منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الحمامَةِ والثَّعلَبِ ومالِكٍ الحَزينِ‎

    أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ
    وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
    جاء في كتاب كليلة ودمنة ...قالَ دَبشَليمُ الملِكُ لبَيْدَبا الفَيلَسوفِ: اضرِبْ لي مَثَلاً في شأنِ الرَّجلِ الذي يَرَي الرأيَ لغيرِهِ ولا يَراهُ لنفسِهِ.
    قالَ الفَيلَسوفُ: إنَّ مَثَلَ ذلك مَثَلُ الحمامَةِ والثَّعلَبِ ومالِكٍ الحَزينِ.
    قالَ الملِكُ: وما مَثَلُهُنَّ؟
    قالَ الفَيلَسوفُ: زَعَموا أنَّ حَمامَةً كانت تُفرِخُ في رأسِ نَخلَةٍ طويلَةٍ ذاهِبَةٍ في السَّماءِ.
    فكانتِ الحمامَةُ إذا شَرَعَت في نَقلِ العُشِّ إلي رأسِ تلك النَّخلَةِ لا يُمكِنُها ذلك إلاَّ بعدَ شِدَّةٍ وتَعَبٍ ومَشَقَّةٍ لطولِ النَّخلَةِ وسُمقِها ... وكانت إذا فَرَغَتْ مِنَ النَّقلِ باضَتْ ثم حَضَنَتْ بَيضَها ، فإذا فقش البيض وأدرَكَ فِراخُها ، جاءَها ثَعلَبٌ قد تَعَهَّدَ ذلك منها لوقتٍ قد عَلِمَهُ رَيثَما يَنهَضُ فِراخُها ، فيقف بأسفل النَّخلَة فيصيح بها ويتَوَعَّدَها أن يَرقي إليها أذا لم تَلقِي إليه واحد من فِراخَها فتُلقيه إليه.

    فبينما هي ذاتَ يومٍ وقد كبر لها فَرخانِ إذ أقبَلَ مالكٌ الحَزينُ فَوقَعَ على النَّخلَةِ...فلمَّا رأي الحمامَةَ كئيبَةً حَزينةً شديدَةَ الهَمِّ قالَ لها: يا حمامَةُ ما لي أراكِ كاسِفَةَ البالِ سَيِّئَةَ الحالِ؟
    فقالت له: يا مالِكُ الحَزينُ إنَّ ثَعلَبًا دُهيتُ به كلَّما كانَ لي فَرخانِ جاءَني يَتَهَدَّدُني ويَصيحُ في أصلِ النَّخلَةِ فأخاف منه فأطرَحُ إليه فَرخَيَّ.

    قالَ لها مالِكٌ الحَزينُ: إذا أتاكِ ليَفعَلَ ما تَقولينَ فقولي له: لا أُلقي إليكَ فَرخَيَّ فارقَ إلَيَّ وغرِّرْ بنفسِكَ. فإذا فَعَلتَ ذلك وأكلتَ فَرخَيَّ طِرتُ عنكَ ونَجَوتُ بنفسي.

    فلمَّا عَلَّمَها مالِكٌ الحَزينُ هذه الحيلَةِ طارَ فوَقَعَ علي شاطِئِ نَهرٍ. وأقبَلَ الثَّعلَبُ في الوقتِ الذي عَرَفَ، فوَقَفَ تحت النَّخلَة ثم صاحَ كما كانَ يَفعَلُ، فأجابَتهُ الحمامَةُ بما عَلَّمَها مالِكٌ الحَزينُ، فقالَ لها: أخبِريني مَن عَلَّمَكِ هذا؟ قالت: عَلَّمَني مالِكٌ الحَزينُ.

    فَتَوجَّهَ الثَّعلَبُ حتي أتي مالِكًا الحَزينَ علي شاطِئِ النَّهرِ فوَجَدَهُ واقِفًا. فقالَ له الثَّعلَبُ: يا مالِكُ الحَزينُ إذا أتَتكَ الرّيحُ عن يَمينِكَ فأينَ تَجعَلُ رأسَكَ؟ قالَ: عن شِمالي. قالَ: فإذا أتَتكَ عن شِمالِكَ أينَ تَجعَلُ رأسَكَ؟ قالَ: أجعَلُهُ عن يَميني أو خَلفي. قالَ: فإذا أتَتكَ الرّيحُ من كلِّ مكانٍ وكلِّ ناحيةٍ أينَ تَجعَلُهُ؟ قالَ: أجعَلُهُ تحت جَناحَيَّ. قالَ: وكيفَ تَستَطيعُ أن تَجعَلَهُ تحت جَناحَيكَ؟ ما أراهُ يَتَهَيَّأُ لك. قالَ: بلي. قالَ: فأرِني كيفَ تَصنَعُ فلَعَمري يا مَعشَرَ الطَّيرِ لقد فَضَّلَكُمُ اللهُ علينا. إنَّكُنَّ تَدرينَ في ساعَةٍ واحدَةٍ مثلَ ما نَدري في سَنَةٍ. وتَبلُغنَ ما لا نَبلُغُ وتُدخِلنَ رؤوسكن تحتَ أجنِحَتِكُنَّ مِنَ البَردِ والرّيحِ. فهَنيئًا لَكُنَّ. فأرِني كيفَ تَصنَعُ.

    فأدخَلَ الطَّائِرُ رأسَهُ تحت جناحَيهِ. فَوثَبَ عليه الثَّعلَبُ مكانَهُ فأخَذَهُ فهَمَزَهُ هَمزَةً دَقَّ بها عُنُقَهُ. ثم قالَ: يا عَدُوَّ نفسِهِ تَرَي الرأيَ للحَمامةِ وتُعَلِّمُها الحيلَةَ لنفسِها وتَعجِزُ عن ذلك لنفسِكَ حتي يَتَمَكَّنَ منكَ عَدُوُّكَ! ثم قَتَلَهُ وأكَلَهُ. أ.ه
    يا أيُّها الرَّجلُ المُعَلِّمُ غيرَهُ ** هلا لنفسِكَ كانَ ذا التَّعليمُ؟!

    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  2. #2
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    البصرة-العراق
    المشاركات
    1,840

    رد: الحمامَةِ والثَّعلَبِ ومالِكٍ الحَزينِ‎

    شكرا لك أ. راما إن كتاب كليلة ودمنة كثير المواعظ سهل البيان على لسان الحيوان جميل بوركت مودتي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •