مجـزرة في لـبـنـان !
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
www.alnahwi.com
info@alnahwi.com
لبْنـانُ ! يَا عَبَقـاً من التاريخ مـا ---- جَ عَلَـى رُبـاكِ يُعِيـدُ من أخبـارِ
الذكـريـاتُ على ربـاك غـنَّيـة ---- أمـجـاد إِيـمـانٍ وزهـوة غـارِ
نُـثِـرتْ لآلِئُهـا عَليـك فَصُغْتِهـا ---- عِـقْـداً وسِـحْـرَ قلائـدٍ وسـوار
يـا لَفْتَـةَ الـورْد النّـديِّ تَفتَّحـتْ ---- أَكْمَامُـه ! يـا بَـسْمـةَ الـنَّـوارِ
يا بهجـة الروض الغَنـيِّ أريجُـه ---- شَـدْوٌ يُـرَجّـعُـهُ حَنـينُ هَـزار
مـا بالُ شَـدْوكِ غَابَ والزّهَـر النَّد ---- يُّ ذَوَى ، وعِطرُك ! أَين عِطْر الدّارِ
وغَشاكِ مِنْ سُود اللَّيـالي سُودُهـا ---- ورَمَـاكِ هَـولُ فـواجـعٍ ودَمـار
قَـدْ كنتِ يا لبْنـانُ سَـاحـةَ أُمَّـةٍ ---- موصولـةٍ وعُـراً وصـدقَ ذِمـارِ
* * *
ولقـد ظننتُـكِ في الدّيار مصوَنـةً ---- بالعَهْـد مِنْ أُمَـمٍ ومِـنْ أَقْـطَـار
ومـن النظـام العالمـي وعُصْبَـةٍ ---- طَلَعَـتْ بزُخْـرُفِ دعـوة وشِعـار
غابَ النّظـام ولـمَّ زَيْـفَ شِعـاره ---- ورمـى بـكَـيْـدٍ صـارخٍ مَـكّـارِ
هل تَغْفِـرين لَنَـا هَـوَانَ مَـذَلّـةٍ ---- ويحي ! ودمْعُكِ في المنازل جـاري
يجْري مع الـدَّم والأنينِ و صرخَـةٍ ---- وتـطـايُـرِ الأَشْــلاء و الآثــارِ
هَـلْ تغفـرين لأُمّـة نـامَـتْ على ---- ذلِّ وأَغْـفَـتْ في مـتـاهـةِ عـارِ
أَغْفتَ وخلفَتِ الـدّيـار رُبـوعُهـا ---- مفـتـوحـةُ الأبـواب والأسـتـارِ
وسَماؤها ! فُتِحَـتْ لكُـلِّ مُحـلِّـقٍ ---- بـاغٍ هـوى بـدَويّـه الـجـبّـارِ
وبحارهـا ! يا للبِحـارِ إِذا خَـلَـتْ ---- مـن حـاميـات مـواقِـعٍ و ديـار
لا تعجبي ! فُتِحَتْ قلوب الناس قبْـ ---- ـلُ لِفِتْنَـةٍ تسـري وسُـمِّ عـقـار
تسْري بِهمْ خَـدَراً يَشُـلُّ وسكـرةً ---- تَـطْـوِيْ وَتِتْــهَ مـذَلّـةٍ ودُ
* * *
لله درُّكِ ! مـا أجـلّ سـمـاحَـةً ---- طَلَعَـتْ وما أحْـلى كَـرِيـم بِـدارِ
فَنَشَـرْتِ أنـداءً وظـلاً وارفــاً ---- بَـيْـن الهَجيـر وبَيْنَ لـفـح أُوارِ
وفَتَحْتِ من عَبقِ الحَنـانِ مرابـعـاً ---- ومن الوفـاء عـزيمـة الإيـثـارِ
وفتَحـتِ قلَبَـكِ والضلـوع وأكْبُـداً ---- لتضـم لـهْـفـةَ شـاردٍ أو جـارِ
ونضمَّ من زهَـر الطفولـة بـاقَـةً ---- ومـن الشيـوخ وعفّـة الأبـكـار
ومن الشَّبابِ ضَمَمْتِ حيْـرةَ يأسِـهِ ---- لَما تَـلفَّـتَ ! يَـا لصـرخَـةِ ثـارِ
هُـرِعُـوا إليكِ وفي النفوسِ بقيَّـة ---- من مأمَـلٍ وأَسـىً وخشيـةِ عـارِ
هُرِعُوا وقَد أهْوى الجحيـم عليهـمُ ---- هَـوْلاً يَمُـور بِهِمْ وضِيـق حِصَـارِ
هُرِعُـوا وقَدْ حسبوا لَديك عصـابةً ---- أُممـاً مـزوّدة السَّـلاحِ الـواري
هُرِعُـوا إِليكِ وما دروا أنَّ الـرّدى ---- مُتَرصِّـدُ الـخـطـوات والآثــار
* * *ِ
طَلَـع اليَهـودُ عَليك في حَـوّامـةِ ---- مجنـونَةِ تَـهْـويِ وفي إعـصـارِ
يَهْـوي الفَضَاءُ بهِا بكـلِّ فجيعـةٍ ---- حصْـداً لأنفـاسُ وخَـطْـفَـةَ نـارِ
جَمَعـوا من التـاريخ كلَّ جَريمَـة ---- عُـرِفـتْ وكـلَّ خديعـة وشـنـارِ
وأتوك ! ما أقْسى الفُجُـورَ إذا طغى ---- وبَغـى بـشهـوة مجْـرِم كـفّـارِ
دَفَعـوا الهَلاك عـواصفـاً دَوَّامَـةً ---- في الأرض في الأفـاق في الأَبْحـارِ
كُتَـلاً ! وأَكْـوامُ الجَماجِـم بَيْنهـا ---- وصَلتْ أَسـىً بـأسىً وغُصَّـة دَارِ
سكنتْ سُكون المْـوت ! إِلاّ بَسمـةً ---- بَقيتْ علـى طِفْـل مُدمّـىً عَـاريِ
بقيَتْ لـه شَفَتـان يُشـرقُ منْهمـا ---- أَمَـلٌ يُضمَّـخ بـالـدَّم الـفـوّارِ
أَمـلٌ بِبَسْمتـه يُطـلّ عَلـى غَـدٍ ---- يَزْهُـو بَـوثْبَـةِ فَـارِسٍ خَـطَّـارِ
من ذا يغيـثـك والأيـادي كُـلُّهـا ---- مَغْلـولَـةٌ بَهـوى وطـول إِسـارِ
صـبراً لعـلَّ الله يَـبْـعَـثُ أُمّـةً ---- يومـاً لتنقـذَ مِن حـمـى ودِيَـارِ
قُـوْلُوْا لَهُـمْ إِنّ اللّيـالِـيَ دُوْلَـةٌ ---- مَهْـلاً ! سَيَعْقُبُهـا جَـلاءُ نَـهـارِ
فَـغَداً تَـرَى زحْفـاً يهولُكَ مُقْبِـلاً ---- بالحـقِّ تُشْـرِقُ طَلْعَـةُ الأبـرارِ
* * *
وتَلَفَّتتْ " لبنـان " ! وبيْنَ دُمُوعِهَـا ---- غُصَصُ مِنَ الذّكْـرى وحَسْرَةُ عَـارِ
غُصَصٌ تُرَجّعُها رُبى الأَقْصَـى لَهـا ---- لتُعِيدَ مـا فـي الـدارِ مِنْ أخْـبـارِ
وتَقُـولَ : مَهْلَكِ ! هل ذَكرْتِ مَجازراً ---- سَبَـقَـتْ ودفْـقـاً مِـن دَمٍ فـوّارِ
في " دير ياسين " حـديـثٌ مفْجـع ---- يَرْثـى ! ويـدْفَـعُ غَضْبَـةً للثـارِ
وحَنـينُ قِـبْيَـةَ للنِّـزال كَـأَنَّــهَ ---- مَـلأ الزَّمـانَ بِـلَيْـلِـهِ ونَـهـارِ
وأنِينُ " شاتيلا " و " صَبْرا " لمْ يَزَلْ ---- ويحي ! يُدَوّي : أَينَ صِـدقُ ذِمَـارِ
ورُبى الخَليل ! فَلَمْ تَـزَلْ أيـّامهـا ---- فَجْـراً مُـدمّـىً مُشْـرقَ الأنْـوَارِ
فـجْـراً يُــدَوّي بالأذان وأُمَّــةً ---- خَشَعَـتْ لِيوقِـظ كلَّ مَنْ في الـدارِ
وكأنّمـا الدُّنيـا هنـالِـك لمْ تَـزَلْ ---- عَبَـقَ السُّجـودِ وطَلْـعَـة الأَبْـرارِ
وشُهـودَ مَجْزرَةٍ وهـولِ جَرِيَمـةٍ ---- وحَنِـينَ مَلْـحَـمـةٍ لِيَـوْمِ بَــدارِ
* * *
في المسجد الدّامي طيوفٌ حَوَّمَـتْ ---- لـنـدائــه وطـلائـعُ الأحــرارِ
ونـداءُ إبْـراهِيـمَ بالإسْـلامِ يُـو ---- قِــظ أُمَّـة الإِســلام والإِيثــارِ
صبْـراً ! رُوَيْدَك ! فالمَيَادين ارتوتْ ---- أفـلا تَـريْنَ مـطـالـعَ الـنّـوَّارِ
في كـلِّ نـاحِيَـةٍ جِنـانٌ فُـتّحَـتْ ---- وعـزائِمٌ نَـهضَـتْ وصِـدْقُ نِفـارِ
مـا بَيْنَ أشَـلاءٍ وَبَيْـنَ جَمـاجِـمٍ ---- وثَـبـاتُ أَحْــرارِ إلـى أَحْــرارِ