في اليوم العالمي للقراءة والكتاب .. أين أصبح خير جليس؟.
رئيس اتحاد الناشرين السوريين «عدنان سالم» للبعث :
الشاشات هي المستقرّ القادم للمعلومات
شــيوع ثقافـــة اســـتباحة حقــــول الملكيـــة الفكريـة
أصبح ظاهـرة عامــة في كل أنحــاء الوطـــن العربي
هموم الكتاب السوري ومشكلاته وواقع القراءة في بلادنا كانت حاضرة في حوارنا مع رئيس اتحاد الناشرين السوريين «عدنان سالم»، الذي سألناه أولاً عن خطط اتحاد الناشرين في اليوم العالمي للقراءة والكتاب؟ فأجاب: اليوم العالمي للكتاب في 23 / 4 من كل عام اعلنته منظمة اليونيسكو للتربية والعلوم والثقافة أسوة بكل المناسبات، التي تحاول لفت النظر إليها، ليأخذ الكتاب طريقه للفاعلية بوصفه أداة الأمم للنشر والمعرفة وتطوير المجتمعات البشرية، وإغناء مخزونها الثقافي والانساني ووسيلتها للتقدم والارتقاء. ونحن في اتحاد الناشرين السوريين نرى بأننا اجدى بالاحتفال بهذا اليوم نظراً لانتمائنا الى أمة ( اقرأ ) التي كانت أول سطر حظينا به من السماء وبنينا عليه حضارتنا.
من أجل ذلك درج اتحاد الناشرين السوريين على التذكير بهذه المناسبة منذ أكثر من 12 عاماً، وطرح خطته لتأجيج الاحتفالية بهذه المناسبة لتكون مهرجاناً ثقافياً وتظاهرة اعلامية شاملة، تشترك فيها كل الشرائح العمرية في المواقع والتنظيمات المهنية والمؤسسات الفردية والعامة جميعها، وفي البيوت والشوارع والمدارس وأماكن العبادة، وفي أماكن العمل والحدائق ووسائل النقل، ويطمح الاتحاد الى ان يرى للكتابة يوم عيد، ونرى في كل يد كتاب كما نرى في كل يد وردة حمراء بعيد الحب، أو بعيد الأم. فإن إدراك أهمية الكتاب شرط من شروط النهضة والتحضّر، متمنين أن يكون الكتاب رفيق الانسان على مدار العام وخاصة أننا الآن ننعطف الى عصر المعرفة، الذي لن يستطيع الانسان دخوله دون الكتاب. وقد وضع اتحاد الناشرين برنامجاً شاملاً لكل المؤسسات، التي تسهم بحفاوة في هذا اليوم. وقد خص المعرض الناشرين بأن يكون لهم نشاط مميز طوال اسبوع يلي اليوم العالمي للكتاب، وذلك بتقديم هدايا مصاحبة لمن يبيعونه من الكتب وتقديم تخفيضات لأسعارها وأية محفزات لاقتناء الكتب، واعتماد هذا اليوم موعداً للاحتفال بأية مناسبة ثقافية مثل توزيع الجوائز وتكريم المبدعين.
< ماهي التحديات التي تواجه عملية النشر لدينا مع طغيان الصورة والتلفزيون كمصدر اساسي للمعلومات، وعزوف الناس عن القراءة ؟
<< التحدي الاول في نظري هو الاحادية الفكرية، التي انكفأنا اليها سواء عن طريق المقررات المدرسية، التي استغني بها عن المراجع وعن طريق الرقابات العربية المتنامية، التي فرضت وصايتها على القارئ لتقرر له ما يسمح له ان يقرأه وحجبت عنه ما لا تريد له ان يقرأه، وكل الاسباب الاخرى المتداولة لحالة العزوف عن القراءة هي ذرائع وهمية لا علاقة لها بجوهر القضية وخاصة ما يتعلق بطغيان الوسائط الاعلامية الجديدة وثورة الاتصالات والمعلومات وظهور الكتاب الالكتروني والانترنت، فأنا أرى ان كل هذه الوسائط ليست بديلاً عنه .
< ماهو دور اتحاد الناشرين ودور النشر السورية في عملية تشجيع الناس على القراءة؟
<< تتفاوت دور النشر في هذا الصدد، ونحن نلاحظ أن لدى عدد من دور النشر برامجها لتشجيع الناس على القراءة كوسيلة من وسائل التسويق الثقافي، فمنذ اثني عشر عاماً أطلقت دار الفكر مشروعها بعنوان «بنك القارئ النهم» واستطاعت من خلاله أن تتواصل مع ما يزيد عن 12ألف قارئ في العالم، وتقوم بعض دور النشر الآن ببرنامج في المراكز الثقافية لتشجيع القراءة بدءاً من مرحلة الطفولة، ولدى اتحاد الناشرين السوريين برامج، كالتي ذكرتها لتأجيج إعادة القراءة وإعادتها الى نطاق الفعل.
< كيف ترى مسألة النشر الالكتروني، وهل يمكن أن يؤثر على الكتاب المطبوع؟
<< أود أن أشير من البداية الى ان الكتاب هو الوعاء، الذي يستوعب المعلومات وأن هذا الوعاء يتطور بدءاً من النقوش الحجرية الى الكتابة على جلود الحيوانات وسعف النخيل إلى ان استقرّ على الورق قبل 500 عام وها هو يأخذ طريقه الى الشاشات. إن الانسان كان باستمرار يراكم معلوماته وينمّيها وكان كلما تضاعفت معلوماته وضاقت بها أوعيتها يبحث عن أوعية جديدة لاستيعابها، ولا شك أننا نعيش الطفرة المعلوماتية المذهلة، التي أصبحت معلومات الانسان فيها تتضاعف عدة مرات في العقد الواحد بعد ان كانت تحتاج إلى مئات السنين بل إلى آلاف في العصور الماضية، مثل هذه الطفرة المعلوماتية لم يعد الورق بقادر على استيعابها، فكان لا بد للإنسان أن يبحث عن أوعية جديدة أمدته بها الشاشات الالكترونية. وأنا متأكد من أن الشاشات هي المستقر القادم للمعلومات، ولا أدري إلى أين ستزحف المعلومات بعدها في نطاق الثورة المعلوماتية، وتقنيات الاتصال التي نعيشها.
< ما هي الخطوات، التي قمتم بها مع الجهات الرسمية لحماية الملكية الفكرية؟
<< موضوع الملكية الفكرية شائك جداً وأنا شخصياً مارست هذا الموضوع لأكثر من 15 عاماً على مستوى الوطن العربي، والنتيجة، التي خلصت لها ان مشكلة الملكية الفكرية، هي مشكلة ثقافة مجتمع قبل أن تكون قانوناً. وأن اشد وأكثر القوانين تشدداً لا يمكن تطبيقه في مجتمع لا يؤمن به، فشيوع ثقافة استباحة حقول الملكية الفكرية أصبح ظاهرة عامة في كل أنحاء الوطن العربي، ولا بد لتصحيح مسار هذه الثقافة من بذل جهود مشتركة من كل الاطراف المعنية بتطوير ثقافة الامة من وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والاعلام والعدل. ولا بد من تشكيل مجلس وطني يعمل بلا توقف على استئصال هذه الثقافة المتجذرة، والتي اقدّر حجمها بمعدل 56 % من حجم التداول للكتاب الورقي، وإلى أكثر من 90 % من حجم التداول الالكتروني عن طريق الأقراص والانترنت .
< كيف يمكن البحث عن «وسيلة مالية» تدعم الكتاب في سورية؟
<< لاشك ان الكتاب بحاجة الى دعم مالي، وخاصة في مجال الترجمة، وفي مجال التأليف الابداعي، والكتاب كسلعة، وفي ظلّ حالة العزوف عن القراءة التي نعيشها، لا يحتمل أية نفقات إضافية ترفع من سعره، فتزيد العبء على القارىء، الذي لم يرق الكتاب عنده الى مستوى الحاجة بعد.
حوار : جازية سليماني