النبوغ المبكر في الإبداع الموسيقي

**محمد عيد خربوطلي** · 09-07-2015, 07:14 PM

النبوغ المبكر في الإبداع الموسيقي
ظاهرة نادرة
محمد عيد الخربوطلي
من المؤكد بل من النادر اكتشاف موهبة لطفل صغير تتعلق بفن من الفنون، ولكنه في فن الموسيقى يوجد عبقريات معجزة لأطفال خلدتهم أعمالهم, إن كان أداءً أم تأليفاً، وتاريخ الموسيقى العالمي يؤكد هذا ،ونالوا إعجاب الكبار لقدراتهم النادرة الحصول ، وسنعرض أمثلة تمثل عدة حالات من العبقريات الموسيقية الشهيرة، إن كان في أدائهم المعجز أم في قدراتهم الإبداعية في تأليفهم ومنهم:
1-جورج فرد ريك هاندل -1685-1759م:-
كان معروفاً كعازف موهوب على الاورغن منذ الثامنة من عمره، وبعد دراسته ألف عدة قطع جيدة أولها في الحادية عشرة من عمره، وألف الست سونات وثلاثية الأبوا والباص.
2- جوهان سباسيتان باخ-1685-1766م:-
برع في العزف على الأورغن والفيولينا في سن مبكرة، وألف بعض ارتجالاته للمقدمات الكورالية على الأورغن ، لكن أعماله الأصلية لم يكتبها إلا بعد سن الثامنة عشرة.
3- فولفجانج آماديوس موتسارت -1756-1791م:-
كان طفلاً معجزة، فقد كتب قطعاً للبيانو قبل بلوغه السادسة من عمر، وكتب رقصات المنيويتن بعبقرية ، وبعد الثامنة من عمره انجز سوناتاته الست للفيولينا والبيانو وكتب ثلاث سيمفونيات لأوركسترا الحجرة.
4- فوانز جوزيف هايدن-1732-1809م:-
بدأ التأليف الموسيقي في سن السادسة، فكان من الموسيقيين النادرين في العالم الذين أظهروا النبوغ المميز في موهبة وقدرة العزف والتأليف الموسيقي.
5- لودفيج فان بيتهوفن -1770-1827م:-
كان عازفاً ومرتجلاً ماهراً للبيانو، لكنه لم يؤلف القطع الموسيقية إلا بعد الثالثة عشرة من عمره ، بعد أن اختمر في علوم الموسيقا فجاءت تآليفه رائعة وخلدته، لكنه لم يشتهر إلا بعد الثانية والعشرين من عمره.
6- بيتر فرانز شوبرت -1797-1828م:-
بالإضافة لعزفه الرائع للبيانو كتب بعض الأغاني الفنية للبيانو قبل بلوغه العاشرة من عمره ، مما لفت نظر المايسترو الإيطالي – انطونيو سالبيري- في فيينا عندما استمع إلى أغنية –شكوى هاجار- وبعد بلوغه الثامنة عشرة من عمره كتب الأعمال الموسيقية العالمية المدهشة مثل القداسات وسوناتات للبيانو والأعمال الموسيقية للمسرح إلى جانب مائة وسبعين أغنية فنية.
7- فردريك فرانسوا شوبان -1810-1849م:-
ظهرت موهبته في التأليف الموسيقي في سن مبكرة ، فقد كتب عدة مقطوعات للبيانو قبل بلوه الثامنة من عمره، ولكنه لم يظهرها إلا بعد بلوغه السابعة عشر من عمره، أما براعته المدهشة في العزف ظهرت قبل ذلك بكثير, خاصة في حفلات الكونسير، وعرف كمؤلف موسيقي ناضج في فيينا وباريس بعد بلوغه العشرين.
8- فيلكس مندلسون بارتولدي -1809-1847م:-
ألف القطع الموسيقية وهو دون العاشرة ، وفي الثانية عشرة من عمره كتب أول أوبرا له ، وبعد سنة صار يكتب بكل الأساليب الموسيقية بأستاذية ومهارة فائقة ونادرة.
9- جوهان براهمز-1833-1897م:-
ظهرت مهاراته الأدائية صغيراً وبدأ بالإبداع والتأليف الموسيقي بعد العاشرة من عمره، ولما بلغ الثالثة عشر كتب أغنية لصوت رجالي قدمه لجمعية أصوات الرجال، في سنة -1849- وفي حفل عام عزف من تأليفه فانتازيا على فالس شعبي، لكن أفضل عمل كتبه عام -1852- وهو السوناتا من مقام فاديـينر صغير.
10- شارل كاميل سانز-1835-1921م:-
ظهرت قدراته المبدعة في العزف وهو في سن الخامسة من عمره، وبعد هذا العمر أدى المعزوفات العالمية والغير عادية التي بهرت متلقي الموسيقى.
11- ويتشارد شتراوس -1864-1949م:-
بدأ التأليف الموسيقي في سن السادسة من عمره، ويقول مؤرخوا الموسيقى أن أعماله هذه مازالت مفقودة.
ـــــ
نلاحظ مما قدمناه من أمثلة أن هذا الإبداع في سن مبكرة يعد استثناءً وهذه حالات قد لا تتكرر كثيراً إلا نادراً ، والبعض يرجع هذا الإبداع إلى عوامل بيولوجية معينة ، والبعض أرجعها إلى الخبرة العملية مثل قدرات الإبداع في الفنون الأخرى والعلم ، ولكن تفسير ذلك إن الموسيقى تكمن في الماهية الباطنية للموسيقي، وطبيعة الموسيقى المجردة تجعل صيغها ومادتها بعيدة تماماً عن عالم المحسوسات ، ولا يوجد فن آخر يستمد مادته من نفسه ويعتمد في نموه وتطوره على الفنون الأخرى مثل الموسيقى.
لذا تمتاز الموسيقى عن كل الفنون بطابعها الشخصي، وتجربة الاستماع تفرض عزلة تامة عن أي انطباعات من العالم المادي وكأنه الفرد قد أحيط بسياج لا يمكن النفاذ منه حيث يتوه العقل في عالم الروح الأثيري.