منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1

    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا

    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا(1)
    (وظهرت أسماء نسائية غير قادرة على تركيب جملة خالية من أصوات السرير.) : سمير عطا الله
    الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله و أزواجه وصحابته .. سامح الله أخي الدكتور محمد السعيدي .. ثم سامح الله أخي الدكتور عبد العزيز قاسم.
    الأول تحدث عن الرواية .. والثاني أوصل إليّ ذلك الحديث عبر رسائل مجموعته البريدية .. مما دفعني لقراءة رواية الأستاذ يوسف المحيميد – والذي كان طرفا في الحوار – قبل أن أشرع في الكتابة .. والرواية التي قرأت،,جعلت بعضها جزء من العنوان الذي اخترته هي (الحمام لا يطير في بريدة)،وقد حاولت الحصول على نسخة ورقية من الرواية فلم أجدها في المدينة المنورة،ما جعلني أقرأها عبر نسخة إلكترونية.
    الواقع أن الكتابة عن الرواية أمر محفوف بالمخاطر .. أو لنقل أن الرواية تشكل (معضلة) .. فالصمت عنها قد يكون صمتا عن وسيلة تروج للباطل أو الفواحش .. والحديث عنها يؤدي إلى الاستشهاد ببعض ما تُشحن به الروايات - خصوصا الحديثة منها – من عبارات الجنس .. ووقائعه .. وقبل ذلك العبارات التي تسخر من الدين ونصوصه،إذا غضضت النظر عن السخرية من المتدينين لكونهم غير معصومين.
    قبل الغوص في الحديث عن الرواية .. أنقل طرفا من رأي الدكتور (السعيدي)،ورد الروائي الأستاذ (المحيميد).
    جاء في صحيفة "الشرق":
    (رغم تأكيد أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى في مكة المكرمة الدكتور محمد السعيدي، على أن الرواية تقدم رسالة سامية، إلا أنه شدد على أن الكاتب الروائي «آثم» على حبكته الشخصية الخيالية في الرواية المكتوبة بنزعة شريرة، أو تفننه في الخوض بمشاهد الرذيلة دون ذمّ لها أو انتقاد جوانب الشر الكامنة في حبكة الشخصية أو سقوطها في مشاهد الفسق.
    وقال في حديث لـ«الشرق»: عندما يقدم الروائي الشخصية السيئة في سياق درامي يرفع من شأنها ويجعل القراء يتعاطفون معها فإنه «آثم» على ذلك، لأن تصرفه هذا عبارة عن تزيين للباطل، وإذاعة للشر.){نقلا عن : رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية الرسالة رقم(2578)}.
    وهذا الرد الروائي :
    (من جانبه، رفض الروائي يوسف المحيميد محاسبة الروائي على الشخصيات، واعتباره مرتكباً لإثم أو ذنب يستوجب عليه التوبة والاستغفار مما كتبه. وقال: الروائي مبدع وليس مفكراً، وحينما يكتب المفكر وجهة نظر فكرية عن المجتمع فهي تمثله، لكن عندما أكتب الرواية لا تعنيني حتى لو رسمت أنا الكاتب شخصية جريئة أو متحررة أو رجلا ثائرا أو إرهابيا، ومن غير المقبول محاكمة الروائي على شخصياته، والتفكير في محاكمته، مستشهداً بشخصية القاتل الذي يتلذذ بالقتل في الرواية، فهذا لا يعني أن الكاتب السارد المستقل يتلذذ بالقتل.(..) وأشار المحيميد إلى أن الروائي يقدم عملا تخيليا وليس حقيقة مطلقة، ويحاول أن يكتب الواقع، لكن ليس هو الواقع تماما، لكنه يصنع واقعه الخاص، وهو واقع موازٍ لواقعنا، وما يقدم من أحداث ليست بالضرورة الوقائع التي حدثت في المجتمع،){نقلا عن : رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية الرسالة رقم(2578)}.
    معلوم أن الرواية أنزلت الشعر عن عرشه،لتكون هي (ديوان العرب) – حسب تعبير أحد الكتاب – هذا بالنسبة للعرب،أما على مستوى العالم فقد أمسكت الروية بتلابيب القراء،لتكون هي الفن الأقرب إلى النفوس .. الباحثة عن التسلية.
    في الوقت الذي يتسلى فيه القارئ ويسلم عقله للروائي ليروح عنه .. يقوم الروائي بعمله في إعادة برمجة العقل،قد لا تخلو هذه العبارة من المبالغة،ولكنني أنظر إلى الرواية بصفتها شقيقة للنكتة .. وشريكتها في تغيير الأفكار في غفلة من المتلقي،الباحث عن التسلية أو الضحك،وقد كتبت عن النكتة تحت عنوان (النكتة بين الإضحاك وتغيير الأفكار)، والكلمة موجودة على الشبكة العنكبوتية.
    تحدثنا الإيرانية آذر نفيسي عن الرواية .. ضمن رواية .. فتقول :
    (سألت طلبتي : "ما الذي يمكن أن تحققه الرواية باعتقادكم؟ولماذا على المرء أن يتعب نفسه بقراءة الروايات أصلا؟"(..) وبينتُ لهم أننا في هذا الفصل الدراسي سندرس ونناقش الكثير من الكتاب الذين يختلفون عن بعضهم البعض،لكن الصفة التي يشترك بها جميع هؤلاء الكتاب هي صفة"الزعزعة"أو"التهديم"){ص 160 (أن تقرأ لوليتا في طهران ) / آذر نفيسي / ترجمة : ريم كبة / منشورات الجمل}.
    هذا التهديم وتلك الزعزعة يتمان – غالبا – والقارئ في غفلة ... كما ذكرت من قبل.
    يحدثنا بيجوفيتش عن زاوي أخرى من زوايا الرواية .. فيقول :
    (لكي نتعرف إلى شعب أو عصر معين،لا يكفي تماما أن نقرأ تاريخه المكتوب. حتى تاريخ فرنسا ذو العشرة أجزاء،لن يقدم لنا صورة واضحة عن حياة المجتمع الفرنسي بدون روايات"بلزاك". معه فقط نستطيع القول بأننا نعرف حياة المجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر. التاريخ يخبرنا عن الأحداث والروايات،والقصائد والملاحم والقصص والأساطير،والخرافات تحدثنا عن حياة الإنسان - الفرد،أي عما كان موجودا.(..) لا أستطيع أن أقول بأني أعرف ذلك الشعب،إذا عرفت تشريعاته وثقافته،على أن أعرف كيف الفرد في بيته،وكيف تصرف مع زوجته وأولاده،وخدمه والسلطات){ص 115 – 116 (هروبي إلى الحرية ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة / دمشق / دار الفكر}.
    كأني بالمكتب يتحدث عن روائي يصور الواقع كما هو .. وهذا ما لا يدعيه الروائي نفسه .. وكأني بـ"بيحوفيتشس"وقد نسي كلامه السابق،حين قال :
    (.. المثال المضاد يمكن إيراده عن"إيفوآنديتش"والذي يروى عنه أنه وصف بشكل غير حقيقي نزع الملكية للأرض من أجل بناء"جسر على نهر درينا"وفقا لرواية "آندريتش"كان ذلك استيلاء عنيفا على الأرض،بدون تعويض أو اتفاق تم انتزاعه بالقوة. ولذلك فإن المؤرخ "عثمان سوكولوفيتش"وجد وثائق في أرشيف المحاكم ونشرها،مما يمكن أن نلاحظ من خلاله،كيف كان يتنازل ملاك الأرض واحدا تلو الآخر في مكتب المحكمة التركي،وكيف يوثق استلام الثمن عن كل قطعة أرض مستملكة.){ص 58 – 59 (هروبي إلى الحرية)}.
    الإشارة هنا إلى رواية – كانت – مشهورة جدا .. وهي رواية (نهر على جسر درينا) .. والتي ترجمها سامي الدروبي .. وحصل بها مؤلفها على جائزة (نوبل) سنة 1961 ... يا ترى كمن من القراء – حول العالم – تلقى معلومة خاطئة عبر هذه الرواية ذائعة الصيت؟! وكم من القراء صحح معلوماته بعد أن قرأ للمؤرخ"عثمان سوكولوفيتش"؟!!
    ولا يتوقف الأمر عند رواية واحدة .. ولكنه يتكرر خصوصا في الروايات التي تصور توحش المسلمين الأتراك .. ومنها رواية نسيت اسمها،مكتوبة بطريقة فنية رائعة .. لليوناني نيكوس كازانتزاكيس .. ولا غيره صاحب (المسيح يصلب من جديد) .. ويمكننا ببساطة تصور الأثر الذي ستتركه على القراء .. الباحثين عن التسلية .. وربما – مثل بيجوفيتش – الباحثين عن التاريخ غير المباشر.
    من هناك .. إلى هنا ..
    يحدثنا الراوي عن (فهد) – وهو من أم أردنية - بطل رواية (الحمام ..) وهو مع عشيقته / صديقته (ثريا)،وهو في سن ولدها الكبير .. يقول عن "فهد": (سرق نظرة سريعة نحوها وجدها تحدق فيه بنهم! فسألته : "تتزوج أردنية ولاّ سورية؟"فيضحك بقوة،ثم تعرض عليها {هكذا } أن تزوجه ابنتها في الصف الثاني ثانوي){ص 152 (الحمام لا يطير في بريدة ) / يوسف المحيميد / المركز الثقافي العربي / الطبعة الرابعة}.
    على كثرة ما قرأت من الروايات لم أقف على من تحدث عن إقامة علاقة محرمة مع أم الحبيبة أو الزوجة،سوى هذه الإشارة والتي ذكرتني مباشرة بنجيب محفوظ،والذي لم يكتف بإشارة عابرة .. بل جعل بطله (ياسين) وهو ابن السيد أحمد عبد الجواد،يذهب إلى جارتهم الأرملة ( السيت بهيجة) ليخطب لنفسه ابنتها(مريم) ... فوجدها بمفردها ومعها شغالتها فقط .. ولم يخرج من عندها إلى بعد أن وعدته بأن تحضر إلى بيته ... وعبر الصفحات من 123 حتى 133 يتمدد حديث عن تلك العلاقة،والتي تنتهي بملل (ياسين) من عشيقته،فعاد وخطب البنت – زعم أنه قابلها صدفة فسألته لماذا لم يحضر ليخطبها – وهنا (تصفعه) الأم ... وتشتمه هو وأبوه – والذي كان على علاقة بها في حياة زوجها – ثم يتزوج البنت .. وفي خضم الكر والفر بين ياسين وبهيجة،وهو يجس نبضها ... يطلق نجيب محفوظ .. عفوا أقصد ياسين أحمد عبد الجواد .. هذا الحكم :
    (ليرحم الله من يحسنون الظن بالنساء،لا يمكن أن يكون في رأس هذه المرأة عقل،جارة العمر ولا تعرفها إلا اليوم؟ .. مجنونة .. مراهقة في الخمسين){ص 132( قصر الشوق) / نجيب محفوظ}.
    هل يستطيع أحد بعد قرن أو قرنين أن يقرأ تاريخ مصر أو تاريخ السعودية عبر (الرواية) التي تختلق الشخصيات .. والأحداث .. وتشيع الفواحش .. ثم يُقال لنا .. هذا فن وخيال .. وحياة (موازية)!!
    في الحلقة القادمة نغوص في رواية الأستاذ يوسف المحيميد .. إذا أذن الله.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة

  2. #2
    استمتعت حتى النخاع , أشكرك أستاذنا الغالي , مع أغلى التحايا

  3. #3
    مرورك أسعدني أستاذ غالب ونستمر

  4. #4
    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا(2)
    وعدنا في ختام الحلقة الماضية بالغوص في رواية الأستاذ يوسف المحيميد،وهانحن نسعى لذلك .. ولكن قبل كل شيء .. الغوص في رواية حديثة .. يشبه تشريح (جثة) وعليه فإن من يتابع القراءة عليه أن يفعل ذلك على مسؤوليته الشخصية .. فلابد عند تشريح الجثث من كشف شيء ما كان ينبغي أن يكشف .. هنا أيضا سوف نضطر للاستشهاد ببعض ما جاء في الرواية من عبارات قد تخدش الحياء.
    بعد هذا التنبيه .. والتحذير .. نبدأ بهذا السؤال :ما الذي تفعله بنا الرواية؟
    إنها ببساطة - أرجو ألا تكون مخلة – تقوم بتخديرنا بمجموعة من الألاعيب والملهيات .. ثم تمرر الأفكار .. قبل أن نضرب بعض الأمثلة من الرواية التي بين أيدنا .. نعود للإشارة إلى جزء من حديث الأستاذ(المحيميد) لصحيفة (الشرق)،قال وهو يرد على الدكتور محمد السعيدي :
    (الروائي مبدع وليس مفكراً، وحينما يكتب المفكر وجهة نظر فكرية عن المجتمع فهي تمثله).
    هذا التفريق بين المفكر والمبدع،ينتج عنه التالي :
    أنت تستطيع أن تناقش المفكر .. بالعقل .. ولكنك لا تستطيع أن تناقش المبدع .. بالعقل ..
    كمثال .. جاء في الرواية أن وزارة الصحة ألزمت منسوباتها بارتداء زي محتشم .. بغض النظر عن مكانة الاحتشام في الإسلام،وفي قيم المجتمع .. فإن الراوية اعتبرت أن القرار أراد دفع التحرش عن النساء .. وهنا يعترض (فهد) بطل الرواية ويرى أن الوزارة لو قامت بوضع ( قوانين صارمة ضد من يتحرش بالنساء،تصل إلى السجن لسنوات،لتردد هذا البدوي ألف مرة قبل أن يشهر سهمه نحوها){ص 59 – 60 (الحمام لا يطير في بريدة) /يوسف المحيميد / المركز الثقافي العربي / الطبعة الرابعة /2011}.
    في حالة المبدع علينا أن نقرأ في صمت .. ونتسلى .. أما في حالة المفكر .. فكان لنا – مثلا – أن نجادله بقرار السيدة ميشيل اندريه وزيرة الدولة لحقوق المرأة في فرنسا .. والتي قررت إصدار قانون مفاده أن (الرجال الذين يواصلون مضايقة زميلاتهم لأسباب جنسية قد يواجهون عقوبة السجن لمدة عامين أو دفع غرامة قدرها 2000 فرنك"350 دولارا"){ جريدة الشرق الأوسط العدد 4190 في 24/10/1410هـ = 19/5/1990}.
    ويمكن الاستشهاد بأمثلة أخرى لقوانين صارمة في الغرب،لم توقف التحرش بالنساء – مع عدم معاناة الرجال هناك من الكبت الذي جاء ذكره في الرواية – الغربيات ..
    هذا الجدل أو الحوار يمكن أن يجرى مع (مفكر) .. ولكن (الرواية) تسلب القارئ ذلك الحق.
    نعود إلى الحديث عن الطريقة التي تتلاعب بها الراوية بعقولنا ... ونمثل لذلك بالتالي :
    بينما كانت (طرفة) مع حبيبها (فهد) بطل الرواية في أحد المقاهي .. إذا بهيئة الأمر بالمعروف تنقض عليهما .. وتذهب بكل واحد منهما في سيارة .. (كانت طرفة تفكر بصمت يشبه الغيبوبة،ماذا سيفعلان بي؟تتخيل كيف يناولهما الدفتر الكبير الذي زينت في إحدى ورقاته بصمة إبهامها،ليقوع الحارس بالقلم متسلما الغنيمة،ثم ينزلونها إلى البوابة حيث الحارسة الضخمة التي تتسلمها من معصمها الرقيق،وتيسر بها إلى موظفة سمراء تسجل معلوماتها وتحفظ ملفها،ثم تتسلم منها كل أغراضها الشخصية،وحقيبة اليد الصغيرة ذات الفرسان المهزومين،وكيس الوردة الحمراء،وهاتفها المحمول الذي يزدحم برسائل اللهفة،ووسائط متنوعة كانت تتسلمها من صديقتها ندى،وفطوم،أو طمطم كما تخزن اسمها في دفتر الأرقام بهاتفها المحمول،ثم تقودها الموظفة إلى غرفة التفتيش الذاتي،وتطلب منها أن تخلع ملابسها،فترفض،وتقول لها ببرود سجانة متأففة : اخلعي بنفسك حتى أفتشك وحدي،أو أجيب الحارسات يفتشونك معي بالقوة. ثم تخلع طرفة تنورتها وهي تبكي بحسرة،وبلوزتها أيضا،حتى تصبح عارية تماما وتفتح ساقيها قليلا،كي تتأكد الموظفة أنها لا تخبئ شيئا هناك،لترمي نحوها قميصا خاصا بالنزيلات،وتحفظ ملابسها وأغراضها في كيس تسجل عليه الرقم 201،وترمي به في نزق مع لفائف كثيرة،لتموت طرفة إلى الأبد،ويصبح اسمها : النزيلة 201،وتتحول إلى مجرد رقم صغير في غابة فوضى!
    هكذا بقيت طرفة تتخيل مرعوبة في المقعد الخلفي ،قبل أن تتوقف السيارة الصغيرة داخل موقف في مبنى الهيئة كي ينزل السائق الصامت بغضب،ويقودها إلى مكتب شبه فارغ،لا يوجد فيه سوى طاولة وكرسي.بلا تلفون أو أوراق أو ملفات. يغلق الباب ،ثم يقفله،فتبقى ذاهلة تتأمل الجدران والسقف وتبكي){ص 28 - 29 (الحمام لا يطير في بريدة) }.
    من المؤكد أن الغضب سوف يجتاح من يقرأ هذه المعاملة التي عوملت بها (طرفة)،ولكن السؤال :
    ما الذي حدث لها فعلا أو كيف تصرفت معها الهيئة؟
    على القارئ الباحث عن الإجابة أن ينتظر من الصفحة 29، حتى يصل – عبر قصص لا تنتهي،وحياة كاملة لوالد البطل – إلى الصفحة 349 .. وهل سيحصل على إجابة ؟ للأسف لا. بل سيحصل على مزيد من الشحن .. والتخيل .. (اللعنة،ما الذي يحدث؟ كأنما هم يريدون مقتل طرفة ببساطة،وبدم بارد،تخيلت الأم كيف يأني عبد الله بهدوء القتلة،يأخذها بسماحة ويسر وحب،يعيدها إلى البيت،ولا يفتح معها أي موضوع،وكأنه لا يكترث،ثم يأخذها ليعتذر لأنه رفض دراستها في أكاديمية تمريض،ويخبرها بأن زميله سيوفر لها قبولا سريعا لدراسة التمريض،,في الطريق يدخل قبو عمارة مظلم،ثم ينحرها بسكين ضخمة ورهيفة،ويضع جثتها داخل كيس أسود،ثم يحملها على كتفه،ويرمي بها في صندوق النفاية الأصفر الضخم){ص 349 }.
    إذا .. ما ذا فعلت الهيئة بتلك المسكينة؟
    ببساطة وقعت أو بصمت على تعهد،ثم حضر أخوها الصغير "أيمن" وأخذها :
    (كم أبكاها موقف أيمن حينما بكى أمامها وهو يردد"هذي آخر ثقتي فيك يا طرفة"؟ وأضاف "أنا الوحيد اللي يحترمك ويقضي أغراضك وطلباتك،تحطيني في ها الموقف؟" فما ملكت طرفة إلا أن جذبت رأسه وقبلته مرتين،رغم أنه أصغر منها بسنوات،وهي تعتذر منه وأنه لا يستحق أن تخدعه (..) كان رنين جواله لم يتوقف منذ بلغت الساعة الواحدة ظهرا،ثم أجاب أمه بأنه تأخر على طرفة بسبب تعطيل دكتور لهم في الجامعة،وأن طرفة اتصلت به مرارا من الأكاديمية،وحين سألت الأم : "أرسل لها عبد الله طيب؟صاح مقاطعا ""لا،خلاص أنا عند باب الأكاديمية،دقائق ونكون في البيت!"){ص 351 }.
    فقط – أو بس بالعامية – صحيح أن أربعة ساعات – تفريبا – قضتها "طرفة"في حوزة الهيئة لست شيئا هينا .. ولكن هذه هي النهاية .. بصمة أصبع .. وتقبيل رأس أخ يكذب على أمه من أجل ستر أخته .. بعد أن اكتفت الهيئة ببصمة أصبعها لتستر عليها.
    مثال آخر .. ولكنه هذه المرة ضمن سلسلة .. من الإساءة للنساء – والتي تذكرنا بالحكم الذي أطلقه أحد أبطال نجيب محفوظ على جنس النساء ..لأن امرأة {غير موجودة إلا في خيال الكاتب} خمسينية ارتكبت خطيئة – من وجهة نظرنا على الأقل. ربما نعود للحديث عن تلك الإساءات في موضع آخر .. ولكننا نكتفي هنا بما جاء في الرواية عند تقدم "عم فهد"ليخطب أرملة أخيه وسها أم فهد .. أولا كذب على أمه وأخبرها أن عمه كان يسأل عن السيارة هل ستباع أم لا.. وفي مرة تالية أخبر أمه بسبب زيارة العم.
    (بدأ يحكي لها ما كانا يدبران {عمه وخاله} وكيف أصبح الستر عليها واجبا شرعيا كما لو كانا يشهدان على علاقات سرية تربطها برجال غرباء،كأنما أحد قال إنه يرى رجالا يدخلون منزل الأرملة وقت الظهيرة حينما يكون طفلاها في مدرستهما!ران عليها صمت طويل ومهيب،كما لو كانت تسترجع تاريخها أو حوادثها،كانت تفكر بشرود أثار ابنها فهدا كثيرا،وبدت وساوس تحيط بقلبه وتلكزه كحمار واقف لا يتحرك"هل كان ثمة شيء يربطها برجل آخر غير أبي؟ هل كانت حزينة وصامتة في السنوات الأخيرة لأنها تعيش تناقضا حادا بين أبي وبين الآخر؟ هل يعقل أن يكون عمي إمام المسجد قد علق بقلبها وعلقت بقلبه قبل سنوات،حين أقمنا في منزلهم في بريدة،هاربين من جنون الحرب؟"
    رفع فهد رأسه إلى السقف :"لا،أعوذ بالله من الشك والظن"
    بكت سها فجأة بعد دقيقة صمت وشرود،وهي تلومهم كيف يفكرون بذلك وتربة زوجها لم تجف ..){ص 75 - 76}.
    لا يتعلق الأمر فقط بأن طرح تلك الأفكار والوساوس،يكفي لإثارة الأفكار والوساوس لدى القراء .. ولا يتعلق الأمر أيضا بأن (سها) تزوجت العم في النهاية .. بل يتعلق الأمر بقضية أخرى لافتة للنظر .. وهي علاقة (فهد) بـ(ثريا) وهي امرأة متزوجة .. و(أم) .. وقد ألحت الرواية بشكل عجيب على تأكيد أمومتها!!
    جاء في الرواية :
    (وعطرها يغمر أنفه وروحه،وروحها الشابة ترفرف بعشق تلك التي لو لم تقل أنها أم لستة،وأن أكبرهم في عمره تقريبا، ولولا صوتها المتهدج قليلا،لما استطاع أن يخمن أن عمرها في نهاية الثلاثينات،تزوجت وهي صغيرة ){ص 141}
    كتبت "ثريا"لـ"فهد"على خلفية بطاقة :
    (أحبك يا فهد،لكن أخشى ترفض حبي لك وجنوني بك،لأنني أكبر منك،يمكن بعمر أمك!){ص 143}.
    وبعد أن أنهى معها مكالمة تحاول فيها أن تقابله،بينما حاول هو أن يتملص .. قال صديقه "سعيد":
    (مشكلة القروي إذا أحب عجوزا،يا عم هذي في مقام أمك!){ص 143}.
    يقول الراوي عن "ثريا" :
    (كانت في أواخر الثلاثينات،قالت إن أولادي جاءوا في زمن مبكر،تزوجت في السادسة عشرة،وها أنا معي ستة أكيرهم في الجامعة!يمكن في سنك أو أكبر){ص 145}.
    حتى السيدة"سها"تزوجت في نفس السن تقريبا!!
    تقول له"ثريا"و"فهد"طالب على كل حال وليس موظفا :
    (احتفظت ببطاقة العمل خاصتك في صدري،صحيح أنني وضعتها في حقيبتي اليدوية،لكنني حين مشيت وابتعدت أخرجتها دون أن يتبنه أطفالي ووضعتها في صدري،هل أردت أن أخفيها عن زوجي وولدي الأكبر الذي يفتش حقيبتي وجوالي دائما){ص 161}.
    أليس مريبا هذا الإلحاح على تذكير القارئ بأن(ثريا) أما؟!!
    لمن لم يقرأ الرواية ..تزوجت (أم فهد) من عمه .. وهنا نجد الرواية تستعمل عبارة سيئة .. أتحرج من إيرادها ... تقول الرواية عن "فهد" (كان عمه يحرض أمه المغلوبة على أمرها،وربما كان ذلك مقابل "؟؟؟"آخر الليل ويمتعها){ص 111}.
    في الحلقة القادمة .. نتحدث عن شيء آخر .. لا أعرف أنني قرأت قبل هذه الرواية،رواية ذكرتني بروايات أخرى .. نتحدث عن ذلك في الحلقة القادمة إذا أذن الله.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة

  5. #5
    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا(3)
    في مستهل هذه الحلقة،نشير إلى ما جاء في آخر صفحات الرواية،من معلومات عن أعمال الأستاذ يوسف المحيميد،وعليّ أن أعترف بأنني صدمت مرتين .. الصدمة الأولى سوف أتركها لوقتها – إن شاء الله – أما الصدمة الثانية فسأذكرها بعد سرد أعمال الروائي :
    ظهيرة لا مشاة لها (قصص) الرياض 1989م
    رجفة أثوابهم البيض (قصص) دار شرقيات – القاهرة 1993م
    لغط الموتى وقصص أخرى – اتحاد الكتاب العرب – دمشق 2000م
    لغط الموتى (رواية) – منشورات الجمل – كولونيا – ألمانيا 2003م
    فخاخ الرائحة (رواية ) رياض الريس للكتب والنشر – بيروت 2003 / طبعة 2 (2006م)
    القارورة (رواية) المركز الثقافي العربي – بيروت / الدار البيضاء 2004 ط 3 (2008م)
    أخي يفتش عن رامبو – قصص - المركز الثقافي العربي – بيروت / الدار البيضاء2005م
    نزهة الدلفين – رواية - رياض الريس للكتب والنشر – بيروت 2006م
    إذا فنحن أمام روائي متمرس،وله أعمال عديدة،لذلك صدمت أن أجد في روايته التي نناقشها (الحمام لا يطير في بريدة) أخطأ قد يتغاضى عنها لمبتدئ لا زال يتلمس طريقه .. ولا زال – مثل كل مبتدئ – غير قادر على صناعة عالمه الروائي بعيدا عن حياته الشخصية،أو قراءاته .
    أول خطئ .. جاء في آية كريمة .. وذلك حين احتج "فهد"على عنصرية"ثريا" فقالت : وقد كُتب الكلام بين هلالين – ولن أفعل ذلك - : وفضلنا بعضكم على بعض درجات .. واضافت"الله،رب العالمين قالها مو أنا"{ص156 (الحمام لا يطر ..}.
    لا توجد آية بهذا النص في القرآن الكريم.
    جاء في الرواية أيضا عند وصف طريقة تهريب جماعة (جهيمان) للسلاح إلى الحرم المكي الشريف،عند محاولتهم الاستيلاء عليه،وقد أدخلت الأسلحة على شكل نعوش للنساء .(لم يكن جثمان المرأة في الحرم المكي يغطى بعباءة مثلا كي لا يتبين جسدها أمام المصلين،بل توضع بنعش ذي غطاء خشبي مغلق،فقد كانت عائشة أول من استخدم هذا النعش المقبب){ص 45 (الحمام لا يطير ..}.
    ليس صحيحا أن أمنا عائشة رضي الله عنها هي أول من استخدمت النعش الذي يستر المرأة .. وإنما رأت سيدتنا أسماء بنت عميس أهل الحبشة يستعملون ذلك النوع من النعوش .. وقد اختلف في أول من استعمل لها ذلك النوع من النعوش،هل هي فاطمة الزهراء عليها السلام .. أم سيدتنا أسماء نفسها . إلخ. وليس بين الأسماء اسم أمنا عائشة رضي الله عنها.
    قلت في ختام الحلقة الماضي أن هذه الرواية ذكرتني بروايات أخرى .. والحقيقة أنها ذكرتني بكتاب آخر أيضا ..
    جاء في الرواية عند الحديث عن (سليمان السيفلاوي ) والد "فهد"بطل الرواية :
    (كان الحي الذي عاشت فيه عائلات جماعة السلفية المحتسبة في الحرة الشرقية بأطراف المدينة المنورة،مجرد بيوت ومبانٍ عشوائية،بينها ممرات صغيرة جدا،تشبه الزواريب التي لا تكاد تسمح بمرور شخصين اثنين معا في اللحظة ذاتها،بيوت مسلحة لكل منها ثلاثة أبواب،الباب الخلفي لأي منها يلتقي بالباب الخلفي للبيت الذي في ظهره،وهو الباب الذي تستخدمه النساء عادة للقاء والحديث الهامس وتبادل المنافع ومتطلبات الأكل،وهي الأبواب الخلفية التي هرب منها كثير من هؤلاء وقت مداهمتهم من قبل رجال الأمن قبيل احتلال الحرم. كان سليمان السيفلاوي مغامرا ومتهورا،وهو يعود ليلا إلى الحي المراقب بجرأة نادرة،كي يدخل من باب خلفي في طريق ضيق كالصراط،وينقذ حقيبته التي تحتوي على أوراقه الثبوتية،من تابعية وشهادة دراسية للابتدائية والمعهد،ثم يتسلل هاربا بينما المباحث والجنود يرابطون أمام الأبواب الرئيسة..){ص 191 (الحمام لا يطر .. }.
    هذا الوصف ذكرني بكتاب آخر .. فعدت له فوجدت التالي :
    (فكل بيت يه بابان أحدهما رئيسي للرجال غالبا،والآخر خلفي للنساء يفتح على الأبواب الخلفية لعدة بيوت،بحيث يأخذ النساء حريتهن في الزيارات المنزلية (..) وأنا كنت قد تسللت إلى بيت - جهيمان وكان تحت المراقبة والبيت خال في أوائل سنة 1399 هجرية - لاستعادة أوراقي الثبوتية من الباب الخلفي،وقبل ذلك بمدة وجيزة أخرجنا بعض كتب جهيمان من الباب الخلفي أيضا ،وكان معي عبد الله الحربي. كل ذلك والبابان الرئيسيان الواقعان على الشارع الرئيسي مراقبين،ولم ينتبه أحد إلى وجود باب آخر){ص 46 (أيام مع جهيمان : كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة) / ناصر الحزيمي / الشبكة العربية للأبحاث والنشر}
    لا يتوقف الأمر عند تشابه النصين السابقين .. ولكن الرواية – في هيكلها المتعلق بسليمان السيفلاوي – مسلوخة من كتاب الأستاذ (الحزيمي) .. قد يكون مؤلف الرواية استأذن من صاحب الايام .. ولكنه لم يخبرنا بذلك .. ونحن نتعامل مع النصوص التي أمامنا،وفيه صفحات تكاد أن تكون كاملة من كتاب الأستاذ(الحزيمي) إضافة إلا أن الاستاذ(المحيميد) التقط انبهار مؤلف الأيام عند رؤيته للشيخ (الألباني) والذي كان يقرأ له .. التقطها الروائي ليجعل "فهدا"ينبهر عندما رأى مطربا مشهورا – ذكر اسمه - أو نجمه المفضل .. كما انبهر والده عندما رأى نجمه المفضل!!!
    هذا هو الكتاب الذي ذكرتني به الرواية أما الرواية فقد جاء في رواية الأستاذ (المحيميد) ما يلي :
    (تذكرت حكاية شعبية قديمة في بريدة،سمعتها عندما كنت طفلا،عن نجار شاب تسكن معه أمه،في منزل ذي حوش فيه شجرة سدر ضخمة،تستند على حافة السور،ويستظل بها النجار الشاب طوال النهار يصنع الأبواب والنوافذ،حتى سئمت الأم من وجوده الدائم داخل البيت،الأمر الذي لا يسمح لها بمواعدة عشيقها،والاختلاء به،ففكرت مرارا بطريقة تجعل الابن يعمل خارج البيت،فجاءته ذات يوم بدهاء عجوز محنكة،تتململ وتشتكي بخجل من عصافير السدرة التي تكشف عورتها،وأن الحل للتخلص من هذه العصافير والطيور المتلصصة كلها هو قطع هذه الشجرة،فكان لها ما أرادت،وفقد ابنها الظل البارد،فخرج يعمل تحت شجرة بعيدة،وتخلصت من مرابطته في البيت،ليزورها عشيقها متى أرادت){ص 169 (الحمام لا يطير في بريدة)}
    إذا تجاوزنا كملة (المواعدة) التي تبدو أقرب إلى الترجمات التي نراها في الأفلام ،من اللغة العربية التي كان لها أن تستعمل (استقبال عشيقها)،فإنني أتذكر – كما تذكر الراوي – أنني قرأت القصة نفسها .. أين ؟
    (من أسطورة يرويها قمر الزمان لأبيه السلطان .. أن امرأة طلبت من زوجها .."أن يقطع الشجرة الوحيدة في وسط البلد مع أنها كانت شبه مقدسة .. بحجة أن عصفورا ذكرا يأتي إلى تلك الشجرة في ساعات وضوئها وعندما تكون غير متحفظة فينظر ذكر العصفور إلى ما لا يحل النظر إليه"){ ص 189 / رواية ( الرحيل : بين السهم والوتر) / حليم بركات}.
    من الروايات التي ذكرتني بها هذه الرواية رواية (السفينة) لجبرا إبراهيم جبرا،وذلك حين علقت سيارة "فهد"ومعه"طرفة"في مزرعة مهجورة بعد لقاء ... كأنني أمام بطلي (السفينة) وقد علقت سيارة "عصام"في مزرعة مهجورة ومعه "لمى"{ص 12 - 13 }.
    وأخيرا هناك إحدى روايات أحلام مستغانمي .. حين وقفت فتاة عارية تماما أمام الرسام فلم يرسم سوى أذنها وقرطها!! أما هنا فإننا نجد التالي :
    (قال لها مرة أنه يحلم أن يرسم لوحة كلها إبهام يضاهي إبهامها البديع){ص 176(الحمام لا يطير..}.
    مع أن الفارق بين الفكرتين مثل الفارق بين السماء والأرض،إلا أن هذه ذكرتني بتلك على كل حال.
    سبق أن أشرنا إلى معلومة خاطئة وردت في الرواية ،أي تلك المعلومة المتعلقة بأول من استخدم لها النعش المقبب،ولكنها بشكل عام معلومة خطؤها لا يضر .. ولكننا نجد خطأ آخر تمرره الرواية هكذا .. ولأنها ليست (فكرة) فلم يكن الراوي يستطيع – كما يبدو – أن يصحح معلومة خاطئة .. وأقصد قول الراقي الذي تسبب في موت "سها"أم"فهد"وقد قال الرجل – أو الشخصية الموازية – لـ"فهد":
    ( صار يشرح له أن الرسول كان يقرا ويضرب){ص 294 (الحمام لا يطير ..)}.
    معلومة أخرى جاءت في الرواية حول الرقية الشرعية على لسان "فهد" :
    (تخيلي أمي،في أي بلد خراب نعيش،فقبل أيام أقر مجلس الشورى ببساطة مناقشة تعريف حدود الضرب في الرقية الشرعية،أي أنه أقر بجواز الضرب){ص 313 (الحاما لا يطير ..}.
    لا أذكر أن مجلس الشورى ناقش القضية,ولا كنني وجدت – عبر "قوقل" – موضوعا تحت عنوان (حدود الضرب في الرقية الشرعية"سجال سعودي جديد)،والموضوع للأستاذ جمال خاشقي – منشور في موقع العربية – عزا فيه للدكتور عبد العزيز الصويغ – عبر مقالة منشورة في جريدة المدينة – انتقاده للغطاء الذي تقدمه لجنة الرقية الشرعية في أمارة جدة .. ومما جاء في المقالة :
    (أما علماؤنا الأفاضل،فيناقشون في الصحف "ما هي حدود الضرب في الرقية الشرعية"،فتخيلوا أعضاء مجلس الشورى مجتمعين للإجابة على هذا السؤال).
    إذا يطرح"المفكر"وجهة نظر،ثم أعقبها بافتراض ساخر .. فيلتقط "الروائي"تلك"القفشة"ويجعلها (واقعا)!!
    من المعلومات أيضا ما جاء في الرواية .. ونحن مع" أم فهد"أو أهلها :
    (وقت أن طرد الأردنيون و الفلسطينيون واليمنيون من السعودية){ص 63 (الحمام لا يطير ..}.
    المقصود ما حديث بعد كارثة احتلال العراق للكويت .. ولكن هل طُردت السعودية اليمنيين فعلا؟
    الذي نعرفه أن اليمنيين كانوا يعاملون معاملة خاصة،أي أن اليمني لا يحتاج إلى"كفيل"- وهم يستحقون تلك المعاملة الخاصة – ولكن حين وقفت حكومة اليمن مع صدام حسين،طلب من اليمنيين أن يختاروا بين المغادرة أو الحصول على كفيل،مثل غيرهم من بقية العرب والمسلمين ..فاختار كثيرون المغادرة، فهل يسمى هذا طردا؟!!
    هل نحن مرة أخرى أمام (نهر على جسر درينا)؟!!
    وعلى ذكر الرواية .. تحدثنا الرواية التي بين أيدينا عن سليمان السيفلاوي) وهو في سجنه .. وحين سمح لهم بالقراءة :
    (.. إذ تسلم روايات دوستويفسكي كلها "الجريمة والعقاب"و"الأبله"و"المراهق"و"الإخوة كازاماروف"حيث كانت تنقله إلى عالم آخربعيدا عن الصراعات المذهبية حول قضية ما .){ص 205 (الحمام لا يطر ...}.
    هكذا كتب اسم الرواية الشهيرة خطأ – ربما سبق "كيبورد"- كان لقراء مثلي لم يقرا روية "الإخوة كرامازوف"أن يظن فعلا أنها كما وصفتها الرواية هنا .. ولكنني – لحسن الحظ أو لسوئه – كنت قد قرأت شيئا عنها قبل زمن طويل،كما أنني كنت قريب عهد بقراءة(بيجوفيتش) والذي أذكر أنه تحدث عنها .. فعدت إليه فهمس لي :
    (إذا سألنا ما هي الموضوعية أو الأطروحة الرئيسية في رواية"الإخوة كرامازوف"فإن الجواب سيكون على النحو التالي : إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح. فعلى مدار ألف صفحة من هذا العمل المشهور فإن "دوستوييفسكي"يقلب هذه الأطروحة){ص 100 (هروبي إلى الحرية ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة / دمشق / دار الفكر }
    أصبحت لا حبذ الإطالة – بعد أن اكتشفت أن"النت"حول الناس من "قراء"إلى"متصفحين" – وقد أطلت أكثر مما ينبغي .. لذلك أترك بقية الحديث إلى الحلقة القادمة ... إذا أذن الله.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة

  6. #6
    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا(4)
    (الإساءة للنساء)
    قبل كل شيء .. من يقرأ هذه الحلقة فعلى مسؤوليته الخاصة .. فقد دعت الضرورة إلى الاستشهاد ببعض المشاهد الخادشة من الرواية.
    ضاقت علينا المساحة في الحلقة الماضية دون أن نذكر نقطة أخيرة مما نستطيع أن نسميه(عدم الجودة) في الرواية التي نتحاور معها (الحمام لا يطير في بريدة) للأستاذ يوسف المحيميد.
    الإشارة السابقة تتعلق بكون الرواية ذكرت أن"فهدا"التقى بـ"طرفة"مرتين .. وكل لقاء كان هو اللقاء الأول!!هذا الذي حصل.
    أولا حدثنا الرواية عن لقاء "فهد"بالفتاة التي تعرف عليها عبر المندى الفني الذي يشتركان فيه ..و في اللقاء الأول سألها :
    ("كيف تعرفين حارات الشمال،وأنت ساكنة في السويدي؟"ضحكت،وقالت أن أختها الكبرى أسماء تسميها "جوجل"حتى أصبح كل أقاربها يطلقون عليها"جوجل"أو"طرفة جو"){ص 179 (الحمام لا يطير ..}.
    ثم حدثتنا الرواية عن شوقه للقاء الأول .. وقد.. (تحمس لرؤية هذا الصوت الملائكي،,في مخيلته أن يذكي المقارنة بينهن،نهى وثريا وطرفة،فأي منهن الموناليزا خاصته؟){ص 181 ( الحمام لا يطير ..}.
    بعد هذه الأفكار- والحديث دائما عن"طرفة" - التقى بها لأول مرة .. (كانت تعرف المدينة جيدا،ربما جولاتها مع عشيقها السابق في المخططات السكنية الجديدة في شمال الرياض جعلتها تدرك الطرقات والأحياء الجديدة في المدينة،لكنها كانت تتردد أن تقوده إليها كي لا يكتشف مغامراتها،رغم أنه قال لها مرارا بأنه يحترم وضوحها وصدقها){ص 183 ( الحمام لا يطير ..}
    وهذا كما قلنا من (قلة الجودة) فيكف تحولت الفتاة من"طرفة جوجل"إلى فتاة تخفي معرفتها بالأحياء لكي لا يكتشف عشيقها الجديد – رغم أنه "منفتح" – جولاتها مع عشيقها القديم؟!!
    لقاءات العشاق هذه،والحديث المتكرر عن الفاحشة .. جعلني أفكر هكذا : ماذا لو أنني اقترحتُ على شخص من خارج البلد قراءة هذه الرواية،ثم أسأله عن الصورة التي تكونت لديه .. بطبيعة الحال لم أنفذ تلك الفكرة .. كما لم أتوقف كثيرا عند وصف الرواية لما يحدث في الأكاديمية الطبية التي تدرس فيها"طرفة"وهي تحدثنا عن بعض الشاذات وعن فتاتين ..(تدخلان الحمامات معا،حيث لا تخفي الجدران المكشوفة من الأعلى لهاث أنفاسهن الساخنة){ص 58 (الحمام لا يطير ..}.
    تجاوزت هذا الوصف لأنني أعلم أن كل مجتمع فيه بعض الشذوذ – وقد رسخته الفضائيات الإباحية المنتشرة – وأن مجتمعنا ليس ملائكيا .. ولكنني ما إن أكملت قراءة الرواية حتى تبين لي أن الرواية ألحت بشكل لافت للنظر على الشذوذ وعلى الرغبة الجسدية .. التي لا تستطيع ملابس الفتيات إخفاءها!!!
    مثل طرفة وهي في طريقها للقاء حبيبها :
    (أقبلت بجسدها الرقيق الذي لا تستطيع العباءة ستر شهوته){ص 208 (الحمام لا يطير ..}
    و هذا "فهد"يحدثنا عن صديقه"سعيد" .. (رغم أن فهد يعرف سعيدا جيدا،وقد خرجا معا مرارا،تسكعا في شارع التحلية وفي برج الفيصلية،طاردا فتيات لعوبات يسحبن الغواية خلفهن مثل كلب لاهث،كانا يلاحقان غوياتهن مسحورين كأطفال الطيور الملونة أو الفراشات،كانا مأخوذين بنظرة ساحرة خلف نقاب،بعينين مرسومتين بكحل وظل مجنون،بضحكات وتدافع بالأكتاف بينهن،ويتمايلن بغنج وشهوة،ويؤشرن نحوهما بخبث){ص 132 (الحمام لا يطير ..}.
    ويقول (حكيم زمانه) أيضا .. (كان سعيد يقول :إن البنت التي لا تخرج معك من المكالمة الثانية لا تستحق إضاعة الوقت عليها:"با أخي الحب بزنس"ثم يضيف جملته الشهرة :"هل تعتقد أن التاجر يضع ما له في مشروع قد يبقى شهرا كاملا بلا أرباح؟"فيضحك فهد وهو يجيب:"طبعا لا!"){ ص 133}.
    أما الشذوذ فإضافة إلى الحديث السابق عن الأكاديمية الطبية .. ومجتمع الطالبات .. فماذا عن الأسواق والأفراح؟
    تقول الرواية،عن"طرفة" .. (تحدثت عن العلاقات بين البنات،حيث يكون الزحام دائما على الحمامات في مناسبات الزواج،تجد كل صديقتين تدخلان معا إلى الحمام،لعشر دقائق أو أكثر،ثم تخرجان مبعثرتين،فتقفان على عجل أمام المرايا (..) حتى في الأسواق والمجمعات العامة،يذهبن جهة المصلى،,يدخلن غرف قياس الملابس التي يأخذنها من محلات الملابس الجاهزة،ثم تقضي الفتاة مع صديقتها بعض الوقت،ليخرجن دائخات وهن يلتحفن عباءاتهن،ويمشين بارتباك ظاهر.){ص 212 – 213 (الحمام لا يطير .. }.
    أولا : ما علاقة المصلى بالأمر؟!! وهل كل غرف قياس الملابس – وفي كل سوق – إلى جوار المصلى؟!!
    ثانيا : نرجو ألا يشغلهن الارتباك عن إعادة الملابس إلى أصحابها!!
    وماذا عن "الملتزمات"؟ تعطينا الراوية "أنموذجا"صحيح أنها طرزته بأن صاحبته "تدعي التدين"ولكن من يدقق؟
    "طرفة"ودائما تحكي لـ"فهد" .. (وتخبره عن ليلى التي كانت تدعي التدين،وتتصدر المجلس كالدراويش،وتتدخل في ملابس البنات،وكيف كشفت خيانتها،وكيف أنها وأختها علقتا على ليلى وهي تطوف أرجاء الاستراحة بحثا عن مكان معتم تتابع فيه مكالمتها السرية عبر الجوال،كانت أختي تشير نحوها بلؤم : "تستشير الداعية" ثم تطلق ضحكة عالية.){ص 214 (الحمام لا يطير ..}.
    أرجو ألا أكون قد ظلمت الرواية حين قلت أنها تتحدث عن الشذوذ بشكل لافت للنظر.
    هذا في الإطار العام أما في الإطار الخاص،أي بعض شخصيات الرواية .. فيمكننا تتبع كيف صورت الرواية صديقات بطلها"فهد"- هو الذي سماهن صديقات – لنبدأ بأصغرهن "نهى" .. (نهى صغيرة ولعوب،ليس فهد هو الأول ولا الأخير،ليس وحده فحسب،بل تجمع حولها رجالا تغسل بأصواتهم الخشنة ومشاغباتهم الموحية ليلها الطويل،أما أمها التي تحاول أن تغير قنوات الشوتايم كلما دخلت نهى عليها الغرفة،فهي وجلة جدا على بناتها){ص 136 (الحمام لا يطير ..}
    وهذه"اللعوب"دائما تحت رقابة أمها،ولا تخرج – إلى المشفى أو السوق - إلا تحت حراسة (جيش) من إخوانها ..( وأحيانا تقول لنفسها : "رائع أنها فعلت ذلك بي،وإلا لكنت ضاجعت العديد من الأصدقاء الذين عرفتهم،صحيح أنني ضاجعت ثلاثة منهم حتى الآن،ولكن في التلفون فحسب،لذلك لو أن أمي غفلت عني جزءا من اليوم،لفعلت الكثير .."){ص 138 (الحمام لا يطير ..}.
    أما الصديقة الأكبر سنا،والتي في مثل سن"أم فهد" أي "ثريا" .. (قالت إنها تحب الجنس،بل تعبده!){ص 147 (الحمام لا يطير ..}.
    لم يبق غير"طرفة" وهي .. (مهووسة بأشكال الإكسسوارات النسائية،وبالجنس أيضا){ص 13 (الحمام لا يطر ..}.
    قلنا من قبل أن الرواية ألحت بشكل (مريب) على "أمومة" (ثريا) ... كما رأينا تلك الأسطورة التي تسعى فيها "أم الشاب النجار"إلى قطع الشجرة لتلتقي بعشيقها .. ورأينا"فهدا"تراوده بعض الشكوك حين صمتت (أمه) عندما أخبرها أنها خُطبت .. ولعلكم لاحظتم العبارات التي استعملتها الرواية عن العم وخال (كما لو كانا يشهدان على علاقات سرية تربطها برجال غرباء،كأنما أحد قال إنه يرى رجالا يدخلون منزل الأرملة وقت الظهيرة).
    رجال .. رجال .. وليس"رجالا"!!
    إذا ما ذا عن أمهات صديقات "فهد"؟ بطبيعة الحال .. (ثريا) هي نفسها (أم) لستة من الأولاد .. أكبرهم في مثل سن"فهد"كما كررت الرواية لكي لا ننسى .. أما (أم نهى) فكما رأينا (تحاول أن تغيير قنوات الشوتايم) كلما دخلت عليها ابنتها.
    أما "أم طرفة"فهي حكاية أخرى .. لذلك حق لنا أن نقول:
    (فصل في طرفة وأمها .. بل وأسرتها)
    جانب المعاناة في شخصية "طرفة"يتمثل في أنها مضطهدة من قبل والديها – وحتى أصغر إخوانها – رغم أنها متفوقة وذكية،وماهرة .. ولا تحتاج إلى دروس خصوصية مثل أخواتها الباردات الغبيات – حسب وصف الرواية – وعندما وجدت أن هذه الأمور لا تكفي لتكرهها أسرتها تساءلت إن كانت أمها قد ارتكبت "الخطيئة" مع رجل غير والدها!!
    لم تستعذ "طرفة"من شيطان الوساوس،كما فعل"فهد"حين ووسوس له الشيطان في سلوك أمه ..
    "طرفة"بائسة .. تهان وتضرب حتى أن والدها لم يمسح يوما على رأسها .. (فقد تعلمت من أبيها وأمها أن المسح على الرأس عيب،حتى هذا يدخل في أمور التحرش ومناوشات البنات،ولو كان من الأب ذاته.){ص 223 (الحمام لا يطير ..}.
    ولكنها – أو الراوي – نسيت فعادت لتتحدث عن والدها .. (مع أنها لا تذكر أنه ضمها أو احتضنها أو مسح على رأسها،خلافا لعمها الذي يحبها كثيرا ويكيل لها المديح أمام أهلها،وحتى أمام بناته،ولا يتردد بأن يضمها كلما رآها ){ص 240 (الحمام لا يطير ..}.
    كيف يكون مسح الأب على رأس ابنته (تحرشا) و(ومناوشة) .. و(احتضان) عمها لها أمرا عاديا؟!!
    كما قلنا من قبل لم تستعذ "طرفة"من شيطان الوساوس .. بل .. (تشعر في لحظات كثيرة وهي صغيرة،أنها ليست ابنتهم،وأنها في العائلة الخطأ (..) بل حتى سمرتها بجانب أخواتها الأربع البيضاوات،تجعلها تشك بالأمر كثيرا،وحين كبرت ورحل أبوها كانت تسأل : "هل سوتها أمي مع أحد ثاني؟"){ص 238 (الحمام لا يطير ..}.
    ليس هذا فقط بل تلتفت إلى أبيها .. وليس من باب الوساوس و"القرائن" بل إن الأب الذي كان .. ( حنونا وضحوكا مع بنات أخيه،كم تحترق طرفة حين تراه يضحك مع ابنة عمها مها){ص 224 ( الحمام لا يطير ..} .. والذي لم يكن يحب زوجته ..(حتى أنها صرحت لها ذات صباح بعد أشهر من وفاته،بأنه كان يخونها،وأن القبيحة التي يخونها لأجلها،حملت منه ذات مرة){ص 239 ( الحمام لا يطير ..}.
    بقي من هذا الفصل أن نشير إلى زاوية أخرى أبرزتها الرواية .. وعلينا أن نلملم أطراف الصورة ..
    "طرفة"فتاة متمردة .. قيادية .. حين قالت لها مديرة مدرستها :
    يا بنت الكلب،ردت عليها (أنت بنت الكلب){ص 219 (الحمام لا يطير.. }... "طرفة" لم تطع أخاها الأكبر .. وأمها .. ( أمها وأخاها الأكبر عبد الله حاولا من قبل أن يلبسانها القفازات السوداء كي لا يرى الرجال عورة يديها،ولكنها قاومت ورفضت.){ص 183 "الحمام لا يطير ..}.
    هذه "المتمردة"تقول لنا الرواية أنها حين تزوجت .. وقد عبرت الرواية عن العلاقة الخاصة بين الزوجين .. بـ"الحرث" ..
    (مرتين كل يوم و يمطر (..) حتى أحبته وبدأت تتحول تدريجيا،تلبس ما يريد،تضع عباءتها فوق رأسها،وليس على كتفيها،حتى لا تظهر ثمرات (..) تستبدل نقابها بغطاء كامل للوجه،حتى لا تكون عيناها الجميلتان مطمعا لضعاف القلوب،وبعد شهر من العلاقة الدافئة،ودون أن يطلب منها شيئا،أو يقترح عليها،جلبت قفازين أسودين وحشرت يديها داخلهما كلما خرجت من البيت){ص 263 (الحمام لا يطير ..}.
    ماذا تريد الراوية أن تقول؟
    في ختام هذه الحلقة نعود إلى الافتراض الذي أشرنا إليه من قبل .. ماذا لو أن إنسانا لم بعرف شيئا عن البلد .. قرأ هذه الرواية بصفتها عملا فنيا يرسم ملامح الحياة الاجتماعية .. يا ترى بأي تصور سوف يخرج؟
    هل نقول ربما يخرج بتصور يشبه ما جاء في الرواية عن مدينة بريدة .. ( المدينة الصامتة،المدينة المخاتلة التي تنام على شهوة ودعارة وتصحو على صلاة الفجر){ص 306 ( الحمام لا يطير ..}.
    في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله .. نتحدث عن (الدين) أو نصوصه في الرواية.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة.

  7. #7
    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا (5)
    في هذه الحلقة نحاول أن ننظر إلى الطريقة التي أورد بها الروائي الأستاذ يوسف المحيميد بعض النصوص الدينية في روايته التي بين أيدينا (الحمام لا يطير في بريدة).
    سنرى في البداية كيف وظفت الرواية قضية تكاد أن تكون مسلمة لدى الناس،وكيف أدخل ضمنها نصا لحديث شريف صحيح.
    الحديث هنا عن (عم فهد)وزوج أمه فيما بعد .. والذي تقول لنا الرواية أنه يتاجر بالدين .. ويذهب على نفقة الوزارة للدعوة إلى الله،بينما يقوم بصفقات تجارية .. ويتزوج (من شرق آسيا وأوربا الشرقية أو قرى الهند الفقيرة ){ص 90 (الحمام لا يطير ..}.
    ثم تخبرنا الرواية أن (العم) يقوم بتعليم زوجاته الصغيرات .. فيعلم إحداهن .. كيف .. وكيف ..( وتردد دعاء المضاجعة :
    "بسم الله اللهم جنبنا الشيطان،وجنب الشيطان ما رزقتنا"){ص 90 – 91 (الحمام لا يطير ..}.
    ويضيف .. (ويعلمها طريقة الوضوء ،فيستمتع وهو يقودها إلى كيفية غسل ؟؟؟){ص 91 (الحمام لا يطير ..}.
    يبدو أن الانفعال جعل الروائي ينسى أن مس(؟؟ ) من نواقض الوضوء .. وليس من الوضوء!!
    إذا : ما العلاقة بين سلوك خاطئ،وبين حديث صحيح؟!!
    وهذا السؤال سوف ينقلنا إلى (عبارة) استعملتها الرواية .. وذلك حين وجد (العم) "فهدا"وأخته"لولوة"يلعبان منفردين في غرفة .. صرخ على الأم .. (- كيف تتركينهم مع بعض،والمصطفى يقول فرقوا بينهم بالمضاجع.
    - يا ابن الحلال مانامو مع بعض ،النوم كل واحد بغرفته.
    - ولو،مراهقين وما يتركون منفردين مع بعض ){ص 105 (الحمام لا يطير ..}.
    قطعا هو المصطفى صلّ الله عليه وسلم .. والسؤال عن سر استعمال هذا الاسم تحديدا يبدو وجيها،في ظل سيل من السخرية من الدين .. فالرواية تحدثنا عن عائلة متدينة .. (من شدة الوسوسة والهرطقة يغسلون الديك عن الجنابة حين ينكح الدجاج كي يتطهر){ص 31 (الحمام لا يطير ..}.
    (هرطقة) ؟!! هذه أظنها شقيقة (مواعدة)!!
    الرواية أيضا تحدثنا عن باب(فاسق) .. أما سبب فسقه فهو أنينه الذي يشبه الغناء .. وقد تم تحذير صاحب الباب – وهو جد بطل الرواية – من (فسق) بابه .. فعالج ذلك الأنين .. ولكن .. (بعد سنوات،أهمل الجد معالجة بابه الفاسق،مر ثلاثة منهم يحملون عصي الشوحط على السفيلاوي،ودقوا بابه،منكرين عليه أنين الباب الخشبي الضخم،الذي حين ينفتح،يصحو كل من في المريدسية،وهو صوت منكر يتوجب إنكاره وإيقافه،وإلا فإن الله سبحانه وتعالى سيصب رصاصا حارقا في أذني الجد علي يوم الحساب.){ص 318 ( الحمام لا يطير ..}.
    إنه الإلحاح على فكرة إدخال النصوص الشرعية داخل عمل إما مستهجن – مثل المتاجرة بالدين والخداع – أو ضمن السخرية من صوت طبيعي لباب مسكين .. وهو مسكين لأن أنين (السواني) أقرب إلى الغناء و (الموسيقى)،ولكنه حظ الباب العاثر!!
    من غناء الباب إلى زاوية أخرى .. يتحدث "فهد"عن عمه ..( سيأتي بملامح الموت معه،ستموت فيروز،وسيختنق صوتها تماما،ويحضر بدلا عنها الشيخ الحذيفي يتلو سورة الكهف. ستختفي القهوة التركية وتتلاشى رائحتها أمام القهوة العربية ..){ص 64 ( الحمام لا يطير ..}.
    إذا فهما كفتان في إحداهما (الشيخ الحذيفي – يقرأ سورة الكهف – والقهوة العربية)،وفي الكفة الثانية (فيروز والقهوة التركية) .. وكأن الروائي – دون أن يشعر – يقدم حجة للقائلين بأن الغناء والقرآن لا يجتمعان!! خصوصا حين لا يقدم أنموذجا وسطا .. يشرب صاحبه القهوة العربية في وقتها والقهوة التركية في وقتها .. مستحيل إما هذه أو تلك!!
    بل تنظر الرواية أو بطلها أن الأمر يصل إلى (التدمير) .. مع أن القضية لا تتجاوز تغير رنة جول .. (تفاجأ فهد لأن لولوة وضعت لجوالها بدلا من الرنين دعاء بصوت خاشع : "اللهم إنا عبيدك،بنو عبيدك،بنو إمائك،نواصينا بيدك،ماضٍ فينا حكمك،عدل فينا قضاؤك،نسألك بكل اسم لك"صمتت لوهلة،وقالت بأدب : "هذا شي يخصني،الدعاء راحة وقرب من الرب سبحانه وتعالى (..) أزعجه انسياقها خلف العم : "ضحك عليكم ودمركم،وخرب كل علاقة حب ودفء زرعها أبوي"){ص 265 ( الحمام لا يطير ..}.
    لو كنا نحاور (مفكرا) لا (مبدعا) لسألنا : الدفء لا يمكن أن يوجد إلا مع فيروز والقهوة التركية .. ويستحيل مع (اللهم إنا عبيدك،بنو عبيك ..)؟!!!
    ومن القرآن الكريم إلى الصلاة .. تلح الرواية على تقديم الصلاة في خلفية ارتكاب "فهد"للخطيئة – الرواية هي التي استعملت عبارة الخطيئة – بل نجده يرتكب تلك الفعلة بين صلاتين .. فعند دخلوهما الشقة المفروشة ..(أوقف سيارته الهونداي البحري،عند مدخل الشقق،بينما الناس يملؤون الشارع خارجين من صلاة المغرب،أخرج من درج السيارة ورقة مطوية لعقد نكاح مزور){ص 208 ( الحمام لا يطير ..}.
    أما عند خروجهما .. (ودخل هو إلى الحمام ليغسل فمه،فسمع الإمام يقرأ"أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور" وحصل ما في الصدور".فكر فهد للحظة بأن يخرج للصلاة كي يمثل على موظف الاستقبال ويخدعه،ولكنه لم يفعل.){ص 215 ( الحمام لا يطير ..}.
    وهكذا أغلقت الرواية قوسي لقاء الخطيئة بهذه الآية .. لتقول أن (بطلها) لم يشعر بالندم على خطيئته .. لا بعد ارتكابها،ولا عند سماع آية تنذر بما سيحصل يوم القيامة .. وهذا لا يعني أن البطل لا يصلي .. والعياذة بالله .. بل نرى "فهدا" وهو في طريقه لالتقاط"طرفة" يمر .. (بجوار جامع بحي الغدير يعلو من مآذنه ترتيل الإمام في الركعة الأولى لصلاة العشاء،فنزل ودخل،كانت رائحة الباتيكس تغطي فضاء الجامع،ومزق السجاد الجديد متناثرة في الأنحاء،كان يشعر بأن الصلاة قد تجعل ربه يحفظه من المآزق التي قد تعترضه!كيف ينقذك ومن الخطيئة يا فالح؟){ص 181 – 182 ( الحمام لا يطير ..}.
    أما عبارته (ربه) التي تخلو من دلالة – أو قد تخلو منها .. فالإبداع لا حدود له – فسوف تقودنا إلى مقطع آخر .. ولكن قبل نقل المقطع الذي وضع في مستهل الرواية التي بين أيدنا .. وقبل جزئها الأول .. والعبارة هي :
    ("أقسى العذاب أن توهب عقلا محتجا في مجتمع غير محتج!" : عبد الله القصيمي ).
    أما المقطع فهو .. عند الحديث عن موت "أم فهد" .. (كان فهد يمشي وينشج بألم وحرقة،وتركه سعيد يسير أمامه بفوضى دون أن يغفل عنه،كان يمشي ويرفع رأسه كل فينة نحو السماء،كأنه يلوم أحدا هناك في الأعالي،لم فعلت بي كل ذلك؟لم خلقتني إذا كنت تخطط أن تدمر حياتي بعبث؟ ماذا فعلت لتجعلني دمية تتسلى بها؟){ص 331 ( الحمام لا يطير ..}.
    الحقيقة أن هذا"شك"بارد .. فلم يكن "فهد"- طول الرواية – يعاني قلقا وجوديا .. وحتى وفاة والديه جاءت (طبيعة) – من المنظور المادي – والده أسرع في سفر،ولم يربط حزام الأمان .. فمات .. وأمه (قُتلت) تحت ضرب أحد الرقاة ... ونحن لا نرى"فهدا"إلا وهو مطارد من قبل الفتيات .. وساعيا نحو (اللذة) .. وتاركا البلد إلى قرية بريطانية .. حيث .. ( تعرف الفرق أنه هناك ما فيه هيئة،ولا أشخاص يترصدون حركاتك،ويحصون أنفاسك،وين رحت،من البنت اللي معك،أمك أو أختك أو حبيبتك){ص 344 ( الحمام لا يطير ..}.
    هذا كل ما يهم"فهد"حتى آخر الرواية.
    رغم أننا نغلق الحديث عن الدين .. ولكن بقيت لقطة صغيرة تتعلق بـ(اللعن) – الذي نهى عنه الدين – وفيه (لعنة) لم أفهمها .. ولكن قبل ذلك .. تقول "طرفة"الغاضبة من تسميتها على جدتها .. ( "العن جدتي على أبو جدتي!"(..) "يلعنها ويلعن ذكرها،يعني من تكون؟ الليدي ديانا على غفلة؟"){ص 222 ( الحمام لا يطير ..}.
    و"طرفة"هذه تقول عنها الرواية .. (وجه طرفة الذي كان يحمل حزن الملائكة ..){ص 181 ( الحمام لا يطير ..}
    وتقول حين ضربها والدها .. (الله يلعنك،جعلك للموت آمين){ص 220 (الحمام لا يطير ...}.
    أما اللعنة المقصودة فقد أطلقها "فهد"حين عثر على بقايا صوره التي مزقها عمه .. فبدأ يصرخ على أمه وأخته .. ويقول :
    (يا ويلي ويلاه!يلعن أبوكم وأبو من جمعكم){ص 127 ( الحمام لا يطير ..}.
    أبو من جمعكم؟!!!
    إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.

    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة

  8. #8
    ضلالات الرواية "حمام بريدة"أنموذجا 6 – 6
    أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي
    قلت في مستهل الحلقة الثالثة أنني صدمت مرتين،أولاهما أن الاستاذ يوسف المحيميد روائي متمرس وله أعمال عديدة،لذلك صدمت من وقوعه في أخطاء لا يقع فيها إلا روائي مبتدئ .. أما الصدمة الثانية فهي أنني كنت حين أرى بعض مقالة الأستاذ (المحيميد)،أرى بجوارها صورة لشاب صغير .. ولكنني فوجئت بالصورة المنشورة مع الحوار الذي دار بين الدكتور محمد السعيدي وبين الروائي .. فوجئت .. صحيح أنه ليس (كبيرا) ولكن الشيب وخطه!!!فعاد بي وخط الشيب هذا .. إلى سؤال ألحّ عليّ وأنا أقرأ لروائي كبير – توفي غير بعيد – وقد تجاوز الستين،ولعله بلغ السبعين .. تصورته هو يجلس في مكتبته – في المقابر – ويكتب بعض رواياته .. ويوغل في وصف ما يحصل بين الرجل والمرأة في علاقتهما الخاصة،وبتفصيل كان يغني عنه التلميح!!!وفي الرواية التي بين أيدنا ألح عليّ نفس السؤال .. مع سؤال آخر .. إذا كان وصف ما يقع بين الرجل والمرأة يعد ضرورة فنية .. فلماذا التكرار؟!! لقد كرر الروائي (وقائع ما حصل) بين "فهد"و"طرفة"بشكل أجزم أنه مبالغ فيه ... فلماذا؟!!ونقطة أخرى تستحق التوقف عندها، وذلك عندما قال الأستاذ(المحيميد) .. (الروائي مبدع وليس مفكراً، وحينما يكتب المفكر وجهة نظر فكرية عن المجتمع فهي تمثله، لكن عندما أكتب الرواية لا تعنيني حتى لو رسمت أنا الكاتب شخصية جريئة أو متحررة أو رجلا ثائرا أو إرهابيا، ومن غير المقبول محاكمة الروائي على شخصياته، والتفكير){نقلا عن : رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية الرسالة رقم(2578)}.ما الذي يجعله ينفي عن نفسه صفة (المفكر) .. ويتمسك بصفة(المبدع)؟!!هل لأن الأول يقف أمام محكمة الأفكار ويرد على ما يطرح عليه من أسئلة .. أما (المبدع) .. فهو لا يقف أمام تلك المحكمة ،وكأنه – لا مؤاخذة على التشبيه – قد رفع عنه القلم .. غير نائم؟!!وللتوضيح .. لا أعرف كيف سيرد (المفكر) لو طرحت عليه الأسئلة التالية ... ولكنني أعرف رد(المبدع) :السعودية لم تطرد اليمنيين ... لا تسألني أنا(مبدع).مجلس الشورى لم يناقش حدود الضرب في الرقية الشرعية ... لا تسألني أنا(مبدع).أمنا عائشة رضي الله عنها ليست أول من استعمل لها النعش المقبب .. لا تسألني أنا(مبدع).أثبت أن (الملتزمين) ينجحون بعضهم في كلية الطب .. لا تسألني أنا(مبدع).هل يعقل أن يقول مراهق في الخامسة عشرة من عمره - ومعه آخر في العشرين – وقد طلب منهما موظف المستشفى الذهاب إلى ثلاجة الموتى للتأكد إن كان والد"فهد"هناك .. (لم يذهبا وقد أصاب قديميهما الشلل،كيف نرى أبانا الذي نعبد ضحكته وبسمته وسخريته ..){ص 85 ( الحمام لا يطير ..} ..لا تسألني أنا(مبدع).
    تلبس بالإبداع
    هكذا وجدت حالة من الإبداع تتلبسني .. مستغلا أن المبدع لا يُسأل .. ومستعيذا بالله من أن يُرفع عني القلم وأنا في حالة البقظة!!مر معنا في الحلقة الثالثة تأثر الروائي بقراءاته مثل كتاب (أيام مع جهيمان : كنت مع الجماعة السلفية المحتسبة) .. وكذلك رأينا ما احتفظ به (لاوعي) الكاتب من بعض قراءته في الرواية .. إلخ.فتساءلت وماذا عن قراءاته في المدرسة وتأثير المقررات (الوهابية) التي درسها أو لقنت له؟بيقين (المبدع) أستطيع أن أجزم بأنني عثرت على شيء من ذلك في طيات الرواية ... وهنا أتذكر ما كتبه أحد النقاد أو ما استنتجه من كون يوسف إدريس كان يدعو للحجاب!! وذلك عير مجموعته القصصية (وجهة نظر).والمقصود هو إحدى قصص المجموعة والتي تصور (حمارا) ضعف بصره،حتى أصبح يصطدم بالأشياء،وعندما صُنعت له نظارة .. زادت (طاقته)!! بل أصبح صاحبه (يبيعها) على ملاك الأتن!!أول ذلك العبارة التي تفوه بها"فهد" :(أبانا الذي نعبد) .. فهذا تنبيه من الرواية إلى خطورة الفضائيات وما تبثه من أفكار قد تعلق بذهن المشاهد دون أن يفطن إلى ذلك.هناك أيضا رسالة مبطنة وجهتها الرواية للفتيات .. فعندما كتبت "نهى"لـفهد" :( "حبيبي،لعيونك الرائعة (..) أهدي عطري وأنوثتي"فتح الورقة في الشقة بينما سعيد يضحك بشدة،وهو يصيح بصخب : "العن أبو الرومانسية". أخرج عطر جيفنشي ورش منه تجاه سعيد وهو يضحك){ص 136 (الحمام لا يطير ...}.هذه هي المحصلة هي تهدي (أنوثتها) – وعطر جيفنشي الله أعلم كم كلفها – بينما يسخر الصديقان من ذلك!!كما سخر"سعيد"من "ثريا"التي مثل أم "فهد"وسخرت الرواية من عطرها الرخيص .. وهي التي حين سألت"فهدا" ..("تحبني؟"هز رأسه : "طبعا،و؟؟؟؟ بعد!" صدحت يجنون أربعينية صبيانية..){ص 152 (الحمام لا يطير ..} .. ثم هجرها - كما هجر"نهى"من قبل – وأصبحت تترجاه مرة .. وتهدده أخرى .. ولكن دون جدوى .. أما"طرفة"والتي أحبها "فهد"فهي في مثل سنه تقريبا،ولها نفس الاهتمامات الفنية .. كما أنها مرحة وتدخل إلى القلب ... إلخ.وقد مرت بـ(.. ثلاث علاقات آخرها مع فهد،وفي كل علاقة كانت تقول،هذا هو حبيبي،هذا أجمل،هذا أصدق (..) حتى تجد نفسها مهملة،لتبدأ من جديد){ص 176 ( الحمام لا يطير ..}..وهي (تتحدث عن صديقها القديم الذي هجرها بعد خمس سنوات.){ص 213 (الحمام لا يطير ..} .. "طرفة"أيضا (بدأت تفقد الأمل في رؤية فهدا{هكذا} ما لم تتوسل إليه.انتقلت المرحلة من التلميح إلى التصريح،ثم إلى التوسل ..){ص 276 (الحمام لا يطير .. }.في النهاية يرى "فهد"أن النساء الثلاثة مجر(صديقات) .. وحتى الغالية "طرفة"وبعد أن قبضت عليهما الهيئة .. يزفر تجاه البلد ... (يا الله كم هو جارح هذا البلد! كم مكلف فنجان قهوة عابر مع امرأة عابرة!){ص 347 (الحمام لا يطير ..}.نعم إنهن مجرد نساء عابرات .. مثل فنجان قهوة عابر!! ولكن من يتعظ ؟!!أطلنا في هذه النقطة .. ولكن بقيت فيها لمحة أخيرة .. وذلك حين وصفت الرواية أحد لقاءات"فهد"و"طرفة"(كانا في لحظة حاسمة ملتصقين مثل كبشين مخنوقين في حظيرة){ص 197 (الحمام لا يطير ..}.كبشين؟!!! هل يريد الروائي – وهو حريص على الرومانسية كما رأينا – أن يقول أن بطليه مثل(حيوانيين ) طالما أن العلاقة ليست تحت (كلمة الله)؟في إطار قراءتنا للرواية من زاوية تأثر لاوعي الروائي بـ(الوهابية) ... نجده – كما ذكرنا من قبل – وكأنه ينفي إمكانية الجمع بين القرآن الكريم – ممثلا في الشيخ الحذيفي يقرأ سورة الكهف – والغناء ممثلا في فيروز !!هذه الأفكار تبدو عميقة جدا .. أو (إبداعية ) جدا!!بعيدا عن الإبداع .. وعلى نقيض الطرح السابق أي تحذير الفتيات من كون الحب خارج إطار الشرعية،بالنسبة للشاب ليس أكثر من (فنجال عابر) .. نجد الرواية تحيي مذهب إثارة الشك في سلوك النساء .. فهن ينزلن عند السوق .. عند المستشفى .. عن المشغل .. ثم يركبن مع العشيق!!ويمكن للفكرة أن تتسلل إلى لاوعي القارئ وهو يتسلى .. ويرى "طرفة"تنزل من سيارة أخيها الطيب الحبيب ..لتركب مع عشيقها !!بقيت لي بعض الملاحظات أختم بها هذا الحوار الذي طال ..الملاحظة الأولى : الرواية ثرية ثراء فاحشا في وصف الشوارع والأنفاق – ذكرتني بخرائط الفارسي – ويكفي أن أشير إلى أنه من الصفحة 153 حتى الصفحة 232أوردت الرواية أسماء 24 محلا .. من "شمعة الأماكن" إلى "مقهى تي آند كوفي بوت .. أمام كارفور في مركز غرناطة){ص 232} .. هذا الثراء الفاحش يقابله فقر مدقع في وصف المنازل من الداخل!!!الملاحظة الثانية : تتعلق بالممنوع الثالث (السياسة)!! وقد أوردت الرواية رأيين .. في مذكرات الأب التي استلمها "فهد"بعد موت أبيه .. (وتتذكر أن الأحزاب السياسية والجماعات الدينية،التي تقلق الحكومة،مصيرها إلى الزوال والفشل والمعاناة النفسية ..){ص 30 ( الحمام لا يطير ..}قلنا هذا مع الحكومة .. ولكننا وجدنا الأب نفسه,الذي كان يحذر ابنه .. وجدناه يقول .. لصبي في المرحلة الابتدائية!!"فهد"الطفل يسأل والده : (بابا،السعودية من زمان مين احتلها؟ (..) يعني سؤال صعب. ثم شرح له : شوف كان فيه أول قبائل.قاطعه فهد :شلون يعني قبائل؟أجاب الأب بتردد : قبائل يعني ناس عايشين مع بعض،في الرياض والقصيم وحائل،ثم جاء الملك عبد العزيز ... صمت الأب بغتة دون أن يضيف "واحتلها!"){ص 109 (الحمام لا يطير ... } الملاحظة الأخيرة .. وهي أخيرة فعلا .. فلا يوجد كلام يمكن أن يقال بعدها .. ولا حتى النصيحة بعرض النفس على طبيب نفسي .. أو الجلوس مع النفس ... أو حتى عرض النفس على أحد الرقاة الشرعيين !!ونتذكر أن الرواية التي كتبت في يوليو 2008م .. طبعت أربع مرات آخرها في 2011م!!!تتحدث الرواية عن"نهى"التي تلمس جسدها ... ثم :( تشم يدها حين تخرجها،فتطير إلى دماغها الصغير رائحة نفاذة،ليست رائحة عطر،وليست رائحة جلدها،بل رائحة مختلفة،تشبه رائحة تفاحة خضراء آخذة في التعفن){ص 137 ( الحمام لا يطير ..}.

المواضيع المتشابهه

  1. مصداقا لقول "الدكتور أبو زيد الإدريسي"/"كيف غير السكر العالم ؟" أنموذجا
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-14-2018, 11:16 AM
  2. هزيمة الفيلم"الصورة"أمام الرواية"الكلمة"
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-12-2017, 08:23 PM
  3. "مزلقان" الإلحاد : رواية"طوق الحمام"أنموذجا
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-19-2016, 02:46 PM
  4. بين الدكتور"سعيد" والدكتور"جلال": توحش الإعلام!!
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-07-2015, 07:59 AM
  5. "الرواية العربية و الشعر " ندوة جمعية الرواية العربية بمدينة قابس
    بواسطة فيصل الزوايدي في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-25-2009, 05:29 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •