تنهيدة مكسورة الصباح
وقد مر من شرق الرصيف انتظاره=وقارب من غضِّ الجنون انصهاره
ودبَّ هزالُ الشمس في لون صبحه =على غِرَّة مما توخَّى مدارُه
وما زاغ عن قرص الأماني مشيئة=تغب نهارا منه يُروى إطاره
وعاد بقيد الهم من طور نوبة=تحوم به يأسا تحفَّى سوارُهُ
يصرح للغيم الكفيف ولا يرى=سوى موجة يحنو عليها انتشارُه
ولما صحا من وحشة العمر أوصدت=عليه الصحارى والضفافَ بحارُهُ
فأوجس من تقويض عينيه خيفة=تَردَّدَ بالأرجاءِ منها اعتذاره
طريح النوى ينسل من ظلمة إلى=ضياء وفي عينيه يذوي فراره
توغل في أحشاء ليل بلا أذى=وأخرج نورا من يديه مسارُهُ
يمارس حرق الهجر بالصدر تارة=وبالآه حين البين آنَ اصطباره
به من شروق الموت نعش تهيأت=مناكبه كي يحمل الفجرَ غارُهُ
يواري ببطن الريح أوصال ليلة=تناهبها همٌّ ثقيلٌ عيارُهُ
ومن ثقب فجر أذََّن الخيطُ أن يُرى=تبيَّن من لون النداء اخضراره
وقد قاربت تأشيرة النور بسطة=ليحملها عبر الرحيل (مطاره)
يثابر في رصد المواني رصيفه=ويمضي بلمح العمر جريا قطاره
كأني به في غفلة الموج ينطوي=على ضفةٍ يأوي إليها خياره
على رمق الأغصان ميعاده التوى=ومالت إلى صُفْرِ الرمالِ ثماره
يعض عليه الصيف أطراف رحلة=فأدمى كفوفَ المعصرات احتضارُه
ومن خلفه الطل الذي بات خاويا=على وجهه مرت بكسر جراره
خطام الهوى يهتز في كف عاشق=فتجري بملء الأمنيات مهاره
ولكنه حظ الرباب إذا استوى=على صهوة البيداء رملٌ وناره
يكاد الصدى بالبشر يأتيه إنما=تعثر في عرض الصباحِِ قرارُهُ
ولو تعلمين الموت أضحى بقربه=لأبكى الأسى في كل فجر كنارُهُ
فإن مات جراء الصدود فإنه=وسام على صدر الزمان مزارُهُ
وإن مسه من هاجس البعد مضربٌ=فلا شك يعلو الكبرياءَ شعارُه
وتحمل للذكرى مناراته الهدى=ويخلد في سفر النجوم نهاره
فهل يقبل العفو الجريح إتاوة=إذا رُدَّ للصفح الجميل اعتباره؟
ـــــــــــــــــــــــ
20رمضان 1430ـ 10/9/2009 الكويت
مهداة من القلب لخفقه