بقلم- عطا مناعخبر فلسطيني عادي جداً
قتلتنا الردة إن الواحد فينا يحمل في الداخل ضده..... كلمات للشاعر العراقي مظفر النواب تختصر الموقف في فلسطين المحتلة المنقسمة على نفسها، فلسطين التي ليست بمعزل عن محيطها العربي المترهل الفاقد القدرة على التمييز والمتعامل مع ما تنتجه آلة القمع بعادية.
كل شيء في بلدنا عادي بالنسبة لنا، وقد أصبحت الأخبار المتعلقة بحياة الناس عادية، أن تقتحم وحدة "النحشون" القمعية التابعة لإدارة السجون التابعة لدولة الاحتلال سجن مجدو وتنكل بالأسرى عادي! وان نصحو من النوم ونستمع لخبر استشهاد فلسطيني في سجون الاحتلال أو جراء اعتداء عتاة المستوطنين هو خبر عادي نمر علية مرور الكرام!!!! وعادي بالنسبة لنا أن نتابع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو وهو يقول هذه الأرض لنا والقدس لنا وسنسيطر عليها ديمغرافياً ونفرغها من سكانها الأصليين؟؟؟؟
عادي أن نفاوض دون بوصلة!!! وعادي أيضا أن نقاوم بعفوية ودون إستراتيجية وطنية!!! والعادي جداً أن نستمتع بما نسمعة من تضليل حول الوطن وحقوق المواطن!!!! والأكثر عادية أن نلعن الانقسام ونحن غارقين فية إلى الرقبة؟؟؟؟
ما هذه العادية التي تسيطر علينا؟؟؟ وكيف تسربت إلى عقولنا وامتلكتنا؟؟؟ كيف يمكن ان ينادون بحقوق الإنسان الفلسطيني وينتهكون حقوقه ويتعاملون معة بشكل وحشي وحيواني؟؟؟ أسمع وأتابع عمليات التنكيل واستخدام أساليب التعذيب البدائية والاستمتاع لدرجة السادية بتعذيب الفلسطيني للفلسطيني، ونتابع الاتهامات المتبادلة بين غزة ستان والضفة ستان؟؟؟
لقد ظلمنا أنفسنا عندما تعاملنا بعادية ونحن نشاهد عملية التنكيل بسميح المدهون بعد أن فارق الحياة، ما هذه العادية الفلسطينية؟؟؟؟ ومن أين جاءتنا!!! البعض منا ضحك حتى الثمالة عندما اغتالت دولة الاحتلال القيادي سعيد صيام وزير داخلية الحكومة المقالة وتعاطى مع موته بعادية، لماذا؟؟؟
لماذا تعاملنا بعادية مع حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي سجن أريحا بهدف اعتقال النائب في المجلس التشريعي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات وخروجنا بدون ورقة توت تستر عوراتنا؟؟؟ لماذا هذه العادية العقيمة وحالة الانفصام الغير مبررة ؟؟؟ ما هي الأسباب؟؟؟ وهل ندرك النتائج.
هي ليست عادية مستوعبة؟؟ ولا يمكن أن تكون ضمن السياق الطبيعي للتفاعلات الاجتماعية الخاضعة للقوانين المحركة للمجتمعات، كأننا نسبح بعكس التيار مع علمنا أننا لن نتقدم خطوة إلى الأمام، وكأننا سلمنا أقدارنا للأخر، والسؤال الذي يراود كل فلسطيني لا مصلحة له بالحالة العادية التي تسيطر على واقعنا.
هل ظاهرة العادية التي اجتاحتنا عبارة عن نتاج عفوي أمام أنها ممنهجه؟
وهل وصل شعبنا الفلسطيني للنقطة اللاعوده في التعاطي مع قضاياه التي تبرر أسباب وجودة كشعب.
هل الانقسام الفلسطيني الداخلي عادي ولا إمكانية لدفنه دون رجعة؟
هل الفساد عادي؟ وهل المحسوبية وتوالد القطط السمان عادي؟؟ وهل صرف مرتبات للآلاف دون وجه حق عادي؟؟ إذا كان كل ما عايشناه ونعايشه وسنعايشه عادي؟ إلى أين نحن ذاهبون.
في عقل وضمير كل منا سؤال، وشعبنا في كافة أماكن تواجده يطرح الأسئلة التي تختصر بسؤال واحد، إلى متى وكيف الخروج من النفق وإعادة الاعتبار لشعبنا وقضيتنا والتخلص من حكم الباباوات؟.
لا اعتقد أن المشكلة في الطبقات المسيطرة على أقدارنا، المشكلة تكمن في منهجية تعاملنا مع واقعنا وقرأتنا للأشياء واستسلامنا للنظرة أحادية الجانب، وكما يقولون اسود أو ابيض، بمعنى السلطة أو حماس، لكن ماذا عن الشعب؟؟ وهل له وجود في المعادلة القائمة؟ لماذا لا يعودوا للشعب القادر على قول كلمته؟ الجواب واضح أنهم سحبوا البساط من تحت أقدام الشعب الفلسطيني، وباتوا يستخدمونه كوسيلة لتمرير أجندتهم وسياساتهم، وقد يخرج علينا احد ما ليقول هذا إجحاف قارن بيننا وبينهم، والجواب واضح أنها المطرقة والسنديان والدلف والمزراب، والأمور تؤخذ بنتائجها، والنتائج واضحة ولا يمكن أن تغطي بالغربال.
هي أسباب ونتائج وبينها حالة من التراجع الغير مسبوق، وعندما نقف على الأسباب الحقيقة التي أوصلت شعبنا لهذا الدرك نستطيع أن لا نتعامل مع قضايانا ووجعنا ومصيبتنا في انقسامنا بعادية، وعند نقول للأعور أن اعور دون خوف نتحرر من عاديتنا، العادية التي تسيطر علينا ليست قدرنا، هم يحاولون السيطرة علينا، وهم يحاولون استغلالنا، وهم الذي يتاجرون بأجسادنا في أسواق النخاسة الدولية، وهم الذين افرغوا المقاومة من مضمونها، وهم الذين حولوا شعبنا لمجرد جثث تمشي في الشوارع دون فعل.
الحتمية الاجتماعية أن شعبنا الفلسطيني سيغير نظرة العادية، ويوماً ما سيقول للأعور آنت اعور، وللفاسد أنت فاسد، وسيلاحق القطط السمان وأباطرة تبيض الأموال، والأغنياء الجدد، شعبنا الفلسطيني سيدافع عن حقوقه، هي مسألة وقت لنتحرر من عاديتنا التي تحولت لسيف مسلط على رقابنا.