كن منصفاً ميشيل كيلو فالأكثرية هي من تستحق الضمانات -3- للأستاذ محمد فاروق الإمام:
وللتعليق على تساؤلات الأستاذ ميشيل كيلو أحب أن أنوه إلى أنني لست ناطقاً باسم المجلس الوطني ولا باسم الإخوان المسلمين الذين عناهم في تساؤله، ولكنني كمعارض سوري يهمني ما جاء في مقال الأستاذ ميشيل كيلو ويهم كل مواطن سوري أن يجد الجواب على هذه التساؤلات التي طرحها والتي تشكل هاجس خوف لدى الأقليات في سورية، ولو أنني أعتقد جازماً أن هذه التخوفات مفتعلة ولا أسباب وجيهة إلى طرحها وتداولها لأنها على أرض الواقع لا تحتل أي حيزاً في حياة السوريين الذين لم يفكروا للحظة واحدة أن هناك أقليات وأكثرية، بدليل أن الأكثرية وهم المسلمون السنة الذين يشكلون نحو 80% من السوريين ارتضوا في فترة الحكم الديمقراطي والتعددية الحزبية أن يكون رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزير الأوقاف ومندوب سورية في الأمم المتحدة مسيحياً، وللتذكير... فقط فإن من قاد الثورة السورية الكبرى هو سلطان باشا الأطرش وهو درزي وارتضى قادة الأكثرية الانضواء تحت قيادته، وأن فرنسا عندما أرادت أن تثير الطائفية في سورية وتدعي حق حمايتها للمسيحيين خرجت المظاهرات الحاشدة في مدينة حلب وهي تضم أكبر تجمع للأقلية المسيحية يتقدمهم الدكتور أدمون رباط وهو يضع الهلال في عنقه ويرفع المصحف في يده، في حين كان الشيخ أحمد الإمام (الملقب بالشيخ المجهول) يضع الصليب في عنقه ويرفع الإنجيل بيده، تعبيراً عن التعايش السلمي الفريد بين كل الطوائف والأديان والمذاهب، وأفشلوا خطط فرنسا وأرغموها على طي ملف حماية الأقليات في سورية وحل الحكومات الطائفية التي أقامتها بهدف تقسيم سورية وتجزئتها إلى دويلات، والتي رفضتها تلك الأقليات قبل الأكثرية.
وحتى بعد تسلم حافظ الأسد منصب رئاسة الجمهورية وهو من الطائفة العلوية التي لا تشكل في سورية في أحسن الأحوال أكثر من 8% رضي به السنة وهم الأكثرية لوعود أطلقها دغدغ بها مشاعرهم ولاقت قبولاً عندهم. وكذلك الحال عندما ورث بشار أباه حافظ الأسد لم تبد السنة أي اعتراض على ذلك وقد سمعوا من الطبيب الشاب كلاماً جميلاً ووعوداً بالتغيير.
وإذا كان لابد من ضمانات فإن من حق الأكثرية على الأقلية تقديم الضمانات التي تتماها مع حجمها وثقلها الديني والمجتمعي وقد اكتوت لأكثر من أربعين سنة من التهميش والإقصاء والنفي والإبعاد، تعرضت خلالها لأبشع أنواع المعاملة الدونية والسادية، فقد ساق الأب الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية، عشرات الآلاف منهم إلى المعتقلات والسجون والأقبية، ونفى عشرات الآلاف إلى خارج الوطن، ونصب عشرات المجازر التي راح ضحيتها عشرات الآلاف في العديد من المدن السورية، وهذا الحال يتكرر اليوم على يد الأسد الابن ففي كل يوم مجزرة وفي كل ساعة حفر مقبرة، حتى تجاوز هذا الأسد الصغير ما فعله أبوه عشرات المرات من قتل وذبح وانتهاك للمحرمات والأعراض، ولم تسلم من موبقاته ومنكراته أي مدينة أو بلدة أو قرية سورية في كل البلاد طولاً وعرضاً، جعلت منه ومن نظامه الأمني الوحشي الرهيب حديث العالم وتندره.