عيد ميلاد ذنوبي
السابعة مساء!, لم يتبقْ على بداية المسلسل الدراميّ إلا نصف ساعة, عليّ الذهاب إلى المنزل . أوقف أحمد سيارته أمام باب المنزل ألذي ساده الظلام, تمتم :
- آه.. لكن لماذا بيتنا مظلم؟, لابد انه عطل ما سيمنعني من مشاهدة حلقة هذا اليوم, نادى بصوت عالي : - أم نور.. أنيرت المصابيح, وعلت المكان ضربات تصفيق زوجته وابنته نور. - ما هذا يا أم نور؟
- أحقا لا تعرف ما هذا يا أحمد!.. كالعادة تتذكر كل شيء إلا عيد ميلادك أنت, هيا لنحتفل يا حبيبي قبل أنّ يغلب النعاس على نور.
انتهى الاحتفال المصغر والجميل, ذَهبت الزوجة لإتمام بعض الأعمال المنزلية وجلس احمد يفكر..
- اي عمر هذا الذي يمر مسرعا؟! لقد أكملت ثلاثين سنة من عمري!,عمر لطالما كان مصحوبا بالتعب والألم وفراق الأحبة..
انتبه على صوت من الداخل يصيح به : - بماذا احتفلت اليوم يا أحمد ؟ - احتفلت بعيد ميلادي!! - وماذا يعني لك عيد ميلادك ؟ - يعني أن عمري اصبح ثلاثون عاما .
- إذن انت تحتفل لأنك خسرت سنة أخرى من عمرك!, و اقتربت من الموت اكثر .. كيف لأحد أن يفرح ويعمل أحتفال لأنه خسر شيئ جميل وعزيز عليه!, وكيف لعاقل أن يحتفل لأنه يقترب من الموت !!
احس بصعقة كبيرة سرت في جسمه لدرجة انه فقد القدرة على الحركة, تضايق من هذه الأفكار كثيرا لكن لم يستطع التخلص منها ,
الصوت مجدّدا: - لكن ليس المشكلة في أنك اقتربت من الموت!! . - أين المشكلة إذن اخبرني ؟!!
- المشكلة انك تحتفل بمرور عام على ما صوبته من نظرات عشق مليئة بالخطيئة لحبيبتك السابقة عندما التقيت بها , لدرجة نسيت انك رجل متزوج؟!! , تحتفل بمرور عام على جلوسك لأكثر من مرة مع مجموعة من الأصدقاء والذين لم يتورعوا عن اغتياب الناس؟! , وكنت تسمع وتشاهد تصرفاتهم دون أن تبدي أي انزعاج أو إنكار لتصرفهم هذا!. تحتفل على مرور عام على القطيعة التي بينك وبين اخوتك؟! ..
- إذن انا أحتفل بمرور عام على ارتكابي كل هذه الذنوب!!! والتي لم أفكر فيها يوما من الأيام! , ولم أحاسب نفسي عليها!,أحتفل بذنوبي مع أنني إنسان مسلم يبحث عن رضا الله, والاحتفال بمحبته له وقربه منه, أي تناقض هذا الذي أعيشة أنا ؟! يا ويلتي كيف سيسامحني الله ؟!! إذا كنت أنا لا ارى لنفسي ولأعمالي العذر والمغفرة!, كيف لي ان ابرر عملي هذا؟!! بأن احتفل, وآكل الشوكلاته وأطفأ الشمع واصفق على مرور عام على ذنوبي التي لم أتب منها,ولم اطلب من الله العفو عليها,
هكذا بدأ يؤنب نفسه ويوبخها. احس بدموعه تساقط كالجمر على وجنتيه لتحرقها ندماً,استغفر ربه وقام توضأ ليصلي طلبا للمغفرة والتوبة, سجد وقال :
- أعدك يا رب أني سأعمل جاهدا على ان أغيّر كلّ شيء في حياتي نحو الأفضل, وأن يكون هذا أخير عيد ميلاد ذنوبي .
~ حيدر السعبري