الأونروا، تبذير وتقطير
د. فايز أبو شمالة
لا ينكر لاجئ فلسطيني أفضال الأونروا على حياته، فمنذ النكبة وحتى يومنا هذا وهي المسكن لمن يحتاج، وهي التغذية للجائع، وهي العيادة للمريض، والمدرسة للطالب، ولا يوجد لاجئ فلسطيني لم ينتفع من هذا المنظمة الدولية التي تأسست سنة 1949خصيصاً للفلسطينيين الذين اغتصب اليهود وطنهم، وشردوا من ديارهم، فصاروا لاجئين!. في السنوات الأخيرة توسع عمل الأونروا، وشمل برنامج المساعدات عشرات الأسر التي تعاني الفاقة، وشمل كذلك تأهيل مئات المساكن للاجئين الفلسطينيين الذين دمر الاحتلال بيوتهم مع بداية انتفاضة الأقصى، من سنة 2000 وحتى الانسحاب الإسرائيلي عن غزة سنة 2005، ومن ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا، يعيش اللاجئون المدمرة بيوتهم في أماكن مستأجرة على حساب الأونروا.، فبعضهم استأجر مأرب سيارة وصار له مسكناً، وبعضهم اكتفى بغرفة واحدة للمعيشة والطبخ والحمام واستقبال الزوار، على أمل استكمال مشروع البناء الذي شرعت فيه الأونروا قبل ست سنوات، مع بداية الانسحاب الإسرائيلي عن قطاع غزة، ولم يستكمل بسبب الحصار الإسرائيلي، حيث ظلت عشرات الأبنية قائمه دون التشطيب النهائي من ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا! اللاجئون الفلسطينيون يتساءلون: ما الأسباب التي تحول دون إنجاز هذا البيوت، وتسليمها لأصحابها، وهي بحاجة إلى بعض الأعمال الصغيرة فقط؟لماذا التأخير في تشطيب هذا البيوت التي ستخفف من أزمة المساكن في قطاع غزة، وذلك رغم الموافقة الإسرائيلية على دخول مواد البناء للأونروا؟ لماذا التأخير في تشطيب المباني القائمة منذ عام 2006 في الوقت الذي شرعت فيه الأونروا ببناء مساكن جديدة في المكان نفسه؟ وشرعت في هدم وبناء عيادة الأونروا في خان يونس على بعد أمتار من هذه البيوت غير المنجزة؟أصحاب البيوت المهدمة من الاحتلال يظنون أن أسباباً سياسية تكمن خلف هذا التأخير المتعمد، ويتساءلون عن المستفيد من هذا التأخير، ومن المستفيد من إعاقة تشطيب تلك البيوت، وترك أصحابها يعيشون في ضنك، وبالأجرة! ما سبق من غموض هو الذي حرك أصحاب البيوت المدمرة في مدينتي خان يونس ورفح، ليقدموا على إغلاق مراكز ألعاب الصيف التابعة للأونروا.اللاجئون لفلسطينيون الذين تربوا في حضن الأونروا، ورضعوا حليب صدرها ليسوا ضدها، وليسوا ضد الأنشطة الترويحية والترفيهية التي تخفف معاناة أطفالهم، وترطب معيشتهم، اللاجئون الفلسطينيون يستهجنون سوء الإدارة، ويعترضون على سلم الأولويات، ويستغربون أن يكون التبذير ببذخ على أنشطة، والتقطير حتى الحرمان على أنشطة أخرى أكثر أهمية، ويتهمون المسئولين بسوء التصرف بالأموال التي يتم جمعها من المتبرعين العرب والمانحين تحت مسمى مساعدات للاجئين الفلسطينيين، وبهدف تخفيف معاناتهم إلى أن يحين الزمن الذي يسمح بعودتهم إلى مدنهم وقراهم التي اغتصبها الصهاينة.