جـدّد حـياتـك بالتـفاؤل
التفاؤل شعور ينبع من أعماق النفس بالرضا والثقة الكاملة بحسن الظن بالله عزوجل، وقوة تتحول إلى راحة نفسية وجسدية، وسيطرة كاملة على مشاعر وأفكارمتعبة، وهو نظرة ايجابية عندما توصد الأبواب، وتنهار الأماني.
إن الإنسان المتفائل سعيدٌ في حياته، متوكل على ربه، طموح ومبادر لكل ما هو خيرورائع و جميلٍ فيرسم سعادته وسعادة الآخرين. والسعَادة التي يخبئها الله لنا تختبئ أحياناً بينَ طياتِ حزن عمِيق أو ُكرب شديدة لا تتطلب عناء بحث، بقدرما تتطلب ثقة كاملة وصَبر جميل. والصبر الجميل هو أن تجعل شكواك لله. ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "وإذا أستعنت فأستعن بالله".
و ديننا الحنيف يدعونا إلى التفاؤل وليس إلى التشاؤم واستباق الأمورالتشاؤمية و ليس إلى سوء الظن بالله. ولا يجوز لمسلم بصير بأمر دينه أن يستسلم للتشاؤم ويمَكِّنَه من قلبه وكيف يرضى المسلمون الصادقون الواعون ذلك لأنفسهم، وهم يقرؤون قولَ ربّهم عزّ وجلّ :" (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)(يوسف/87). يقول ابن كثير في نفسيره هذه الآية الكريمة : يقول تعالى مخبراً عن يعقوب عليه السلام انه ندب بنيه على الذهاب في الأرض يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين، والتحسس يكون في الخير، والتجسس يكون في الشر، ونهضهم وبشرهم وأمرهم أن لا ييأسوا من روح اللّه أي لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من اللّه فيما يرونه ويقصدونه فإنه لا يقطع الرجاء ولا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون، ويقول الشيخ السعدي في قول الله عز وجل "وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ " فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه وأولى ما رجاه العباد هو فضل الله وإحسانه ورحمته وروحه، {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } فإنهم لكفرهم يستبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبهوا بالكافرين. ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد يكون رجاؤه وأمله في رحمة الله.
فكم هو جميلٌ أن نتفاءل عند الملمات ورائعٌ أن نتفاءل عندما تتوالى علينا النكبات. هو تشريعُ ربنا عز وجل وهو طوقُ نجاة لأ نفسنا. وقد أمرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم بالتفاؤل والأمل، ونبذ التشاؤم.
لاشيءَ كالأمل والتفاؤل بعد الإيمان يولّد الطّاقة، ويَحْفز الهمم، ويدفع إلى العمل، ويساعد على مواجهة الحاضر، وصنع المستقبل الأفضل . الأمل والتفاؤل قوّة واليأس والتشاؤم ضعف. الأمل والتفاؤل حياة، واليأس والتشاؤم موت في مواجهة تحدّيات الحياة، حيث لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.
النّاس صنفان : يائس متشائم يستبق الأمور التشاؤمية و يسيء الظن بالله و بنفسه وبالأخرين ويواجه تحدّيات الحياة بالهزيمة والهرو ب والاستسلام، ويصور المستقبل بنظرات سيئة انهزامية, وآمِلٌ متفائل يواجه الحياة بالصبر والكفاح، والشجاعة والإقدام، والضمان والثقة بنصر الله . فما أروع الأمل والتفاؤل، وما أحلاه في القلب ! وما أعْوَنَه على مصابرة الشدائد والخطوب، وتحقيق المقاصد والغايات والآمال.
التشاؤم واليأس ثمرة من ثمرات الانهزام والانكسار والخيبة والفشل ، وصفة من صفاته. فمن التفاؤل يولد الأمل، ومن الأمل يولد العمل، ومن العمل يولد النجاح. ومهما اختفت من حياتك أمورظننت أنها سبب سعادتك تأكد أن الله صرفها عنك قبل أن تكون سببا في تعاستك. إذا تعسرت أمورك، وهاجمتك الهموم والأحزان فثق بالله ، فهو كفيل بتفريج همك، وتيسيرأمورك، وإذا شعرت ببعد الناس عنك أو بوحشة أو غربة ، فتذكر قرب الله منك.