رد آخر على تعليق للأستاذ عادل الأسطة
عدنان كنفاني
نأيت بنفسي عن الرد على تعليقات الأستاذ عادل الأسطة المستفزّة ليس عن ضعف، أو قلّة حجّة، ولكن كي لا يستغرق أستاذنا الفاضل في إغراقنا بسيول شتائمه وكلماته النابية البعيدة كل البعد عن الحوار العقلاني الهادئ.
لكنني وقفت ثانية أمان تعليق جديد للأستاذ الأسطة لا يخصّني شخصياً، ولو كان كنت سأتجاوز ولا أرد، ولكنه يتعلّق أيضاً بموضوع هام فيه كما جاء بتعليق الأستاذ عادل الكثير من الغلط والتجني، وكي لا أبتعد عن صلب الموضوع فقد جاء في تعليق الأستاذ الأسطة ما يلي، وأنقلها بأمانة بعجرها وبجرها كما وردت منه:
(يا استاذ عدنان خذ لك الملاحظة التالية..مرة كتب اميل حبيبي انه قرا رواية الشهيد غسان وتتبع خط سير بطلها سعيد .س فضل الطريق .ما يعني خطا الشهيد لعدم المامه بالمكان.هل قرات رواية حميد جيدا وهل ترى ان صورة المخيم فيها تتطابق وصورة المخيم الان.ولا اريد ان اتيك بادلة اخرى.تحياتي لك)
ولست أعتقد أيضاً أن تقويم ما كتبه الشهيد غسان من روايات، سواء كان تقويماً أكاديمياً، أو انطباعياً، عربياً أو عالمياً، دون أن أعرّج على سيل كتاباته الأخرى المتنوعة، يقف عند رأي كاتب واحد يحتمل الخطأ والغلط، ولا يصح أن يكون مثالاً أو أنموذجاً كقاعدة تفرض علينا قبول الفكرة التي جئت بها أصلاً من خلال جملة تساهم بجدارة في تكسير وتحطيم وتغييب رموزنا الكبار.!
وماذا عن عشرات بل مئات النقّاد الأكاديميين، أو الملايين الذين قرؤوا غسّان، أو الترجمات التي صدرت، ورسالات "الدكترة" التي تقدّمت، وعشرات الدراسات والمقالات والكتب التي قرأت وقوّمت وتحدثت عن كتابات الشهيد غسّان، والأفلام والمسرحيات والمسلسلات التي أصّلت فكرة الرواية التي أرادها غسّان دلالة وتعبيراً عن مدى الجرح الذي نعاني منه كفلسطينيين مستلبين ومظلومين ومقهورين، "وأنت تعرف ذلك دون شك".
وماذا عن كتابات غسّان التي ترجمت إلى كثير من اللغات الحيّة.؟ كل ذلك وأكثر تنحّيه جانباً، ولا تقيم له أيّ وزن، بل تأتينا بكلمات قالها، أو لم يقلها إميل حبيبي، ولا أريد أن أستغرق في الحديث عن "حبيبي" فقد غادرنا إلى عالم آخر، وأحترم ذكراه وكتاباته، لكن لا يمكن أن يفرض عليّ، أو على كلّ الذين ذكرتهم لك آنفاً صحّة مقولته، أو تفسيرها على الشكل الذي تريده أنت كي تثبت لنا أنك على علم وفهم ودراية، بينما العكس تماما هو الصحيح.
ترى يا أستاذ عادل الأسطة، لو سألنا أيّ طفل فلسطيني عن معالم الطريق من بيروت إلى حيفا، أو من عمان إلى يافا، أو من أيّ مكان إلى القلب هل تعتقد أنه سيضلّلنا، إذا لم نكن نسعى إلى التضليل.!؟
وهل سألت نفسك لماذا ضلّ صاحبك الطريق.؟ هل كان الطريق ترابياً وأصبح مسفلتاً مثلاً.؟ أم غاب عن غسّان أن يتحدث عن لافتة على جانب الطريق.؟ أو عن كوخ وبيت ومزار.؟
وهل برأيك تقتصر رواية عائد إلى حيفا على ذكر معالم الطريق إليها بكل تفصيل صغير كان، أم كبير.؟
يؤسفني حقاً وأنت أستاذ جامعي، وعليك مسؤولية تربية الجيل الفلسطيني أن تقيم فواصل وحواجز تقطّع النهج الثقافي الفلسطيني العام ربما تكريساً لقيمة تقسيمية ضيّقة بدأنا نشمّ رائحتها المشبوهة أنت تريدها، أو منتفع بها، أو ترضي رغبتك الصدامية المتعالية.
وللمعلومات فقط أقول لك وأنت الأستاذ الناقد الأكاديمي الجهبذ، رواية عائد إلى حيفا سرق فكرتها، وشوّه مضمونها، واحد من أهم الكتاب الصهاينة، (سامي ميخائيل) وأطلقها بعنوان جديد هو (حمائم في ترافلجار) وستجد كامل الموضوع على الرابط التالي لو شئت الاطّلاع:
فهل تراك تسعى إلى إغضاب "سامي ميخائيل" عندما تنسف من خلال كلمات عابرة ومهزوزة ورخيصة متابعته أيضاً خطوات سعيد .س على الطريق ذاته.؟
أنت بذلك تحاول أن تغضبنا، لكننا لن نغضب، وفي الوقت نفسه تُغضب من تسعى لإرضائهم.! فحاذر.
لا أعرف حقاً إذا كنتَ عشتَ في مخيم، أو عايشت أحوال المخيمات، لكنني أعرف تماماً يا صديقي أن حسن حميد والمخيمات رفاق عمر ومسيرة حياة، ولا أعتقد أن أحداً يعرف المخيمات جيداً كما يعرفها حسن حميد وهو الذي أقام ويقيم حتى الآن في شتات المخيمات..
أما عن تعليقاتك الأخرى "المستفزّة" فلن أقف عندها أبداً، لأنني أدرك تماماً أنها تعليقات عبثية انفعالية استعلائية ليس أكثر..
أتمنى مخلصاً أستاذ عادل الأسطة، ونحن نكنّ لك كلّ تقدير واحترام، أن لا تكون معولاً يعمل على تحطيم رموزنا، ولحمتنا.. وكفى.
ـ ـ ـ