لأنني أحب الحياة ، أقف أمام مرآتي ...
أتأمل ملامحي و أتابع تغيراتها باهتمام ، و أتزين بكل ما أوتيتُ من خبرة ، أصفف شعري كل يوم بطريقة مختلفة ..
أنتقي المفضل لدي من عطوري فأسمح له بأن يلامس جسدي و شعري و ثيابي فيندمج عبق روحي بأزكى العطور ، ..فأغدو وردة ساحرة بشكلها و سحرها ، غير أني وردة لها ميزة التنقل بين كل المروج ..
أحترم أنوثتي بكل ما فيها من تفاصيل ..
أحمل قلبي الراضي و أبحر على متن الأمل ..
أنا أفعل ذلك كل يوم ، بعد أن أكون قد هيأت جنتي الصغيرة لتبدو لي قصراً مشيداً بأركان العطاء ..
قصراً لأميرة الحب ..
أميرة كأزهار الخيال ..تطوف بزيها الفاخر أرجاء قصرها الجميل ..
تقف عند كل شروق خلف نافذة الانتظار ، بشوق يرويه الحنين تنتظر فارسها الذي يقبل من بعيد ..يشق الدروب ولا يترك خلفه سوى عاصفة من الغبار ..يحمله لهفان قلبه لرؤياي ..
فارسها الذي يتقدم نحوها على أنغام صوت حوافر جواده ..تلك الأصوات التي تبدو كصوت ضرب الدفوف معلنة اقتراب عرس اللقاء ..
فأسرع ممسكة بطرفي ثوبي الأبيض المزركش لأمضي إليه كالفراشة تحملني نسائم السرور ..
وعند وصول فارسي النبيل أتوقف لأفتح جناحيّ لاحتوائه كي يسمع دقات قلبي السعيد ..
يسحرني منظر نزوله من على صهوة جواده فكل ما فيه يحكي الرجولة ..
هامته الممشوقة ..
جماله و بهاؤه ..
نظرة الصقور لديه ..
قلبه الفياض بالحنان و صدر عريض يسعني ..
كفان حانيتان تداعب خصلات شعري المنثور ..
أنفاس دافئة تزيل عني برد الغياب
فيحملني كطفلة مدللة بين حنايا الحب لندخل قصرنا المشتاق لضحكات العشاق ، وفي أركانه نقيم حفلاً قلما كان له مثيل ، و مع لطف عباراته يمد يده ليلامس تضاريس وجهي فتقف يده على وجنتي التي يتطاير منها الحياء ، فتسبق كفي كفه ..محاولة إخفاء بعضاً منها ..لست أدري لم يغلبني الحياء بعد أن كاد يقتلني الشوق ..و بينما كفي على خدي تبحث عن مخرج ، أصحو من حلم يقظتي متلمسة خدي من ألم صفعة جادت علي بها زوجة أبي وهي تقول : ألم تذهبي لجلب الماء بعد ؟؟ ستشرق الشمس و لدينا الكثير مما علينا القيام به !!!
هيا ألا تملين من التأمل ؟؟
لا تعجبوا مني ، فأنا فتاة يتيمة الأم ..بائسة ..
وليس لدي سوى ثوبين أغسل أحدهما و ألبس الآخر ، ولا أمتلك من العطور إلا رائحة الأزهار التي ألتقيها على كتفي الطريق عند ذهابي لجلب الماء من النبع ،
فقيرة بما في الكلمة من معنى ، إلا أنني أمتلك أغنى خيال ، و هذا يكفي لجعلي سعيدة بحب الحياة .
لذا سأكون يوما كما كنت ابحث واريد...