انكسرت المذراية!!..الخميس, 27 تشرين الأول 2011 12:32 غاب رجلٌ عن منزله بقصد العمل لعدة أشهر ثم عاد، فاستقبله ابنه النجيب مرحباً بقدومه، فسأله الأب عن حال العائلة، فقال الولد إن الأمور بخير إلا أن عصاة المذراة قد انكسرت فقال الوالد بسيطة، وما الذي كسرها؟.. أجاب الولد تعرف يا أبي أن البقرة حجمها كبير وإذا سقطت على شيء فإنه ينكسر، فقال الوالد وهل تأذَّت البقرة، قال الولد لقد ماتت وهي تهرب من الحريق الذي شب في المنزل، فقال الوالد وهل احترق المنزل وما الذي حرقه، قال الولد احترق بسبب عقب السيجارة التي رماها أخي الكبير رحمة الله عليه، فانهار الوالد وقال هل مات أخوك ومتى بدأ بالتدخين، قال له لقد لجأ أخي للتدخين لكي ينسى الحزن، فقال علامَ حزِن أخوك، فقال له لقد فقد أعصابه عندما ماتت والدتي... فخر الأب مغشياً عليه.
ربما تكون هذه القصة من نسج الخيال لكنها قد تتكرر في هذا الزمان الذي كثرت فيه العجائب، ومنها قصة الرجل الكبير "طه حمود خضر" الذي هدمت البلدية منزله الكائن في النشوة الغربية لتوسيع الطريق عام 1991، والذي احتفت به بلدية الحسكة عندما كان "صوابه حار"، وخصصت له المقسم ذا الرقم الذهبي 333، والذي دفع ثمنه في ذلك الزمان 14 ألفاً و 970 ليرة سورية، أيام ما كانت الألف ليرة "تحكي"، لكنهم ومن باب "المونة" باعوا المقسم بس لمين "الله أعلم"، وطبعاً العم "طه" مستأجر منذ ذلك الوقت ولم يقطع الأمل، وراودته أي العم "طه" نفسهُ الأمَّارة بالسوء أن يذهب للسيد الوزير، فما كان من سيادته إلا أن حوله إلى السيد المحافظ، والذي بدوره أعاده سالماً غانماً إلى الحلقة المُفرغة في البلدية، واستمر في دفع أجرة البيت الذي على ما يبدو سيبقى أسير جدرانه إلى أن يخصص الله تعالى له منزلاً لا يغادره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها "بعد عمر طويل".
لكن ما يجب أن نسأل أنفسنا وبصراحة ماذا تقول البلدية للرجل الذي ما فتئ يُراجع عليها منذ القرن المنصرم، "بسيطة" أنا أعرف الجواب لأنني تواجدت صدفة في مجلس المدينة عندما دخل الرجل يستجدي عطفهم فكان الجوابُ يسيراً لا يمت لمعاناته بصلة، أمورك جيدة وبعد عشرة أيام ستنتهي معاناتك، وما عرف أنني صحفي حتى بدأ بالتوسل كي أعالج له المشكلة، وكأن الحل والربط عندي، وأنا بالتأكيد سأبذل قصارى جهدي ليصل هذا العجوز إلى حقه، لكن ما خفي كان أعظم، فلو علم العم "طه" أنني كصحفي أتردد عشرات المرات وأتصل مئات المرات لكي أستحصل على خبر لا يسمن ولا يغني من جوع، وغالباً ما تبوء محاولاتي بالفشل، لالتمس لي الأعذار.
الخلاصة لم أنوِ أن أشرح له قصة "عصاة المذراة" لكي لا "تتنفس حطميته" عفواً لكي لا "تتحطم نفسيته" فمن كثرة ما عركته الحياة وذهب وعاد دون أن يستفاد لم تعد تُميز نفسيته من الحطام، وقصة هذا الرجل تهون ألف مرة عن أهل الطيارة، وهم كثرة من الناس يعيشون في العشوائيات بانتظار الطيارة التي ستأتي لتصور العشوائيات طبوغرافياً من الجو، لكنها لم تأتِ لأن مجبل الإسفلت واقف عن العمل فالعامل قد ذهب لزيارة والدته التي ماتت بحسرتها عليه وهو يبحث عن عمل إذاً لا يوجد عامل أصلاً فكيف سيعمل المجبل ومن أين لنا بمد مهبط للطيارة وبالتالي لا يوجد طيارة ستطير ورجاءً لا تتعبوا عقولكم بالتفكير.
كسار مرعي – البعث ميديا
http://www.albaathmedia.sy/index.php?option=com_content&view=article&id=45871 :انكسرت-المذراية&catid=158:مجنون-يحكي&Itemid=178