ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمفرده دون أهل أو أصدقاء , ولا بدّ له من العيش داخل مجتمع مدني متحضر ليمارس فيه النشاط العاطفي والعقلي والجسماني , لذلك قال ابن خلدون بهذا الخصوص ( الإنسان مدني بالطبع ) .
ولما كان الصديق ضرورة من ضروريات حياة الإنسان , فيجب علينا المبادرة باختيار من يناسبنا من الأصدقاء,بعد أن نتعرف إليه ونعرف صلاحيته عقلياً وعاطفياً وإنسانياً ,
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
ويجب أن يكون للصديق خصلة مميزة ليكون بمثابة الروح للجسد , فلا أغضبه , ويكون الحلم علامة مميزة للصديق , قال الشاعر:
من لي بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلم رد جوابه
أي لا يجوز بحق الصديق أن يتجاهل صديقه أو يهمشه لأتفه الأسباب , أو أن يغيب عنه بلا اتصال مدعياً بعزة للنفس , فعزة النفس هي أن تحافظ على صديقك ولا تجعله يخرج من بين يديك مهما كانت الأسباب , ولا يكون ذلك إلا بالحلم وامتصاص غضبه بالحكمة والكلمة الطيبة , وإعطاء النصيحة , والمسامحة ,والاحترام المتبادل , ولا تجادله بشيْ , بل تكون البشاشة على محيّاك , فالجدال مذموم بالطبع , فلا تكون الحياة جميلة إلا بالأصدقاء الأوفياء الذين يمتازون بالعطاء والسخاء والدفاع عن الصداقة بالحق , ويسأل عنه عند الغياب , ويزوره عند المرض , ويشاركه بأفراحه وأتراحه ,ولا يقاطع الصديق صديقه مهما كانت الأسباب ,..
ومن أعلى مراتب الصداقة , الإيثار . وتعني أن تعطي صديقك من المميزات التي تحبها ..فتقاسمه همومه وأحزانه , وتدافع عنه في حضوره وغيابه .
صديقي من يقاسمني همومي ... ويرمي بالعداوة من رماني
ولا تكثر العتاب , لأن ذلك يزيد من التفرقة , إذ قال الشاعر :
إذا كنت في كل الأمور معاتبا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
ولا يحق للصديق مقاطعة صديقه , ونهى الإسلام عن ذلك بقول رسولنا الكريم :
لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
وكنت إذا الصديق أراد غيظي وشرقني على ظمأ بريقي
غفرت ذنوبه وكظمت غيظي مخافة أن أعيش بلاصديقي
فقد قيل , أسعد الناس أكثرهم أصدقاء , وقال الشاعر:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادِق الوعد منصفا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .