قائد بطعم الشاورما والكنتاكي ..
الكاتب علاء الريماوي
في مقال الأمس تحدثنا تحت عنوان " سياسة بلا سقف ووطن من غير قيادة " وقلنا أن الوطن يفتقد الى قيادة وطنية جامعة تحمل الكل الفلسطيني الى قواسم مشتركة في ملفاته الرئيسة ، وقلنا أيضا بأن المنطق الديمقراطي المتعارف عليه لا يبيح لأي أحد من القيادات مهما كان لونها أو بريق عيونها أو سعة نفوذها التنازل عن الثوابت الفلسطينية دون الرجوع إلى الشعب وأخذ الت
فويض منه .
لكن يبدو أن الصمت والمداهنة وغياب روح الثورة شجع آحاد مثل ياسر عبد ربه الحديث باسم الشعب الفلسطيني وعقد إتفاقات ناقشت كل الملفات الرئيسية متنازلا عنها في ما يعرف بإتفاق جنيف ثم ما تلاه من قيام سري نسيبه بتكرير العمل نفسه مع زج مؤسسة وطنية مثل جامعة القدس في آتون عملية تطبيع وتهويد غير مسبوقة ومسكوت عنها عمدا .
كما ويأتي اليوم أحد أباطرة المال في الضفة الغربية ليقدم مبادرة تحت عنوان " كسر الجمود " من خلال لقاء جمع رجال أعمال يهود وبوجود السيد العروبي الكبير عمرو موسى وبعض من القيادات المالية العالمية في بيته الفخم والذي لم يعكر صفوه مرة ضجيج أمعاء الجوعى في المخيمات الفلسطينية القريبة منه كبلاطة و" مخيم بيت عين لما ".
السيد المصري وفي حديثه عن سبب اللقاء هذا قال " إن الجمود في العملية السياسية ، والتعنت في العودة الى المفاوضات جعلنا نقوم بهذه المبادرة كي نعيد مسار العملية السلمية الى طريقها الطبيعي " (هذا الحديث بالتصرف ) .
السيد رجل الأعمال الكبير وصاحب الوكالات الدولية المعروفة ، وصاحب العقود التوريدية للجيش الأمريكي في حرب الخليج وكذلك صاحبة القائد الاممي الثائر رامي ليفي صاحب أكبر سلسلة تجارية في إسرائيل و مستعمراتها يتحولان من التنسيق على كيفية إقتسام السوق في الضفة الغربية الى رسل سياسة .
هذا الواقع المعوج والانقلاب في شكل القيادة الفلسطينية يعيدنا إلى واقع عاشته الدول العربية المحيطة كمصر ، لبنان ، الأردن وكيف سيطر رجال المال على هذه الدول مما تحولت بفضلهم إلى مزارع خاصة يحكمون فيها الأمن والمواطن وحتى علاقات الزوج بزوجته .
في فلسطين وخاصة ونحن في مسيرة التحرر لا يمكن لمقاسات السيد منيب المصري ولا غيره أن تحكم توجهات الشعب الفلسطيني في الانعتاق من الاحتلال .
منيب المصري ومن خلال نجاحه في السيطرة على البنك العربي يستطيع أن يقدم رؤيته للكيفية التي تحول فيها السوق الفلسطيني لمستنقع البضائع الفاسدة التي تأتي من الصين ، أو الكيفية التي بات فيها المزارع الفلسطيني يتلف محاصيله لعدم حمايتها من التاجر الذي أغرق السوق في الضفة بالبضاعة الإسرائيلية .
كما يمكن للسيد منيب وصحبه ، والساسة المتزلفون لماله والذين يحرصون على تلبية دعوته الشهرية إلى مأدبة الطعام التي يعقدها (معاذ الله أن تكون للفقراء ) لعلية القوم كي يجدد الولاء له ولولائمه .
كثير من وسائل الاعلام المبجلة ، ستمتنع عن نشر هذا المقال عن صفحاتها ، وسيتحدث بعض معي أن هذا الرجل يعد من أعمدة الاقتصاد في البلد ، فمن الضرورة بمكان مرعات شعوره الحساس ، كما حدث مع صاحب مطعم ال kfc في مدينة رام الله الذي إتهمني كذبا بالتحريض على محلاته بعد الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم محاولا زج الأجهزة الامنية في ذلك وملاحقتي عند أوساط ظن أنها تؤثر علي في مواقفي .
في حديث الإعلام الإسرائيلي عن لقاء المصري ليفي كان هامشيا ، معزولا عن السياق السياسي ، بل أغفل في الصحف الرئيسية كخبر مهم على عكس شكل التغطية الصحفية الفلسطينية المتلون كثير منها .
وحتى لا يفهم المقال أنه هجوم على شخص منيب فإن كاتب المقال كتب ذات الحديث عندما لعب المصري دور الوساطة في المصالحة ، وسيكتب أيضا عن أي دور لرجال الأعمال ومحاولتهم السيطرة على القرار الفلسطيني بأموالهم .
ما يجب أن يفهمه التيار الوطني في الشعب الفلسطيني أن القرار الفلسطيني حين تحول الى رجالات (الأن جي أوز) مسخ الوطن وماعت ثوابته ، وحين غدا القائد الوطني يستورد من الخارج تبدلت المفاهيم الوطنية ، والآن إذا أصبح الوطن يحكم من تجار السوق فإن الوطن سيغدوا كرغيف شاورما تغلب عليه متغيرات الربح ومفاهيم الطعم واللون .
وفي الختام لا بد للشعب الفلسطيني من ثورة تعيد ما أفسده أوسلو كي نعود إلى لفلسطينيتنا التي وقف العالم أمامها مشدوها وهو يرى شعبا ما سجد للطغاة برغم أدوات القهر والإذلال