منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    ** سيّدة ليالي رمضان **

    ليالي رمضان كلها أنس ونور , إنها ليالي الطاعات والقربات , في تلافيفها نفحات رحمة تتنزل على الأرض لتغمر المؤمنين , فإذا بالصدور تنشرح والقلوب تصفو والأرواح تشرق بما انعكس عليها من أنوار الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن . فأكرم بها من ليال لها طبيعتها الخاصة وأجواؤها التي تشعرك بيقظة الروح , وإقبالها على مولاها , الذي لا تأنس إلا به . هذه هي ليالي رمضان , كنهاره الحافل بالطاعات , ولا يخفى على مسلم أن طاعة النهار الصيام وطاعة الليل القيام . حيث التقت الفريضة مع السنة على صراط واحد وهذا هو الكمال ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) وثمة ليلة من ليالي رمضان لها قدسيتها على سائر الليالي , إنّها ليلة القدر سيدة ليالي رمضان , مع لمحات وومضات من فيوضات هذه الليلة نمضي في موكب النور لعل النفس تتهذب وتزكو والقلب يرحل رحلة إلى هناك فيجول في عالم الملكوت منخلعاً عن سلطان الدنيا عازفاً عنها ولو لوقت يسير فإذا عاد من رحلته عاد ومعه من الطاقات ما يستعين به على التقرب لمولاه.
    ليلة القدر في القرآن والسنّة : لقد ذكرت ليلة القدر المباركة في موضعين من كتاب الله العزيز مرّة في صدر سورة الدخان إشارة إلى فضلها وإلماعاً إلى ما تضمنته من جوامع الخير والبركات وأطايب النفحات وفيض التجليات . قال الحق تعالى شأنه : ( حم. والكتاب المبين . إنّا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين . فيها يفرق كلّ أمر حكيم . أمراً من عندنا إنّا كنّا مرسلين . رحمة من ربّك إنّه هو السميع العليم . ) في الآيات الكريمات إشارة واضحة لتلك البركات التي انطوت في تلافيف هذه الليلة,وأكرم بها وأنعم من ليلة شهدت أعظم حدث في الوجود ألا وهو نزول القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا حيث تلقّاه ملك الوحي جبريل عليه سلام الله لينزل به منجماً على قلب أحب الخلق إلى الله سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم لينقذ به البشرية من غفلتها وينقلها نقلة راقية من منعرجات الشرك إلى طريق الإيمان السوي , صراط الله المستقيم . وإني أسمّيها ليلة الخلاص , بل ليلة الإنقاذ , ولا أخالني مجانباً الصواب إذا سمّيتها ليلة الرحمة , لأن القرآن كله رحمة تنزّلت من السماء لتعم الأرض بمن فيها وما فيها. ومن ثم خصها الله عزّ وجلّ بسورة كاملة سميت باسمها , سورة القدر والتي تضمنت أطيب الحديث عن هذه الليلة من خلال ومضات وإشارات تحتاج منا لإدراكها إلى تأمل وبعد نظر وسلام تفكير . يقول الله تعلى : ( إنّا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر ؟ ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر . ) تعال ننظر , نفكّر نتأمل في هذه السورة لنقف على ما نطمح لمعرفته من حقائق هذه الليلة , فامض معي - رحمك الله- إلى رحاب الدّوحة الغنّاء نرشف أطايب الشراب, تلحظ بداية مظهر جلال الربوبية يلوح أمام ناظريك , تلمح عظمة الله ظاهرة في آياته المتلوة فضلاً عن آياته الكونية المشهودة وهذا تجده في سمة بارزة في كتاب الله تعالى . فليلة القدر إذاً ليلة السمو الرفعة والعزة وهذه مصطلحات قرآنية , وقد عظّم الله شأن هذه الليلة من خلال تلك الجملة الاستفهامية ( وما أدراك ما ليلة القدر ؟ ) فحريّ بنا أن نعظمها , وتعظيمها بقيامها وكثرة الذكر فيها والتضرع إلى الله بخالص الدعاء . وثمة إشارة لشرفها من ذلكم الخير الكثير الذي احتوته إذ تعدل ألف شهر من الجهاد والعمل الصالح , فمن أعطاها حقها نال ذلك الشرف , إذ تعدل ثلاثاً وثمانين سنة وذلك عمر طويل لا يبلغه إلا القليل . إنّها ليلة تفتّح فيها أبواب السماء وتهبط الملائكة إلى عالم الأرض وتتنزّل معهم وبهم الرحمات على لتغمر أولئك الصائمين القائمين الّذين ارتقوا من خلال تحقيق عبادة الصوم هذا المرتقى الملائكة يملؤون عالم الأرض يدعون لكل المؤمنين بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ومعهم جبريل عليه السلام . نزولهم أنما تمّ بأمر إلهي ولعل الشاردين عن الصراط يعدون إلى الحمى ويلتزمون أوامر الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ليلة القدر دعوة إلى السلام والأمان ونبذ الخصام والعداء . فهل آن لنا أن ندرك هذا المعنى القدسي ونبني حياتنا على منهج السلام والسلامة ؟ وتومئ السورة الكريمة إلى طي البعد القدسي لهذه الليلة إلى العام القادم عند بزوغ الفجر لتعود إلينا في عام قابل لتتجدد الطاقات وتستمر النفحات الربانية بلا انقطاع . بعد هذه الإطلالة على ما جاء في كتاب الله المجيد , هيا بنا نطل إطلالة أخرى على ما جاء في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم : لقد وردت أحاديث صحيحة بشأن ليلة القدر المعظمة تشير إلى مسائل تتعلّق بها , فنمض معاً إلى استعراض طائفة منها على طرقتنا في النظر والتأمل , في رياض الصالحين عقد الإمام النووي رحمه الله تعالى باباً خاصاً بهذه الليلة أورد فيه مجموعة من الأحاديث , فقال : باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها :
    1-عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه . " ( متفق عليه )
    2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر . " ( متفق عليه )
    3- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول : تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان . " ( متفق عليه )
    4- وعنها رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان . " ( رواه البخاري )
    5- وعنها رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله , وأيقظ أهله , وشدّ المئزر . " ( متفق عليه )
    6- وعنها رضي الله نعها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره , وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره . " ( رواه مسلم )
    7- وعنها قالت : " يا رسول الله أرأيت إن علمت أيّ ليلة , ليلة القدر ؟ ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنّك أنت عفو تحبّ العفو فاعف عني . " ( رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ) .
    لدى النظر المتأني في هذه الأحاديث , ندرك الحقائق التالية :
    أولاً - : الترغيب في قيام ليلة القدر والحض على إحيائها بالصلاة والذكر بلا عزيمة وهذا من ومضات رحمته عليه الصلاة السلام بأمته . حيث فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة . لكن المحب المتأسي يهرع لقيامها مدلياً بشاهد على حبه وتأسّيه .
    ثانياً - : توقيره صلى الله عليه وسلم واحترامه لرأي أصحابه رضي الله عنهم , وأخذه برؤياهم التي أجعت على أنها ليلة من السبع الأواخر من رمضان , وأمر بتحرّيها في هذه الليالي , وهنا نتعلّم كليف نتعامل مع رأي الآخر مادام لا يتعارض مع ثوابت ديننا عقيدة وشريعة .
    ثالثاً - : مجاورته صلى الله عليه وسلم أي اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان من خلاله يسن الاعتكاف في المساجد في هذه الأيام وذلك تحرّ لليلة المباركة .
    رابعاً - : تحديد أخص مما مرّ لموعد الليلة الشريفة , في الوتر من العشر الأواخر من رمضان , الأيام المفردة من العشر الأخيرة وهي ( 21- 23 – 25 – 27 -29 ) في أحد هذه الليالي الخمسة ولا بد .
    خامساً - : إحياؤه صلى الله عليه وسلم الليل كله في العشر الأخير وإيقاظ أهله لاغتنام الفضيلة سنة ينبغي ألاّ تترك بل ينبغي أن تعمر بها بيوت المسلمين , وهذا طريق راق لتحري ليلة القدر .
    سادساً - : اجتهاده صلى الله عليه وسلم في العشر الأخير خصوصية لهذه الأيام له ولأمته واسلوب آخر لالتماس الليلة المباركة .
    سابعاً - : الذكر الخاص بهذه الليلة والّذي استخرجته أمنا عائشة رضي الله عنها من مكنون علمه صلى الله عليه وسلم , وروحه طلب العفو عما سلف من الخطايا والأوزار , ينبغي أن يكون له احظ الأوفر في ساعات هذه الليلة .
    وأخيراً : أخي المسلم , ليلة القد تفد ألينا في العام مرّة فلا تدع خيرها يفتك بل اغتنمها فربّما وافاك الأجل قبل أن تطل الليلة على الوجود مرة أخرى .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

  2. #2

    رد: ** سيّدة ليالي رمضان **

    السلام عليكم
    رمضان كله رحمة وفضل وبركات ..ربما بعض من يعاني من الصيام صحيا يحق له ان يتحفظ ولكنه شهر الرحمة فعلا كما قلته ..يكفي ان الشياطين تصفد رغم انني ارى ان هناك من تفلت والعلامة بعض مظاهر الإفطار ممن لم يحترموا مشاعر الصائمين حتى.
    كل عام وانت بالف خير
    أبو فراس

  3. #3

    رد: ** سيّدة ليالي رمضان **

    السلام عليكم
    وكل رمضان وانتم بالف خير فعلا العشر الاواخر يجب ان نحرص عليها ففيها الثمرة ولن نفوت علينا فرصة العتق باذن الله كما فوت المسلمين عليهم النصر في أحد ونتعبرها دعوة عامة نتامل من كل الصائمين الحرص
    واللهم سلمنا لرمضان وتسلم رمضان منا خالصا مخلصا
    دمت بخير وسعادة
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    Red face رد: ** سيّدة ليالي رمضان **

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . حياكما الله الأخوين الكريمين في هذانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الصباح الطيب من الشهر الطيب , شهر رمضان . لقد قرأت رداّ راقياً , يدل على القراءة الواعية للموضوع , كما يشير الرّد إلى الاهتمام الواضح بالموضوعات التي تمس شؤون الدعوة الإسلامية ونشر العلم وتوسيع رقعة المعرفة . شـكــ وبارك الله فيكما ـــرا لكما ... لكما مني أجمل تحية . مع دعائي بالتوفيق لما فيه الخير دنيا وأخرى .

المواضيع المتشابهه

  1. ♦ آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم.
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان التصويب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-24-2014, 06:11 AM
  2. "جدة غير" يعيد الحكواتي والمسحراتي في ليالي رمضان الساهرة
    بواسطة الحلم القاتل في المنتدى فرسان السياحة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-04-2011, 05:37 AM
  3. يا سيّدة الحلم ...
    بواسطة إبراهيم حسون في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-04-2011, 04:23 PM
  4. اسطوانة الشيخ مشارى راشد العفاسى من ليالى رمضان
    بواسطة عبدالله جنينة في المنتدى فرسان الفلاشات والصوتيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-05-2009, 03:48 PM
  5. طرائف النساء في ليالي رمضان
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-08-2006, 09:41 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •