ورد تلغرافاً في مدينة الفاتيكان :
أن بابا رومة لن يُمثَّل في جنازة ملك الانجليز جورج السادس ، على الرغم من أنه يشارك الأسرة المالكة في بريطانيا والشعب البريطاني الحداد ...... الخ .
وحمل التلغراف تفسير عدم اشتراك البابا بمندوب في الجنازة :
بأن الصلاة في الكنيسة ستجري حسب طقوس الكنيسة الإنجليكانية ،
وهي طقوس لا يستطيع المندوب البابوي المشاركة فيها "!!
فهذا رجل مسيحي ، بل هو رأس المسيحية الغربية المعترف به في دول العالم قاطبة ، وملك الإنجليز الميت مسيحي أيضا ، والكنيسة التي ستقام فيها جنازته مسيحية ، وطقوس الجنازة مسيحية ، ولكن الفارق بين الفريقين اختلاف المذهب ، لا اختلاف أصل الدين ؛ فهذا الرجل الذي يحرص على طقوس مذهبه ، يأبى أن يمثَّل رسمياً في كنيسة لها طقوس غير طقوسه ، ولا يستطيع مندوبه المشاركة فيها !!
يفعل البابا هذا ، ويراه حقاً له ، ولا تستطيع رأس أن ترتفع بالدهشة لما صنع ، ولا يستطيع لسان أن يقول كلمة ، ولا يستطيع قلم أن يكتب حرفاً ، لا يستطيع أحد من أتباعه أو من غير أتباعه أن يرميه بالتعصب الديني بل بالتعصب المذهبي الفرعي !!
أما نحن ، فإذا قلنا : إن شريعتنا تحرم على كل مسلم أن يحضر صلاة غير صلاة المسلمين ، في بيعة أو كنيسة أو غيرهما ، ولو لم يشارك فيها ولم يعتقد منها شيئاً ، وأن من فعل هذا فقد ظهر بين المسلمين بمظهر الكفر والردة =
لا يقبل منه عذر بمجاملة سياسية ، ولا بنفاق اجتماعي ، ولا بأي عذر من الأعذار ، إذا قلنا شيئاً من هذا ثارت الدنيا ، وأخذتنا الأقلام ، والألسنة من كل جانب ، ونادوا بالويل والثبور من تعصب المسلمين تعصباً دينياً ، ورمينا ببغض المسيحيين ، وببغض الأجانب ، وقال كل ما شاء .
بل يقول ذلك وأكثر منه الكتاب الكبار ، والمتعالمون العظماء ، الذين يرون أنهم أعرف الناس بحقائق الإسلام وشرائعه ، بما ارتضوا من لبان أوربة ، وبما شربوا من نتاج المبشرين , وبما ربُّوا في أحضان الخواجات !!
العلامة أبو الأشبال / أحمد محمد شاكر
مقال منشور في جريدة البلاغ - فبراير 1952مـ