيان يسر الناظرينا
ببستان جميل الشدو يزهو= بنحل الشهد يصطحب الطنينا
بحمد الله قد قمتم فربي= يحب القائمين الحامدينا
من الرحمن نصركمُ تجلى= جليا فاشكروا اللهَ الْمُعينا
ولن يجد العباد كمثل عونٍ= من المعبود عان الْمُستعينا
ألا يمن المسرة صغت شعري= لأحبابي بـ(وافره) حنونا
بعشقٍ ضم أبياتا تلاقي= بروضك كرمَ أعناب وتينا
وفاكهة الشتاء بها عطاءٌ= وإيلافٌ يضم المسعدينا
وعُبَّادا ونُسَّاكا كراما= وزُهَّادا بصدقٍ محسنينا
فما أبهاك من يمن سعيدٍ= سنعشقه بحب ما حيينا !!