لا وُرْقٌ ولا وَرِقٌ ولا وَرَقٌ
بعد كل الذُّلِّ في هذي السنين
أيُّ شطرِ الليلِ أناجيكِ طبرياَّ
وأناغشُ دمعَ النهرِ الحزين
وما ليلي من شِعراهُ إلى الثَّرَياَّ
سوى سَبْرٍ ورَصْدٍ لحُزْني الدفين
أتُراكِ تَرْثينَ أرحاما ثكِلَن الشجاعَ الأبياَّ
أم تبكين وُرْقا كفَفْنَ النَّوَّحَ، هجَرْن الأنين
أيا وَرِقاً من رقيمِ الكهفِ كَشَفَ الخَفِياَّ
أخُنْتَ "يَمْليخا"، وبِعْتَ "قِطْميراً"، فكنت الرَّدِياَ
أكنتَ جلادا أم القاضي، أم كنتَ الظَّنين
يا وَرَقَ القراطيسِ
هُنْتَ كتابا، هُنْتَ سلاحا، هنْتَ كَلِماً ندياَّ
فهانت مياهُ النهر، هان ملحُ البحر،
وهانت طبرياَ
لا وُرْقٌ ولا وَرِقٌ ولا وَرَقٌ
يَشْفي غليلا أو يَرْوي الحنين
بعد كلِّ الذل في هذي السنين
يا ملوكَ طوائف غزاها العُريُ المبين
من رملِ "رمٍّ" إلى ماءِ بحرٍ لم يَعدْ عربياَّ
وهجاها النملُ والقملُ، وسادها كلُّ عِنِّين
من خَصِيٍّ "إخشيدَ" إلى سعاةِ حُكمٍ غدا لهوا رزياَّ
نحرتم وُرْقَنا، سرقتم عمرنا، قيدتم حتى الجنين
تركتم ليومِ "الأجِّ والمجِّ"، بحرا ونهرا ودمعا من نزفِ طبرياَّ
وقيَّدْتُم "رُمْحْ المسيح" ونَبْلَ "الصَّريخ" ليومٍ كان "غرقدياَّ"
لا وُرْقٌ ولا وَرِقٌ ولا وَرَقٌ بعد اليوم يُحَرِّرُنا
دمنا النازف أَحْياَناَ، كسرَ قيدَ معاصِمِنا
كي نُنْبِتَ بالوعي غرقدَكم، وندفنَ في الوحل عِنَّتكم
فالمسيحُ آتٍ بسواعدنا، ورمحُه صُنْعٌ من دمنا
واطبريا،
لن تجفَّ منك الدموع،
اذرفيها شلالا، طوفانا سرمدياَّ
أعِدِّي لنا ساحَ الوغى، نسحق أعادينا
بعزة الله وعفتك، آتون إليك
لكن بعد كنس الخصيان من كثبان بوادينا
توضيح وتنويه..
1 – الوُرْقُ، "بضم الواو وتسكين الراء"، هو الحمام الأبيض رمز السلام والأمان..
2 – الوَرِق، "بفتح الواو وكسر الراء"، هو النقد الفضي/المال الفضي.. "فليذهب أحدكم بوَرِقِكم هذه إلى المدينة.."/سورة الكهف..
3 – الوَرَق، "بفتح الواو والراء"، هو ما يُكْتَبُ عليه/القرطاس/الكاغط.. إلخ..
"يمليخا" و"قطمير"، هما اسما اثنين من فتية الكهف، كما تروي بعض الأساطير، مع أن القرآن لم يذكر ذلك..
4 - "رم"، هو وادي رم في جنوب الأردن..
5 - "بحر العرب"، هو ما يقع من المحيط الهندي على سواحل جزيرة العرب الجنوبية..
6 - "خصِيِّ إخشيد"، هي إشارة إلى "كافور الإخشيدي"، العبد الذي كان خصِياَ فأصبح حاكما لمصر، وهجاه المتنبي هجاء غير مسبوق في تاريخ الهجاء في الشعر العربي..
7 - "الأج" و"المج"، هي إشارة اشتقاقية منا إلى "يأجوج ومأحوج" الذين تشير بعض الروايات الدينية إلى أنهم سيظهرون في آخر الزمان ويشربون كل ماء بحيرة طبريا..
8 - "رمح المسيح"، هي إشارة مجازية منا إلى ما تورده بعض الروايات الدينية من أن المسيح سينزل من السماء في آخر الزمان ليقود المعركة ضد الدجال ويأجوج ومأجوج..
9 - "نَبْل الصريخ"، وهي إشارة مجازية منا كما تورد بعض الروايات الدينية حول آخر الزمان، إلى الفارس الذي سيلحق بالجيش الذي سيكون في القسطنطينية ليخبره بأن الدجال قد ظهر في الشام، فيترك الجيش معركته ويعود إلى الشام من فوره ليواجه الدجال..
10 - "غرقديا"، هي إشارة اشتقاقية مجازية منا إلى ما تورده بعض الروايات الدينية في آخر الزمان، من أن شجر الغرقد هو شجر سيختبئ وراءه اليهود، لأنه من شجرهم، وهو وحده الشجر الذي سيمتنع عن الإخبار عمن يختبئ وراءه من اليهود..
(إن استخدامَنا لكل هذه المعاني والروايات، لا يعني تصديقنا بها كمواقع موضوعي، فهي في نظرنا لا تخرج عن نطاق الأساطير، ولكن سياق المقطوعة النثرية اقتضى استخدامها وتوظيفها للغرض، لذا اقتضى الشرح والتوضيح والتنويه)..