استهداف العدوان الإسرائيلي الفئات المحمية بموجب القانون الدولي الانساني
بقلم:عماد عماد
لم يعد خافيا على احد،أن الاستهداف الممنهج والعمدي للالة العسكرية الاسرائيلية للفئات المحمية بموجب القانون الدولي الانساني، له اهدافه،والسوال الساذج في هذا المقام، الا تعرف اسرائيل انها ترتكب جرئم حرب ومخالفات جسيمة؟
بالتكيد هي الاكثر علما بذلك لتتجنب الملاحقة القضائية في المجتمع الدولي،ولكن يبقى السؤال معلقا وبقيد الاجابة؟ فالاجابةعلى السؤال،ليست قانونية بقدر ما هي سياسية، لذلك قال كلاوفتز عن الحرب انها تحقيق للسياسة بوسائل أخرى
اما ماو تسي تونج فقد قال: السياسة حرب لا تراق فيها دماء، بينما الحرب سياسة تراق فيها الدماء".وهذا يعني ان العدوان ضد غزة مخطط له بعناية، بقصد تحقيق اهداف سياسية وامنية وهي:، فصل غزة عن الضفة جغرافيا وسياسيا،و تفكيك صواريخ حماس والفصائل، وتدمير البنية التحتية لصناعة الصواريخ، وفرض رقابة دولية(اممية) اميريكية على قطاع غزة، وان تستثمر اسرائيل حقول الغاز في غزة ذات المخزون المرتفع، والسماح باعادة اعمار غزة، وفتح المعبر وبناء ميناء قريب من شاطئ غزة لأغراض تجارية.لذا تتعمد اسرائيل قتل المدنيين لا جبار الناس على النزوح أولا، وبقصد ضرب التأييد الشعبي للمقاومة ولحماس تحديدا. ثانيا، ولتحميل المسؤولية عما تقوم به من انتهاكات وجرائم حرب ومخالفات جسيمة للجانب المنتهكة حقوقه وهوحماس والفصائل، وحتى لا نغرق المقال بالتحليل السياسي نجد أنه من الاجدر طرح السؤال القانوني ،ماذا عن قتل المدنيين المتعمد ؟ وهنا نعود الى الى الفئات المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني وهي: اسرى الحرب، المدنيين وممتلكاتهم،الاعيان الثقافية والدينية والمستشفيات وافراد الخدمات الطبية، والمدارس وتوفير الحماية الخاصة للنساءوالاطفال. ومع ذلك لا تلتزم اسرائيل بل قامت بقصف المنازل ودمرتها فوق رؤوس ساكنيها، وقصفت المستشفيات والمدارس والمساجد، لان اسرائيل اولا تتذرع بان هذه الممتلكات تستخدم او استخدمت لاغراض عسكرية من قبل الاذرع العسكرية للفصائل الفلصطينية، ولذلك تطلب من المدنيين ترك منازلهم لقصفها وتدميرها عن طريق رمي المنشورات وعبر مكبرات الصوت احيانا، لانه في القانون القانون الدولي تتوقف الحماية عن المتلكات اذا استخدمت في انشطة عسكرية، من هنا نجد ان بروتكول جنيف الاول المكمل لاتفاقات جنيف الاربع من خلال مواده المختلفة لحقوق قوات الاحتلال والتزاماتها تجاه الملكيات العامة والخاصة والمناطق والموارد الزراعية على صعيد الاقاليم المحتلة.حيث ورد ذلك في المادة (54) في برتوكول جنيف.فإلى جانب التفات القانون الدولي الانساني الى توفير الحماية العامة، التي اقرتها قواعد القانون الدولي الانساني للسكان المدنيين، أكد على توفير الحماية الخاصة للنساء والأطفال، وهي اتخاذ مجموعة من التدابير والحقوق والمزايا الخاصة لصالح النساء والاطفال، بحيث يمكن للنساء والاطفال التمتع بالحقوق والضمانات المقررة للاشخاص المحميين بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة وقد ورد حوالي (19). مادة قانونية تتعلق بالمرأة على وجه الخصوص.
فبناءا على ما تقدم نوجه السؤال التالي:هل اسرائيل ترتكب جرائم حرب؟ والجواب:نعم فماهي جريمة الحرب؟
عرفت محكمة نورنبرغ، وهي ما عرف بميثاق المحكمة العسكرية الدولية الأعمال التي تعتبر جرائم حرب بقوله جنايات الحرب):اي انتهاكات قوانين الحرب واعرافها، وتتضمن هذه الانتهاكات دون ان يكون التعداد حصريا، القتل العمد مع الاصرار والمعاملة السيئة، او اقصاء المدنين من اجل العمل في اشغا ل شاقة في البلاد المحتلة، او لاي هدف اخر، وقتل أوتهديد الاسرى عمدا، اورجال البحر، او اعدام الرهائن، او نهب الاموال العامة والخاصة، وتهديد المدن والقرى دون سبب او الاجتياح اذا كانت الضرورات العسكرية لا تقتضي ذلك،ومن الجدير بالذكر،أن تقرير لجنة المسؤوليات(اللجنة التي تم تشكيلها من قبل المؤتمر التمهيدي في أعقاب هدنة الحرب العالمية الأولى بتاريخ 25/1/ 1919م، والتي تمخض عنها تشكيل اول محكمة جنائية دولية، لمحاكمة مجرمي الحرب) بالنص في قائمته التعلقة بتحديد الافعال المرتكبة من قبل المتحاربين خلال سنوات الحرب العالمية الاولى والتي تستوجب المساءلة الجنائية لهم كمجرمي حرب على وضع تعداد حصري وضعت في قائمة تصل الى ثلاثين فعلا للجرائم التي تستوجب المحاكمة نذكر منها:القتل العمد، وقصف السكان المدنيين، وقتل الاسرى وجريمة تخريب الاموال العامة والخاصة وتدمير الممتلكات على نطاق واسع وغير مبرر في الاراضيالمحتلة.ويمكننا ا لوصول الى تلخيص لمصطلح جريمة الحرب بالقول: : هي ارتكاب اي طرف منمن الاطراف المتحاربة لاي فعل من الافعال التي استقر العرف الدولي ومواثيق القانون الدولي الانساني على تجريم أمر أو أقر وقام بارتكاب جريمةمن المتحاربين اثناء القتال،او الاحتلال ومساءلته.ويمكننا ذكر الافعال التي توصف بانها جرائم حرب التي نصت عليها المواثيق والاتفاقات الدولية،كما يلي:
• الافعال التي نص تقرير لجنة المسؤولية على تجريمها،
• المواد (22-28) من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها،المبرمة في تشرين الاول اكتوبر1907.
• المادة (50) مناتفاقية جنيف الاولى
• المادة (51)من اتفاقية جنيف الثانية
• المادة (130) من اتفاقية جنيف الثالثة
• المادة (140) من اتفاقية جنيف الرابعة
• المادة (85) من البرتوكول الاضافي الاول، الملحق باتفاقيات جنيف المعقودة في 2 اب اغسطس 1949 والمتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية المبرم عام 1977
• المادة الثامنة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية(نظام روما) والذي اعتمد بتاريخ 17 تموز /يوليو 1998 ودخل حيز النفاذ في 1 حزيران /يونيو2002.
ومن الفئات المحمية ايضا بموجب القانون الدولي الانساني الطواقم الطبية والاساليات الطبية حيث اولت اتفاقية جنيف اهمية كبيرة لمسألة اغاثة المدنيين وقت النزاعات المسلحة، وما يتفرع عنها من حالات احتلال حربي، وتنص الاتفاقية على انه واجاب الدول الاطراف" ان تكفل حرية مرورجميع ارساليات الادوية والمهمات الطبية،المرسلة حصرا الى سكان طرف متعاقد آخر من المدنيين،حتى لو كان خصما ويتعين لها السماح بحرية مرور اي ارساليات من الاغذية الضرورية والملابس والمقويات المخصصة للاطفال دون الخامسة عشرةمن العمر والنساء الحوامل او النفاس"
ولكن ازاءارتكاب قوة العدوان الاسرائيلي لجرائم الحرب على غزة، نجد ان اساتذة القانون الدولي الانساني الاسرائيليين يحاولون تبريرها، تحت عنوان الضرورة الحربية،والتي هي الحالة التي تكون ملحة، وبالتالي لا تترك وقتا كافيا لاختيارالوسائل المستخدمة في اعمالها، ويرى فريق اخر من فقهاء القانون الدولي الانساني. بانها هي الاحوال التي تظهر اثناء الحرب،وتفرض حال قيامها ارتكاب افعال معينة وعلى وجه السرعة بسبب الموقف والظرف الاستثنائي.
ولكن هذه الضرورة الحربية محكومة ومقيدة،بعدة شروط هي:
• ارتباط قيام هذه الحالة وتحققها بسير العملية الحربية
• الطبيعة المؤقتة لهذه الضرورة
• ان لاتكون الاجراءات المستخدمة تنفيذا لحالة الضرورة محظورة بموجب القانون
ولكن المراقب للقصف العشوائي الاسرائيلي بالطائرات والمدفعية والزوارق الحربية و لمنازل المدنيين وتدميرها، وقضف الطواقم الطبية والمستشفيات والمساجد، لا يعد تطبيقا للضرورة الحربية، لان منازل المدنيين لا تشكل تهديدا مباشرا او غير مباشر علة قوة العدوان والاحتلال، لهذا يتطلب ان لايكون امام القوات المتحاربة في الضرورة الحربية اي خيار لتحديد طبيعة الوسائل ونوعها سواء تلك التي تم استخدامها فعلا.لذا تنبه فقها القانون الدولي الانساني إلى أهمية وضع قيد اخر على استخدام الضرورة الحربية، وهو مبدأ التناسب،والذي يقتضي هذا المعيار أو المبدأ ضرورة أن تتلاءم أعمال القصف والتدمير والتخريب للمتلكات الخاصة، او العامة او للاراضي الزراعية الجاري تنفيذها من جانب قوات الاحتلال لغاية الضرورة الحربية، مع متطلبات سكان الاقليم المدنيين، واحتياجاتهم، وبالتالي لا يجوز باي حال من الاحوال ان تستخدم قوات الاحتلال حتى في ظل قيام مبررات الضرورة الحربية وتوافرها هذا الحق على وجه قد يؤدي الى المساس باحتياجات السكان او قد يؤدي الى وضعهم في ظروف معيشية صعبةاو التاثير على استقرارهم، وبقائهم على هذه الاراضي.وهناك مبدأ يقيد استعمال الضرورة الحربية وهو مبدأ مبدأ تقييد وسائل الحاق الضرر بالخصم وضبطها،حيث نصت على هذا المبدأ المادة (22) من لائحة لاهاي بقولها"ليس للمتحاربين حق مطلق في اختيار وسائل الحاق الضرر بالعدو"وكذلك المادة (35) من بروتكول جنيف الاول والتي تنص على انه"ان حق اطراف اي نزاع مسلح في اختيار وسائل القتال ليس حقا لاتقييده قيود". وهذا يفرض على الاطراف المتحاربة،ان تاخذ بعين الاعتبار ضرورة ان تتماشى طبيعة الوسائل الحربية التي قد تستخدمها مع ما هو جائز ومسموح لها، باستخدامه استنادا لاحكام القانون الدولي الانساني وقواعده.