احتفال..

[شادية مقداد]

*بالرغم من أنها كانت لا تمتلك سوى فتاتاً من النقود إلا أنها كانت مصرة على الاحتفال بهذه المناسبة ..
وبعد مغادرة زوجها المنزل ، سرعان ما جهزت نفسها مصطحبة ما بجعبتها من ذاك الفتات وبعض آمالها ذهبت إلى السوق .
وبدأت تتنقل كالفراشة بين المحلات فمرة تدخل محل الهدايا و مرة محل الألبسة النسائية و أخرى محل الزهور ، وكلما سألت عن شيئ أصيبت بخيبة أمل ، وخرجت من ذلك المحل وعينيها معلقتين بما ودّتْ شراءه ،
فعلمت أنها لن تتمكن من شراء ما تريد من هذا السوق ، وقررت الذهاب إلى السوق الرئيسية ، علها تجد هناك أسعاراً مناسبة.
مضت وحرارة الشمس تلفح وجهها المتصبب عرقاً .
استقلت حافلة ومضت ، وبينما كانت جالسة على الكرسيّ كانت تنثر آمالها و أمنتياتها على أطراف الطريق .
ولما وصلت الحافلة نزلت منها وهي تدعو الله أن يسهل أمرها ، وبدأت تبحث من مبتغاها ..وبعد أن تعبت خطواتها دون جدوى ، قررت شراء ثوب أحمر جميل أو لنقل بأنها أقنعت نفسها بأنه جميل ، ثم توجهت إلى بائع الزهور فاشترت باقة من الزهور .
وفي نهاية المطاف حطت رحالها في محل الهدايا ، لقد كانت هديته هي الأغلى ثمناً ، فقد اشترت له زجاجة عطر ذو رائحة طيبة ..
لقد اشترت ما استطاعت أن تشتريه وليس ما كانت تتمنى .
أرضتْ نفسها بأن الأصل في الهدية هو قيمتها المعنوية .
أسرعت بالعودة إلى البيت إلا أن مشهدا غريباً أبطأ خطواتها شيئاً فشيئاً حتى توقفت تماماً ..فلم تعد تقوى على المسير ، وشعرت بتوقف الدم عن الجريان في عروقها ..وعيناها شاخصتان ولبس فيهما سوى الدموع التي تنهمر كالمطر .
حاولت الاختباء خلف لوحة إعلانية لكيلا يلحظ وجودها ، وهذا ما حصل فهو لم يرها ، بل مضى بسيارته برفقة فتاة جميلة والسعادة تنطق على وجهيهما .
نعم لقد مضى تاركاً خلفه قلبها الممزق و أحلامها التي بعثرتها رياح الخيانة ..
وراحت تخاطب نفسها قائلة : لقد أمضيت أعواماً من الحرمان ..كنت أحرم نفسي ولا زلت كل ما تشتهي ليشتري سيارة يذهب بها إلى العمل ، ولكي نشتري بيتاً يأوينا ونلقي عن كاهلنا عبء آجار البيوت ..أهذا بعد ذاك !!!
وراحت تمشي على قلبها الحزين بخطواتها اليائسة تستعرض ذكريات تصرخ بداخلها ألماً وغضباً ..ثم نظرت إلى الأكياس التي تحملها و أرادت أن تمزقها ثم تلقي بها في الشارع إلا أنها لم تفعل ، بل على العكس أسرعت بالعودة إلى المنزل .
دخلت إلى المنزل وراحت تمسح بنظراتها كل ركن ..كل زاوية فيه ..هذا هو البيت الذي لطالما حلمت بأن يعج فيه صوت الأولاد والذين رفض زوجها قدومهم قبل أن يؤمّن لهم كل ما سيحتاجون .
وفي خضم تصادم آمالها و آلامها تملكتها شجاعة وقوة عجيبة ، فبدأت تنظف وترتب المكان ، ثم صنعت قالباً شهياً من الحلوى ، وفي النهاية وضعت الأزهار في آنيتها ومدتْ ثوبها الأحمر على السرير ، ثم أخرجت العطر وهي تحضنه بين كفيها الصغيرين وتقبله تارة وتشمه أخرى بين شهقات البكاء الذي لم تبكه من قبل ، فوضعته على الطاولة إلى جانب آنية الزهور ، ثم وضعت بجانبه بطاقة كتبت عليها : ((هذا عيد زواجنا الخامس .
أعتذر منك حبيبي لأنني لم أكن المرأة التي تحب وتتمنى .
أتمنى لكما السعادة .))
حملت حقيبة أمتعتها وهمت بالخروج من المنزل وقبل أن تغلق الباب خلفها ودعت بيتها بمزيج من الدموع والتنهيد ثم أغلقته ومضت .

[رياض محمد سليم حلايقه]

سرد جميل حكاية من الواقع المعاش المتكررة هنا وهناك للأسف
قفلة موفقة
أحسنت

[شادية مقداد]

الأستاذ الفاضل : رياض محمد سليم حلايقة ..
أشكر جميل مرورك وكرم حضورك ..نعم هي واحدة من كثير وكما تفضلت ((للأسف )) .
ما أجمل الوفاء وما أمر عكسه .
جزاك الله خيرا .. إحترامي .