انني أحترم المشانق ..وطن بلا مشانق جدير بأن يخان
by بقلم: نارام سرجون (الملاحظات) on 7 مايو، 2013، الساعة 07:38 صباحاً
عندما قرأت كتاب الراحل محمد الماغوط "سأخون وطني" .. نظرت مليا الى العنوان وحدقت فيه لأتبينه بدقة.. وأعدت قراءته وأنا أعتقد ان هناك خطأ في قراءتي .. لكن العنوان الغريب جذبني وأغراني بالغوص في الكتاب .. العنوان المحرض الغريب أعجبني أيما اعجاب .. وفيه من الذكاء مايجعله مشحونا بالكهرباء العالية .. وكلما مرت عليه العين انتفض الجسد كما ينتفض جسد من يتعرض للصعق الكهربائي في مشاهد انقاذ المرضى .. وكنت كلما مررت باحباط وحالة غضب من ممارسات لاأرضى عنها أقول في نفسي .. ماأبلغك يا أيها الماغوط .. وماأحلى أن يصرخ الانسان فينا الآن (سأخون وطني) !! .. انها حالة تمرد وثورة واحباط عنيف عبر عنها الماغوط باتقان .. فما هو أكثر انحطاطا وهزيمة من خيانة الوطن .. ومع هذا يعلنها الماغوط كما يهدد المؤمن بالزنا والبغاء من شدة شعوره بالمرارة ..
لكن الماغوط الذي كتب "كاسك ياوطن" لم يكن يدعو الى الخيانة بل كان في العمق يقول: حذار من أن تصبح الخيانة خيارا وطنيا بحجة ان وطنا لايحترم أبناءه وكرامتهم "جدير بأن يخان" .. وأن وطنا مواطنه يهان جدير بأن يخان .. كانت صرخة الماغوط تقول بالضبط : ان أعظم شر يرتكبه البشر هو خيانة الوطن .. وان الاحباط الذاتي الساحق سيبرر خيانة الوطن .. أي انهيار الانسان والمواطن .. وهو قعر السقوط الانساني وذوبان الشخصية وتميعها .. انها نهاية مزرية للغاية ومصير مثير للاشمئزاز والتقزز .. والتقيؤ ..والاحتقار .. والانتحار ... ان صرخة سأخون وطني صارت توازي صرخة ..سأخون جسدي وسأنتحر..
في الماضي كانت الخيانة السرية من اختصاص الملوك العرب والرؤساء وقلة قليلة من الأفراد .. والخيانة في النخب السياسية وعلية القوم كانت هي سبب البلاء العربي .. ففي النكبة حنث الملوك العرب والرؤساء بوعودهم وتركوا جيش الانقاذ لمصيره .. وتسلل الملك عبد الله الأول جد الملك عبد الله الثاني الحالي خلسة من القرى والبلدات وتركها للهاغاناة وعصابات شتيرن .. بل وأفرغ لهم القرى والبلدات بأن طلب من السكان مغادرتها مؤقتا حرصا عليهم لأن جيوشه العاصفة ستجتاحها وهو حريص على شعبه من أذى الجيوش الغاضبة التي تتقاتل وتحطم كل شيء .. فدخلت العصابات الصهيونية معظم القرى العربية دون قتال .. وطبق الملك مبدأ (فادخلوها بسلام آمنين) وأضاف عليها الملك الأردني كلمة (غانمين) ..
وفي الستينات هزمنا ولكن من دون خيانة فينا على المستوى الشعبي والجماهيري وبقيت خيانة الملوك مثل الملك حسين حفيد الملك عبدالله الأول ووالد الملك عبد الله الثاني والذي انسحب من الضفة الغربية بصمت مريب من دون قتال بحجة أن ناصر هزم واستدرجه الى هزيمة .. ضجيج سيناء سمع عندما سقطت وكذلك ضجيج الجولان ولكن بعد قتال غير متكافئ .. أما الضفة فسقطت بصمت مطبق .. وكان ملك آخر هو ملك السعودية هو الذي أرسل سرا للرئيس الأمريكي اقتراحا فيه توسل بأن يتم ايقاف اندفاعة تيار عبد الناصر الذي يأخذ المنطقة بالتدريج .. وكان ذلك اذنا بتحطيم عبد الناصر في حزيران .. وكانت خيانة الملوك اضافة آخرى الى سجل الخيانات العربية ..
وفي السبعينات طار الجاسوس (المستر بيف) الملك حسين حفيد عبد الله الأول ووالد عبد الله الثاني سرا الى اسرائيل لتحذير الاسرائيليين من هجوم مباغت وشيك يقوم به السوريون والمصريون .. ثم تم زحلقة السادات واستدراجه الى اتفاق سلام لن تقوم مصر من آثاره بعقود ..وهاهي تدخل مرحلة التطبيع الثاني الاسلامي..
الخيانة كانت في القمة ومن القمة .. وكانت القمة تخشى الشعوب وتخشى انتقام الشعوب من الخونة وتخشى مزاجها الغاضب .. ولم يكن أحد يجرؤ على الحديث عن صداقة مع اسرائيليين ولااتصال معهم ولاعن مكاتب تجارية ولاعن سفارات ولا عن مفاوضات .. ولم يفكر أحد في رفع علم اسرائيل .. بل في ذروة الصراع بين الدولة السورية والاخوان المسلمين في الثمانينات لم يظهر الاخوان شيئا من هذا السلوك المتماهي مع اسرائيل رغم أن التحرك في الثمانينات كان من أجل السلطة واقامة الحكم الاسلامي ..
ولكن حدث تطور غريب في ممارسة الخيانة وهو أنها صارت جماهيرية وممارسة جماعية .. فرغم أن خطوة الرئيس السادات بزيارة القدس صنفت عربيا على أنها خيانة في مقاييس عصره لأنها فتحت الباب نحو كسر الحاجز النفسي تجاه العدو الا أنها بقيت خارج الخيانة الجماعية .. وبقيت موقفا اتخذه مع فريق سياسي لم يعمم نظرته لتصبح جماهيرية .. وفوجئت مؤخرا أنه حتى هذه اللحظة فان الأدبيات العسكرية المصرية لاتشير الا اسرائيل الا بالقول (العدو الاسرائيلي) وعندما يقوم الجيش المصري بمناورات وتدريبات فان العدو الافتراضي الذي يتحدث به العسكريون فيما بينهم هو (العدو الاسرائيلي) ..
ثم حدث النزاع الكويتي العراقي وعاصفة الصحراء .. فاندفع الكويتيون لاختراع نوع جديد من الولاء والوطنية .. وهو الولاء للمحتل الغربي وليس المحتل العربي .. الكويتيون والخلايجة قاموا برفع شأن الأمريكيين (الغزاة الجدد) الى حد مثير للدهشة وتحول الخليج الى عصفورية من مجانين بلا عقل .. ومعقل من معاقل تربية الفكر الخياني .. وصرت اذا دخلت مكاتب رسميين وقياديين وأفراد كويتيين تجد صورة جورج بوش الأب بكل وقاحة بدل صورة عبد الناصر أو آية قرآنية أو سورة الكرسي أو الفاتحة .. وصورة العلم الأمريكي بدل صورة الأقصى .. ولاأنسى كيف أن والدي الذي ينتمي الى جيل (الهزائم الكبرى) وقف مبهوتا لايصدق وهو يتأمل مصدوما صورة ضخمة لجورج بوش الأب على جدار غرفة مكتب أحد الكويتيين ..وقال بعفوية: "الله لا يسامحك ياصدام حسين لأنك تركت هؤلاء على قيد الحياة" .. انه جيل الهزيمة لكنه جيل الكبرياء الأكبر والوطنية الكبرى ..
انتعشت ثقافة الخيانة وتحدي الوطنية علنا بحجة الاحتجاج على القزو (الغزو العراقي) أو الاحتجاج على ديكتاتور .. ولكن المثير للسخرية هو أن الأمريكيين لو أنهم حرروا الكويت "ببلاش" وبلا ثمن وبسبب دوافع أخوة وصداقة وأخلاقيات انسانية فسأضع بنفسي صورة بوش وابنه وزوجته في غرفة الاستقبال وفي غرفة نومي فوق سريري .. وسأضع العلم الأمريكي على زجاج سيارتي .. لكن الأمريكي لم يحرر الكوايتة الا ليسرقهم ويمتص دمهم وعروقهم ... وهو قاتل ابن قاتل وسارق ابن سارق بدأ بالهنود الحمر والقيتناميين واليابانيين والكوريين ولايزال يزدرد فلسطين والعراق وليبيا.. اي طرد الامريكيون صدام والتهموا الفريسة الكويتية مع بقية الذئاب والضباع الجائعة الأوروبية .. وقاموا بأنفسهم باحتلال الخليج كله واتكؤوا بقواعدهم على حافة قبر النبي .. وصار الأمريكي يتدخل في كل شيء كما أي محتل ويفرض صفقات سلاح هائلة على الجميع مثيرة للاحتقار ويمد يده دون وازع الى جيوب الخليجيين ليمول اقتصاده .. ومع هذا اعتبر محررا .. واستقبل بوش حيثما حل كما يستقبل غيفارا الذي نذر نفسه بلا مقابل لتحرير الشعوب المظلومة .. وقامت مجموعات واسعة في تلك المنطقة وتكتلات اجتماعية بالترحيب بالاحتلال .. وغض المثقفون الطرف عن هذا النوع من الخيانة بل وتغير الوضع ليكون لتبرير الاحتلال الجديد للحماية من خطر ايران هذه المرة .. ثم دخلت اسرائيل من نافذة قطر وصار لها وجود أكثر مما هي موجودة في بعض مستوطنات الضفة الغربية .. وصارت الخيانة عملا من الأعمال والأنشطة التي يعاب على الناس اللجوء لانتقادها وتعتبر حركة دقة قديمة من حركات (القومجية) .. وصارت هناك ثقافة قبيحة للغاية وهي (لاأحد منا خائن .. ولاداعي للتخوين والمزايدة) .. لغة التخوين صارت منبوذة تجاه ثقافة الحرية وثقافة تقديس (الحوار وتبادل الرأي)..
لكن الخيانة الجماعية طرأ عليها طفرة جعلتها تتحول الى ثقافة مرضية خطيرة للغاية وهي أنها صارت واسعة الانتشار بل صارت على مستوى شعبي وجماعات واسعة وكأنها انفلونزا الطيور .. كانت البداية مع المعارضة العراقية التي افتتحت عالم الخيانة الجماعية بتسهيل التواطؤ مع الغزاة وكان المعارضون من شتى الفرق يذرفون الدموع على كل الشاشات ويؤتى بهم الى كل المؤتمرات ليقبلوا أيادي المجتمعين يطلبون انقاذهم وهم يبالغون في الشكوى والألم والتفجع .. كانت حالة هستيرية من الانفعال والابتهاج بالعمل الخياني وكأنه اكتشاف جديد للبشرية في عملية النضال والجهاد والتحرر .. وكان الحديث مع المعارضين العراقيين مسببا للصداع لأنه سينفجر فورا الى صراخ علينا وبكاء وادعاء اننا لانعرف صدام ولانظامه ونتعاطف مع الجلاد والسفاح .. وأن رحمة أمريكا أهم من رحمة الوطن الذي يقتلنا .. الوطن الذي يهيننا جدير بأن يخان .. عبارة كان الصواب فيها هو أن وطنا نموت فيه جدير بأن نموت لتحريره بأيدينا .. لا لخيانته ..
ووصلت الخيانة الى منعطف خطر جدا في لبنان عندما تحول السياسيون وكتلهم السياسية الى كتل كبيرة تؤسس لثقافة الخيانة الجماعية وحفلات التعري والستبرتيز من ثقافة الوطنية تحت شعار (الدم يعمي العيون) .. ودم الحريري أهم من الوطن وعيون الوطن وأرز الوطن .. وطلب "الحئيئة" والثأر لدم الشهيد عبر ميليس ولجان تحقيق تقطر صهيونية هو الوطنية الخالصة الذهبية .. ولكن صدقوني لن يعرف العالم قاتل الحريري طالما أنه صار اساسا راسخا لثقافة الخيانة وتوارثها .. وانطلقت ثقافة اسكات الانتقاد والتشكيك من قبل الوطنيين بالتهديد باطلاق التمرد على اتهامات التخوين بحجة "الاستئلال من الوصاية السورية" .. والغريب أن مبالغة الوطنيين اللبنانيين في تفهم مشاعر الطرف الآخر وعدم استفزازه جعلهم ينحنون أمام اعصار ثقافة الخيانة الجارف .. ووصل الأمر أن يشرب الجيش الاسرائيلي الشاي علنا في مضافة أحمد فتفت وهو وزير في منصب رسمي دون أن يحاسب أو أن يقال .. وصارت حفلات الشاي وديبلوماسية الشاي هي قلب التحرك ضد المقاومة .. وصار كل الجواسيس والعملاء وكل الدلالين على الأهداف والجواسيس الذين يتقاضون رواتب من اسرائيل هم الأحرار .. ومع هذا تم السكوت عن الخيانات العظمى ..
وصارت الخيانة الصريحة تلبس ثيابا ملونة ومزركشة وتتزين بأقراط (الرأي والرأي الآخر) الذي أشاعت أجواءه الجزيرة وجرائد السعودية وعبد الرحمن الراشد الذي كانت مجلة المجلة تحت ادارته معنية بالتطبيع مع المجتمع الاسرائيلي وليس مع نخبه السياسية .. بحجة حرية التعبير .. والديمقراطية في السياسة .. ولكل رأيه الذي لايجب تكفيره واضطهاد فكره .. وهو اجتهاد سياسي من أجل الوطن ..
والخطير أن الاعلان الصريح بالخيانة علنا على الشاشات صار يقود الناس العاديين في الشارع العربي الى تكرار التفكير بالخيانة بشكل ببغائي .. كأنها عمل تقوم به النخبة وعلية القوم وهو من صفات التفكير الحر المتمرد .. وهو من مزايا الشخصية المتطورة المنفتحة .. وهو من علائم الثورية والنزق ..
ونضج العقار الجديد والحساء الذي يشربه الجميع في ربيع العرب وتسابقت العامة والنخب للالتحاق بالخيانة الوطنية بعد موت الشعور الوطني كما تسابق نبلاء فرنسا من غرفة الملك لويس الخامس عشر الذي مات وهم يرددون: مات الملك .. قبل أن يقفزوا بسرعة وجنون في ممرات قصر فرساي وهم يتدافعون و يتسابقون للوصول الى مقر ولي العهد لويس السادس عشر وهم يصرخون عاش الملك .. عاش الملك ..
الثورات مات ملكها القديم وهو الوطن .. وعاش الناتو الملك الجديد..وعاش الاحتلال ..
ونضجت الخيانة الجماهيرية الواسعة في الربيع العربي وتألق فيها الاسلاميون ايما تألق في تونس وليبيا ومصر وسورية .. وقادت القيادات الاسلامية جماهيرها غرائزيا الى حالة تبرير الخيانة ومباركتها طالما أنها توصل الى حكم الخلافة .. فصار قصف ليبيا لتحريرها حضارة وحرية ..والاعتراض عليها هو خيانة لدم الشهداء .. وقبّل الثورجيون السوريون أحذية العالم ولعقوا الأقدام وباعوا نساءهم في المعسكرات ووزعوا صور أبنائهم المشردين والاذلاء من أجل تسول الفصل السابع .. وظهرت لنا أشكال هيئة التنسيق والبليد ثقيل الظل ميشيل كيلو وجورج صبرة وسيدا ولوردا وقضماني والأتاسيات والائتلاف الوطني من أجل أن يتم احتلال بلادهم بحجة تحريرها .. وباع رياض الشقفة لواء اسكندرون علنا وتخلى عنه من أجل الوصول الى السلطة بحجة أن التقادم يلغي الحق .. وتسابق غليون وسيدا ومعاذ لطمأنة اسرائيل والى تقطيع أوصال وشرايين العلاقة بين سورية وايران وحزب الله وروسيا .. وقصف اسم حزب الله وايران بكل قذائف الطائفية فيما رقص الجميع في حفل زفاف اسرائيل على الثورات العربية وصارت اسرائيل عروسا جميلة طالما أنها ستساعد في الوصول الى الحرية في بناء الدولة الاسلامية وتملأ الدنيا مساجد وتملؤها بمسلمين ليس لهم عقول المسلمين ولاقلوب المسلمين بل روبوتات تسير الى الصلاة والفتن .. بل عقول دخلها الطاعون وشربت من انفلونزا الخيانة ..
لقد ظهر ثوب آخر خلعته الثورات على الخيانة على أنها مبررة لأن (من يقتل شعبه خائن) وهذا يبرر الخيانة العظمى لانقاذ الشعب من (الخائن) .. وتم الزج بعبارة (التحالف مع الشيطان مبرر) وكان هذا الشيطان الودود هو اسرائيل .. وبالتالي تسابق الجميع الى الخيانة لأنها صارت حسا غرائزيا لدى الجمهور الثوري ..الحواضن الثورية خرجت الى حالة من اللاوعي الجمعي والخيانة الجماعية .. ومارست غواية الخيانة .. ورذيلة الخيانة .. وبغاء الخيانة..
ماذا بقي من الوطن ان بقي كل هؤلاء الخونة .. بعضهم يعرض الوطن للبيع في قطر وبعضهم لايمانع أن يهديه لأمريكا وبعضهم يريد وضعه في علبة أنيقة ويربطه بخيطان الهدايا ويقدمه لتركيا .. وبعضهم يطبخه بالدم والثورات ويشويه بالنار ليقدمه وجبة شهية لاسرائيل ..
لنتذكر قصيدة لشاعر دمشق نزار قباني لاتنطبق على حكام العرب وحدهم بعد اليوم بل على الجميع من حكام نعاج الى ثوار العرب وحواضنهم وجيل الثورات الناتوية اذ يقول:
.. واحدٌ يبحث في لندن عن قصرٍ منيف
..واحدٌ يعمل سمسار سلاح..
يطلب في البارات ثاره
آآآآه .. يا جيل الخيانات..
ويا جيل العمولات.. ويا جيل النفايات
وياجيل الدعارة
هذه هي ثقافة الخيانة التي تنتشر في الأمة كالنار في الهشيم وتجسدها كمرض تأصل تصريحات المعارضين السوريين التي هللت وكبرت للضربة الاسرائيلية على جمرايا .. ولايمكن علاجها الا بانهاض ثقافة الحساب العسير والمحاكمات الكبرى والمشانق لرموز الخيانة في الساحات .. يجب أن يعود العبوس الثوري الوطني في وجوه الخونة .. ففي لبنان فوّتنا فرصة تقديم كل الذين تعاملوا مع العدو الى المحاكم خشية على مشاعر الطوائف وصار كل خائن يهدد بطائفته وبالفتنة .. ولكن كان يجب التصرف بحزم أخلاقي تجاه هذه الظاهرة التي صارت ثقافة وصارت ربيعا عربيا لاحقا .. وصل الى سورية من وادي خالد ..
يجب أن تعاد للوطنية قدسيتها الكبرى وموقعها الرفيع .. ويجب أن تعاد للوطنية هيبتها فيبقى الخونة ضامرين غائبين في الظلام كي لاينشروا هذا الفيروس والداء والمرض بين الناس والثقافة المخجلة والمشينة .. لأن مافعلته ثورات الخيانة العربية جعل كل واحد فينا يتساءل تساؤلا منطقيا .. هل مافعلته الديكتاتوريات الوطنية كان قليلا بحق هؤلاء الوضيعين .. بل هل كانت الديكتاتوريات تدرك أن حجم الميل للخيانة سيكون كبيرا ان ترك الحبل على الغارب فمارست الديكتاتوريات القسوة على الناس لأنها تعرف ضعف الناس؟؟ لاأعرف حقيقة .. لكن جيل الخيانات والعمولات والنفايات والدعارة الذي نراه وهو يكبر لاشتعال قاسيون بصاروخ اسرائيلي ويعبر عن ابتهاجه على الشاشات الاسرائيلية ويشكر لاسرائيل تفانيها لخدمة قضيتهم .. يجعلنا نحس بالعار .. وبالرغبة في أن نرفع المشانق بدل حقوق الانسان ..وبدل الأعلام ..وهذا اجراء طبيعي .. وفي كثير من دول الغرب فان اسقاط الجنسية حق من حقوق الدولة وواجباتها المقدسة تجاه من يثبت أنه لايمارس الولاء للوطن .. أو يتعاطف مع العدو تحت أية ذريعة .. وهاهم كل الثورجيين العرب في أميريكا .. يستطيعون اطلاق لحاهم حتى تلامس الأرض وتكنس الرصيف .. ويستطيع بالحرية أن يلف امرأته بنقاب كالخيمة لتصبح كالمومياء .. لكن لسانه لايخرج الا ليثني على أميريكا ويغض الطرف عن انتقاد اسرائيل .. والويل للسانه ان أنكر الهولوكوست .. وان لم يعلن التبرؤ من بن لادن ..ومن جبهة النصرة والقاعدة .. والا فالقانون الصارم في انتظاره .. قانون الباتريوت والارهاب .. وهناك تشريعات واضحة في العديد من الدول الغربية لسحب الجنسية عمن يدينه القانون بعمل يضر بالمصلحة العليا ويخصون في ذلك أبناء المهاجرين ..
لاترتفع الأعلام الوطنية اذا ارتفعت هامات الخيانة .. ولكن لاترتفع هامات الخيانات اذا ارتفعت المشانق ..وليقل الأحرار مايقولون .. انني أحترم المحاكم العلنية الكبرى .. وانني أحترم مشانقها التي تشنق رموز النفايات .. وثوار العمولات والدعارة .. ماأعظم هيبتها تلك المشانق .. وماأضعف الوطن عندما تغيب عنه المشانق ..
وطن بلا خيانات يصبح أذان الفجر فيه مسبوقا بعبارة .. أقسم لن أخونك ياوطني ..وعندها سيختفي حمد بن خليفة وحمد بن جاسم في زرائبهما .. وسيدخل الملك الهاشمي في جحره الصغير .. ويذهب نبيل العربي الى فراشه بعد أن يبول جيدا في الحمام لينام دون انقطاع .. ويعود سعد الحرير الى روضته والعابه ويترك السياسة .. ويقرر عقاب صقر بيع الحليب في حلب بدل اللعب بالسياسة .. ويتمنى خالد مشعل أن يعمل في مقهى الروضة الدمشقي بوظيفة موظف أركيلة .. ويعمل اسماعيل هنية مطهرا للأولاد بدل تطهير يد القرضاوي بفمه ..وسيدخل ملك السعودية الى خيمته ويمضغ بعض التمر ممزوجا ببول البعير ..
اذا كان الماغوط قد قال: ان وطنا لايكرمني جدير بأن يخان .. فانني سأقول: ان وطنا بلا مشانق جدير بأن يخان ..