زمن حقوق الانسان
في تقديري لم يبلغ تسلّط وظلم الإنسان لأخيه الإنسان عبر التاريخ كله كما بلغ في زماننا هذا! وإن من المفارقات الغريبة التنادي لحماية حقوق الإنسان.. ممن؟!! إنه من الإنسان ذاته ؛ فهو الخصم و الضحية ! فيك الخصام وأنت الخصم والحكمُ !!
و على الرغم من محاولات بعض الليبراليين تشريع الأسنة! إلاّ أن مصطلح (الإنسانية) لم يعد يحمل بالضرورة معاني الرحمة والشفقة والتعاطف ! بل قد نطلق الإنسانية و نعني بها القتل والحرب و الدمار! وعلينا أن نبحث عن مصطلح آخر نعلّق عليه آمالنا ! و بعيداً عن جدلية الأصل في الطبيعة البشرية فإن المتنبي قد حسم الموضوع بشكل واضح وصريح :
والظلمُ من شيم النفوسِ فإنْ تجدْ ذاعفةٍ فلِعلّةٍ لا يظلمُ!
وهذا بلا شك نتاج طبيعي لضعف جذوة الإيمان في النفوس أواضمحلالها، و إن من المفارقات أن مصطلح (حقوق الإنسان) يُعدّ الآن من أكثر المصطلحات تداولاً في الوقت الذي يُعدّ عصرنا أكثر العصور انحطاطاً في مجال حقوق الإنسان ! الأمر الذي يحتم علينا قراءة الأحداث و المصطلحات بعيداً عن صخب الآلة الإعلامية الغربية التي باتت تطحننا ، و تلقي بنا في أتونها شئنا أم أبينا!
إن الغرب و أمريكا على وجه الخصوص ترغمنا على التعاطي مع نسبية مصطلحاتها ! بل نسبية عقليتها! و علينا أن نراوح في فلك فكرها رغم أنوفنا!
إن القضية يمكن إجمالها في مؤداها الأخير أنها قضية قوي و ضعيف، قوي يملي مصطلحاته و مضامينها ، و ضعيف يردّد ما يريد الأقوياء !
إن من الواجب علينا – مفكرين و ساسة و حقوقيين - أكثر من أي وقت مضى الانعتاق من المنظومة الغربية لحقوق الإنسان ؛ لأنها باختصار جاءت ردة فعلٍ لعقود من الصراع في أوروبا ، صراع الإنسان مع الإنسان و صراع الإنسان مع الطبيعة، ولذا تجد فلسفة الصراع جزءاً من كينونة الغربي يجسدها بشكل صريح الفن والتمثيل، بل حتى الرسوم الكرتونية لديهم ! هذه الثقافة ألقت بظلالها على عالمنا الإسلامي ، و لذا قد تسمع من يقول : "إن الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع انتزاعاً"، وهي عبارة تمثل بجلاء مجتمع الصراع ، صراع الكل ضد الكل أو مجتمع الإيمان ؛ فإن هناك ثنائية الحق والواجب في جوٍ من المسؤولية و المراقبة الذاتية التي لا يعرفها الغرب !
ولذا فإن من الأهمية بمكان معرفة الأسس و المنطلقات الفلسفية و الفكرية للبنية العقلية للغرب، و التي تراوح بين الصراع و النفعية و التعاقدية و بطبيعة الحال استبعاد الإيمان و إقصائه ، بل بمعنى أدق إلغاؤه من الحس الغربي تماماً، الإيمان الكفيل بإيقاد جذوة الخيرية داخل النفس البشرية.
و في المقابل فإن المسلمين يملكون – على المستوى النظري والعقدي – منظومة حقوقية لا تضاهيها منظومة على وجه الأرض، و إن من الظلم الواضح محاكمة المسلمين في هذا من خلال أحوال العالم الإسلامي الذي هو نتاج سنوات وعقود من الظلم والاستعمار والتغريب والتسلط الغربي الممنهج، باختصار نتاج للمؤامرة التي يحاول البعض إلغاء نظريتها (بلمكر الليل والنهار) والتي يجب ألاّ تقعدنا عن العمل (الجانب السلبي لنظريةالمؤامرة(.
.ومع الأسف فإن كثيراً من المحاولات المؤسسية والمؤتمرات في هذا المجال مجال حقوق الإنسان بما فيها مؤتمر القاهرة 1411هـ قد استبطنت النموذج الغربي بشكل أو بآخر و نظمت على منواله دون التنبه إلى الاختلاف الجذري في الأسس والمنطلقات ، إن علينا أن نوضح للعالم بأسره منظومتنا الحقوقية بعيداً عن الهلامية ، و بعيداً عن منهج التوفيق و التلفيق تحت ذرائع المشترك الإنساني أو غيره! وهذا الأمر يتطلب عملاً مؤسسياً و فريقاً بحثياً يضم بين جنبيه علماء الشريعة والفقه و الحقوقيين و السياسية الشرعية و تخصصات أخرى. وعند ذاك لا بأس إن كان هناك قدر من المشترك الإنساني، و ثمة فرقٌ بين أن نقول: نحن نشابهكم في أمور، وبين أن نقول هذه منظومتنا و أنتم تشابهوننا في أمور .
وهنا ملمح مهم وهو ضرورة التجرد والحيادية في عرض الإسلام ، أو أياً من تشريعاته بعيداً عن الذات أو العادات الاجتماعية الصرفة ، وعرضه للغرب كما هو مهما تناءت المسافة بينه و بين الفكرة الغربية الوضعية – وهذه الجزئية بالذات – هي عنصر التميز والجذب للغربي عكس ما يعتقده (هواة التلفيق) من أن تمييع القضايا و الفكر الإسلامي حتى يكون ظلاً مشوهاً للفكر الغربي أنه عنصرجذبٍ لهم .
وبعد. هل ما زلنا نصدق أكذوبة حقوق الإنسان!
فما ذنب هؤلاء الشباب والأبرياء و الله حرام و جريمة
إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
كيف يمكن التجاوب باسم الإصلاح مع أناس يصرون على أن ينتعلوا المساجد لمصلحتهم، فالإصلاح واجب و مشروع، و الإصلاح بدء و يسير و لو توقف نقول لكل حادث حديث، نعم نحن رواد إصلاح ولا يوجد إنسان معصوم نعم نطالب بالحريات التي نفهمها من خلال ديننا :
فالحرية: من أغنى المفهومات الفلسفية عن التعريف و هي مفهوم فردي و اجتماعي بآن واحد فلا وجود للمجتمعات إذا ما فقدت حريتها ( استقلالها )
نعني بالحرية في العادة تلك الخاصة التي تميزالكائن الناطق من حيث هو موجود عاقل تصدرأفعاله عن إرادته هو لا عن أية إرادة أخرى غريبة عنه .
الحرية : هي حاجتنا إلى التعايش المشترك , و نحترم التعايش المشترك.
الحرية : هي أن نقول ما نريد و لا نقول ما يملى علينا.
الحرية : أن ننظر إلى لا الأمام بعيون الحب والأمل, ولا ننظر إلى الغد بعيون الغدر.
الحرية : لا تعرف الإرهاب , و لا تخلق من رحم وحشية.
الحرية: أن نحترم اختلاف الآراء و وجهات النظر.
الحرية: أن لا نجرح, و لا ننتقد , بل نحترم ونقدّر.
الحرية: أن تعبر عن آرائك بالعقل و المنطق و الحوار , بحيث لا تجرح من أمامك .
الحرية : كما قالها الله و رسوله العربي , والأديان السماوية.
و نطالب بأمور كثيرة قد لا تخطر في بال من يطالبون بالإصلاح اليوم ، لكن الخطوات التنفيذية لا يمكن أن تتم بثورة , الإصلاح لا يتم إلا بخطى وطيدة، بحيث نتبين مواطئ أقدامنا، نحن في سوريا نتمتع بالوعي ونقول حتى الآن بأنه لا يستطيع أحدا أن يخدعنا لا باسم الإصلاح و لا بغيره ، لا نرضى أبدا من أحد الناس أن يتخذ من ظهورنا مطايا لرغباته .
إياكم أن تسيروا وراء من يريد أن يدخلكم إلى الأعشاش المظلمة التي قد تكون سبب هلاك لنا. هذا شيء بديهي و يجب أن ننتبه له جميعا، و أنا من أول الناس الذي دعوا للإصلاح، نحن لا نريد أن نعالج الحمى بالطاعون .................................
</B></I>