مقدمة التفسير
"من تفصيل الكتاب وبيان القرآن"
بسم الله الرحمـن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد :
فإلى من يهمه الأمر من القراء والمفسرين والمحدثين والأصوليين والفقهاء الباحثين عن الحق بأدلة الوحي ـ قرآنا وحديثا نبويا ـ ومن الباحثين المتجردين من غير هؤلاء وهؤلاء من جهة أخرى :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فها أنا ذا أنشر مقدمة تفسيري ليكرمني الباحثون المتخصصون بالنقد أي بقولهم :" لقد أخطأت في هذه الجزئية بدليل الآية كذا أو الحديث النبوي كذا" ، وهكذا يبصرونني فأبصر بالبصائر التي جاء بها النبي الأمي من ربنا كما في قوله قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها الأنعام 104 .
أما قول القائل :"لقد أخطأت بدليل مخالفتك المألوف فما هو في ميزاني بنقد علمي بل هو رأي كسائر التراث ، لا يزن نقيرا ولا فتيلا ، ولا يشفي غليلا ولا يغني من الحق شيئا .
ولقد كنت نشرت من قبل من بحوثي مجزأة ليسهل على الباحثين نقدها وتمحيصها وليهدوا إليّ مشكورين مواطن الخطإ والتقصير .
ولم أعذر من اعتبرها أقل شأنا أي لا تستحق النقد والتمحيص لعلمي أن بحوثي ـ ومنها هذا التفسير ـ تتناول مسائل من صميم العقيدة وإذن فليردوا بحوثي دفاعا عن ما ألفوه من المعتقدات وألفوا عليه من سبقهم فقلدوه .
إن تفسيري لم يتضمن إلا قليلا من المسائل الفقهية كأحكام الصلاة والحج والزكاة والمعاملات كالبيوع والقضاء وسائر التكاليف الفردية والجماعية في الكتاب المنزل ، ذالكم التشريع الذي أقلد فيه الصحابة الكرام وتابعيهم من الأئمة الأعلام .
وإنما تضمن تفسيري من بيان القرآن مسائل أعرض عنها المفسرون والقراء والمحدثون و...واستنبطتها من القرآن فإذا بها من صميم العقيدة ومن الغيب الذي كلفنا بالإيمان به .
ولم أبال بقصور التراث الإسلامي العريض عن تلك المسائل لأن الأمة ستكتشفها من القرآن ولو بعد موتي .
وهكذا أدعو الباحثين إلى اختصار الطريق بتناول جزئية واحدة من تفسيري ونقضها ولأخرس بعدها فلا أنشر حرفا بل أعلن الرجوع إلى المألوف من التراث .
إنني لأحترم المخالفين رأيي أكثر مما يحترمون أنفسهم إذ لم أطالبهم يوما بالتخلي عن مدرستهم ومنهجهم ليروا رأيي وينهجوا نهجي في البحث العلمي المجرد وإنما طلبت منهم نقض بحوثي ومنهجي بأدلة أقوى وأوضح مما احتججت به من القرآن والحديث النبوي الصحيح لا غير .
وإنني لأجل أصحاب التراث الإسلامي أعني أولئك الأئمة الثقات العدول من القراء والمفسرين والمحدثين والفقهاء رضي الله عنهم وغفر لهم أجمعين ولكن لم أخلط بين ما نقلوه لنا عذبا وسلسلا من القرآن والحديث النبوي وبين فهمهم هم الذي خالفوا فيه ما نقلوه لنا من الوحي وهذا سرّ الخلاف وكما في الحديث الصحيح "بلّغوا عني ولو آية فرب مبلغ أوعى من سامع " وأن "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" . ولا يعني الحديث النبوي تكليف المبلغ بصيغة اسم المفعول أن لا يفهم ولا يعي من العلم إلا ما فهمه المبلغ بصيغة اسم الفاعل .
فهذا موضع الخلاف بيني وبين معشر المقلدين وليتهم أنصفوني كما نصفتهم إذ لم أطلب يوما من الناس تقليدي واتباع منهجي في البحث العلمي المجرد إذ لم أعلم أني على صواب فكيف أدعو إلى موافقتي وأن يرى الناس رأيي ومذهبي في تدبر القرآن ودراسته ، أعوذ بالهي أن أكون من الجاهلين
بل غاية ما طلبت من معشر المخالفين : أن يتبعوا مواطن القصور والتقصير في بحوثي وإهدائها إليّ لأرجع عنها وأن لا يخطئوني بما خالفته من التراث عن وعي ودراية وقصد بل بأدلة أقوى من تراثهم ، أي بأدلة هي الوحي المنزل على الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم .
وأتمنى إيصال تفسيري إلى خواص الأمة ليروا فيه رأيهم ، وأنا ـ إن شاء الله ـ أول المذعنين إلى الحق إذا أثبتوا مخالفتي إياه إذ لست أدّعي موافقة الحق وإنما البحث عنه كما بينت في البحث العلمي الآتي بعض منه .
حوار مع المفسرين
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين
إن الذين فرضوا على الناس تقليدهم في فقههم وفهمهم وحجروا على الرأي والفكر والعقل فأغلقوا دون الاجتهاد بابا ، لم يسعهم وخالفوا ما ارتضاه الله من المخالفين وأذن لنبيه صلى الله عليه وسلم بقبوله منهم وهو أن يأتوا بالدليل .
وسيعقل من تدبر القرآن أنه ناقش فريقين من المخالفين :
أحدهما كافر مشرك بالله ، خوطب في الكتاب المنزل من عند الله باستعمال السمع والبصر والفكر والعقل لإدراك الأدلة العقلية والحسية المادية ليهتدي إلى أن الله هو رب كل شيء وخالقه ومدبر أمره ، وليعبده المكلفون ، وليخافه من يفقهون ويعقلون ، وخطاب هـذا الفريق كما في قوله :
ـ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون الطور 35 ـ 36
ـ قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر البقرة 258
ـ واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا الفرقان 3
وجلي من تفصيل الكتاب المنزل خطابهم وتكليفهم باستعمال العقل وأدوات التفكير ليتبيّنوا من حرف الطور أنهم لم يخلقوا أنفسهم وإنما هم المخلوقون وأن الذي خلقهم هو الذي خلق السماوات والأرض ولهو إذن أحق بالعبادة من الأصنام وسدنتها .
وليتبينوا من حرف البقرة أن السنن ونظام الحياة التي فطر الله عليها الكون لن يستطيع تغييرها غير رب العالمين .
وليتبينوا من حرف الفرقان أن الله الذي يخلق ويملك الضر والنفع ويملك الموت والحياة والنشور خير من آلهتهم التي لا تقدر على شيء من ذلك .
وثاني الفريقين من المخالفين يقرّ بالله ربه الخالق خوطب في الكتاب المنزل من عند الله بأن الدليل أي الحجة والبرهان والسلطان المبين أي البيّن له أو عليه إنما هو ما تضمنه الكتاب المنزل من عند الله ، وكذلك دلالة قوله :
ـ أم آتيناهم كتابا فهم على بيّنة منه فاطر 40
ـ أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون الزخرف 21
ـ أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكّرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين الصافات 153 ـ 157
ـ إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيّرون القلم 34 ـ 39
ـ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين البقرة 111
ـ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين عمران 93 ـ 94
ويعني أن الكتاب المنزل من عند الله كالتوراة أو الإنجيل أو القرآن كل منه بينة وحجة لمن استمسك به في سلوك أو قول أو تصور ، إذ الكتاب المنزل من عند الله هو العهد منه كما في قوله وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون البقرة 80 ويعني أن لم يتخذوا عند الله عهدا أن لن تمسهم النار إلا أياما معدودة بل هو مما قالوه بغير علم إذ لم يتضمنه الكتاب المنزل من عند الله إليهم وهو التوراة ، وكما في قوله أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا كلا مريم 77 ـ 79 ويعني أن الذي زعم أن سيؤتى لو بعث في الآخرة مالا وولدا كما في الدنيا إنما يفتري الكذب إذ لم يطلع الغيب كالنبيين والرسل بما يوحى إليهم ، ولم يتخذ عند الله عهدا أي لم يتضمن الكتاب المنزل من عند الله تصديق زعمه .
ويعني حرف فاطر أن من خالف في سلوكه أو قوله أو تصوره ما أمر الله به في الكتاب المنزل من عنده فلا يدّع موافقة الحق إذ لم يكن على بينة من ربه بالكتاب المنزل من عنده .
ويعني حرف الزخرف أن المقلدين الذين يحتجون بالقدر ليفلتوا من الحساب والعقاب ليسوا على علم بل يتبعون الظن ويكذبون إذ لم ينزل عليهم كتاب من الله يتضمن تصديق احتجاجهم بالقدر يستمسكون به ليكون لهم حجة عند الله يوم القيامة .
ويعني حرف الصافات أن الذين يزعمون أن الله قد اصطفى البنات على البنين مخطئون في حكمهم إذ ليس لديهم كتاب منزل من عند الله فيه سلطان مبين أي حجة واضحة على صدق زعمهم .
ويعني حرف القلم أن الذين يزعمون أن الله لن يدخل المتقين جنات النعيم ، بل سيدخلهم النار كالمجرمين قد أخطأوا في حكمهم إذ ليس لديهم كتاب منزل من عند الله قد درسوا فيه أن لهم ما يتخيّرون من الأماني .
ويعني حرف البقرة أن اليهود الذين زعموا أن لن يدخل الجنة إلا من كان منهم ، وأن النصارى الذين زعموا أن لن يدخل الجنة إلا من كان منهم إنما يتمنون ، وهم جميعا كاذبون إذ لم تتضمن التوراة ولا الإنجيل تصديق أمانيهم .
ويعني حرف عمران أن الذين يزعمون من بني إسرائيل أن لم يكن كل الطعام حلا لبني إسرائيل إلا ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة إنما هم مخطئون في زعمهم وكاذبون إذ لم تتضمن التوراة المنزلة من عند الله تصديق زعمهم .
ألا إن هـذا هو الإنصاف من رب العالمين ضاق به ذرعا بعض المنتسبين إلى العلم الشرعي وحملوا المكلفين على تعطيل السمع والبصر والفكر والعقل واستبدالها بالتقليد .
القرآن أعظم مما يتصور المقلدون
إن قوله :
ـ أم يقولون تقوّله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين الطور 33 ـ 34
ـ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين هود 13
ـ أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين يونس 38
ـ وإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدّت للكافرين البقرة 23 ـ 24
ليعني أن الذين يزعمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد تقوّل القرآن وافتراه من دون الله مأمورون في القرآن أن يأتوا بحديث مثله أو عشر سور مثله أو سورة مثله أو من مثله ثم ليدعوا من استطاعوا من دون الله أي شهداءهم الذين يشهدون أن ما جاءوا به هو مثل القرآن أو مثل عشر سور منه أو سورة منه ، وأخبر الله عنهم أنهم لن يستجيبوا ولن يستطيعوا ولن يفعلوا بل سيعجزون عن الإتيان بمثله كما في قوله قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا الإسراء 88 .
وحسب التراث الإسلامي أن العجز الذي سيصيب الإنس والجن عن الإتيان بمثل القرآن ولو ظاهر بعضهم بعضا وأعانه هو عجزهم عن الإتيان بمثل أسلوبه ونظمه وفصاحته وبلاغته ... وكذلك لن يستطيع الإنس والجن ، غير أن عجزهم عن الإتيان بمثله يعني أن لن يستطيعوا أن يأتوا بكتاب من عند الله يصدّق دعواهم أن القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو مفترى من دون الله .
إن كتابا منزلا من عند الله هو وحده الذي يقع عليه الوصف بأنه مثل القرآن ، وسورة منزلة من عند الله هي التي يقع عليها الوصف بأنها مثله ، وكذلك عشر سور مثله وحديث مثله ، وللذين يعترضون أن يتأملوا قوله ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها البقرة 106 وإنما يعني بمثل الآية التي يقع نسخها إنزال آية أخرى من عند الله تحلّ محلّ الأولى ، وهـكذا فلن يصح نسخ الكتاب المنزل بالحديث النبوي ، ويأتي بيان قوله فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا البقرة 137 وقوله قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم الأحقاف 10 في كلية الكتاب ، أما غير المنزل من عند الله فلن يصح وصفه بأنه مثل المنزل من عند الله .
ويعني حرف الطور أن الذين يزعمون أن النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قد تقوّل القرآن لن يسلم لهم زعمهم قبل أن يأتوا بحديث مثل القرآن أي منزل من عند الله يعلن تصديقهم في زعمهم .
ويعني حرف هود ويونس والبقرة أن الذين يزعمون أن النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قد تقوّل سورا أو سورة من القرآن ، لن يسلم لهم زعمهم قبل أن يأتوا بسورة أو بسور منزلة من عند الله تتضمن تصديق زعمهم فيما زعموا .
إن الله أذن لليهود الذين يزعمون خلاف ما تضمن القرآن أن يأتوا بالتوراة إن كانوا صادقين وليتلوا منها تصديق زعمهم الذي خالفه القرآن ليكون لهم حجة كما في قوله :
ـ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين عمران 93
ـ وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين البقرة 111
ويعني أن التوراة دليل كاف إذ هي مثل القرآن كل منهما كتاب منزل من عند الله .
إن الله قد أرسل كل رسول بآيات خارقة معجزة من جنس ما بلغه الناس المرسل إليهم من العلم والأسباب ، ولتكون الآيات الخارقة مع الرسل بها هي الحق الذي يقذف به رب العالمين على الباطل فيدمغه فيزهق حينئذ كما في قوله بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق الأنبياء 18 ، وكذلك قذف بالحق مع موسى على الباطل مع السحرة فدمغه فزهق من حينه ، ويعني أن لو كان القرآن باطلا أي مفترى من دون الله لأنزل الله كتابا من نوعه يدمغه فيزهق وهو دلالة إعجاز القرآن كما في قوله :
ـ فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين القصص 48 ـ 49
ـ أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا الأحقاف 8
ـ أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين هود 13
ـ أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين يونس 38
ـ وإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين البقرة 23
ـ أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين الطور 33 ـ 34
ويعني حرف القصص أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه وهو القرآن لم يؤمن به بعض المكذبين بسبب أن لم يؤت محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى من الآيات الخارقة للتخويف والقضاء التي أرسل بها إلى فرعون وملئه ، فزعموا أن موسى ومحمدا افتريا التوراة والقرآن فخوطبوا في القرآن أن يأتوا بكتاب من عند الله يثبت صدقهم إن كانوا صادقين ، وليتبعن محمد صلى الله عليه وسلم كل كتاب منزل من عند الله .
ويعني حرف الأحقاف أن الذين يزعمون أن القرآن مفترى من دون الله لن يملكوا من الله شيئا يصدقهم في دعواهم أي لا يستطيعون أن يأتوا من عند الله بشيء ومنه بعض سورة من مثل القرآن ولا أن يأتوا بآية خارقة من عند الله تثبت صدقهم .
وإن دلالة أمر المكذبين بدعوة من استطاعوا من دون الله وشهدائهم الذين يشهدون لهم أن كتابا مثل القرآن أو مثل بعضه هو من عند الله يصدقهم في زعمهم أن القرآن مفترى من دون الله ليعني أن المفتري على الله كتابا أو آيات بينات مفضوح في الدنيا معذب فيها كما هي دلالة قوله قل إن افتريته فعليّ إجرامي هود 34 ومن المثاني معه في قوله وإن يك كاذبا فعليه كذبه غافر 28 وقوله ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين الحاقة 44 ـ 47 أي أن المفتري على الله سيفتضح ويعذب في الدنيا بإجرام الافتراء على الله .
وحرف غافر من قول رجل مؤمن من آل فرعون يعني أن موسى إن يك كاذبا على الله فلن يحتاجوا إلى قتله بل سيؤاخذه الله في الدنيا بكذبه .
يتواصل