| عقبه بن نافع وقصة عجيبه |
تخبرنا بعض المصادر التاريخيه حكايه عجيبه جدا عن عقبه بن نافع وجيشه عندما أراد ان ينشأ مدينه القيروان هذه المدينه التي كانت ممتلئه بالسباع والعقارب والحيات وان كانت مثل هذه الحكايات لا يعتمد عليها اكثر المؤرخون والبحث التاريخي يحاول الابتعاد عنها قدر الامكان ولكن القصه صحيحة الاسناد فتقول هذه المصادر ان عقبه -رحمه الله - نادى الوحوش والدواب وطلب منها الرحيل، فرحلت بإذن الله تعالى حيث قال :
فارحلوا عنّا فإنّا نازلون ومن وجدناه بعد هذا قتلناه، فنظر الناس بعد ذلك إلى أمر مُعْجِب ، من أن السباع تخرج من الشَّعْراء ( أي من الشجر ) وهي تحمل أشبالها سمعاً وطاعة، والذئب جرْوَه، والحية تحمل أولادها. ونادى في الناس: كُفُّوا عنهم، حتى يرحلوا عنها، فخرج ما فيها من الوحش والسباع والهوامّ والناس ينظرون إليها، حتى أوجعهم حرُّ الشمس، فلمَّا لم يروا منها شيئاً، دخلوا، فأمرهم أن يقطعوا الشجر، فأقام أهل أفريقية ـ بالقيروان ـ بعد ذلك أربعين عاماً لا يرون بها حيَّة، ولا عقرباً، ولا سَبُعاً ....
فاختط عقبة أولاً دار الإمارة، ثم أتى إلى موضع المسجد الأعظم فاختَّطه، ولم يُحدث فيه بناء. وكان يصلي فيه وهو كذلك فاختلف الناس عليه في القبلة وقالوا: إن جميع أهل المغرب يضعون قِبلتهم على قبلة هذا المسجد، فأجهد نفسك في تقويمها، فأقاموا أيّاماً ينظرون إلى مطالع الشتاء والصيف من النجوم ومشارق الشمس، فلمَّا رأى أمرهم قد اختلف بات مغموماً، فدعا الله ـ عز وجل ـ أن يُفرَج عنه، فأتاه آت في منامه فقال له: إذا أصبحت فخذ اللواء في يدك، واجعله على عُنُقك. فإنك تسمع بين يديك تكبيراً لا يسمعه أحد من المسلمين غيرك، فانظر الموضع الذي ينقطع عنك فيه التكبير فهو قبلتك ومحرابك، وقد رضي الله لك أمر هذا العسكر وهذا المسجد وهذه المدينة، وسوف يعز الله بها دينه، ويذل بها من كفر به، فاستيقظ من منامه وهو جزع، فتوضأ للصلاة، وأخذ يصلي وهو في المسجد ومعه أشراف الناس، فلما انفجر الصبح وصلى ركعتي الصبح بالمسلمين إذا بالتكبير بين يديه، فقال لمن حوله: أتسمعون ما أسمع؟ فقالوا: لا، فعلم أنَّ الأمر من عند الله، فأخذ اللواء فوضعه على عُنُقه، وأقبل يتبع التكبير حتى وصل إلى موضع المحراب فانقطع التكبير فركز لواءه وقال: هذا محرابكم فاقتدى به سائر مساجد المدينة ثم أخذ الناس إليها المطايا من كل أُفق وعظم قدرها... وكان عقبة خير والٍ وخير أمير، مستجاب الدعوة [ البيان المُغرب في أخبار الأندلس والمغرب (1/19 ـ 21) الكامل في التاريخ (2/484) فتوح مصر صـ133 والقصة صحيحة الإسناد. ]
وفي هذه القصة عبرة بليغة فيما حدث من عقبة حينما نادى تلك الوحوش والدواب فاستجابت له وغادرت ذلك المكان وهذه كرامة من الله تعالى يكرم بها أولياءه لما يريد بهم نصر الإسلام ونشره في الأرض، حيث أسمع تلك الدواب كلام عقبة وأوقع في قلوبها الخوف منه، وقدَّر لها أن تسمع وتطيع كما لو كانت ذات عقل وإدراك وقد رأى ذلك قبيل كبير من البربر فاسلموا، كما ذكر ابن الأثير في روايته [ فتوح مصر صـ 133 ]
هذا وقد حمل بعض الباحثين هذا الخبر على أنه من الأساطير التي نسجها الرواة حول عقبة وقد قال شيخ الاسلام بن تيميه -رحمه الله - :
وأهل السنة والجماعة يثبتون الكرامات للصالحين: فأولياء الله المتقون هم المقتدون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيفعلون ما أمر الله به وينتهون عما عنه زجر، ويقتدون به فيما بين لهم أن يتبعوه فيه، فيؤيدهم بملائكته وروح منه، ويقذف الله في قلوبهم من أنواره، ولهم الكرامات التي يكرم الله بها أولياءه المتقين، وخيار أولياءه كراماتهم لحاجة في الدين أو لحاجة بالمسلمين، كما كانت معجزات نبيهم صلى الله عليه وسلم كذلك، وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم [ مجموع الفتاوي (11/274) ] ..
ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بسبب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الإيمان أو المحتاج، أتاه منها ما يقوي إيمانه أو يسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية منه مستغنياً عن ذلك، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها، لا لنقص ولايته ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة[ المصدر نفسه (11/283) ] .... ( الدولة الامويه للصلابي بتصرف )
_______________
الصورة : جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير تونس
* ع *