فكّرثم فكّر ثم فكّر حتى يؤمن بك الناس وتؤمن بنفسك
حيدر محمد الوائلي
(أولاً يهملونك ثم يستهزئون بك ثم يحاربونك ثم تنتصر)...
كانت تلك كلمات من نور صاغها المهاتما غاندي وآمن بها وحرص على تطبيقها فتحقيقها وصبر عليها فأنتصر...
ولولا هذا الفكر النبيل لما صارت الهند هنداً...
ولولا هذا العمق في التفكير لما طرد بريطانيا العظمى بدون حربٍ وسلاح، بل بحبٍ وسماح، فألهم شعوباً الحب والنصر...
ولولا هذا الفكر لما كتبت متأثراً ببضع كلمات قالها غاندي فألهمتني كتابه مقالات ومقالات وانا متأثراً بها للنخاع وتلهمني الصبر والعزيمة...
ولولا إيمان غاندي بهذا القول لصار نسياً منسياً وكائناً عادياً وُلِد فعاش فكبر فمات فنُسي للأبد ولكنه بفكره صار خالداً عصياً على الزمن أن ينساه ومن أمجد من يذكرهم التاريخ والناس كل يوم.
جميع العظماء تم إهمال فكرهم وقولهم وكتاباتهم، ولكنهم لم يعيروا اهتمام لذلك الإهمال واستمروا...
جميع العظماء تم الاستهزاء بفكرهم وقولهم وكتاباتهم، ولكنهم لم يعيروا اهتمام لذلك الاستهزاء واستمروا...
جميع العظماء تمت محاربتهم بفكرهم وقولهم وكتاباتهم، ولكنهم لم يعيروا اهتمام لتلك الحرب واستمروا...
ومن بعد أن استمروا انتصروا...
ولولا استمرارهم لما انتصروا...
ربما تأثروا وبكوا وحزنوا وانكسروا...
ربما عاشوا في الغربة داخل الوطن وخارجه...
ربما قضوا بضع سنين في سجن الظالمين وسجن إهمال الناس والمسؤولين لهم...
ربما أصابتهم بعض الكآبة من العزلة والوحدة بفعل مرارة الإهمال وقسوة الاستهزاء وبطش الحرب...
ربما أخطئوا في بعض الأفكار والتصرفات ولكن لم يتأثروا بل صححوا الأخطاء فلا يوجد إنسان كامل وأفضل الناس هو من يصحح أخطاءه...
لكنهم صبروا واستمروا لينتصروا، ومن خضعوا منهم وتراجعوا وتوقفوا فقد خسروا...
طرح المواضيع نظرياً سيسهل لقرائها أن يفكروا فيها وهو دور المثقف الواعي أن يبذر بذرة الفكرة وعلى القارئ والمهتم أن يعتني بها ويسقيها لكي تخضر وتنمو وله أيضاً أن يدوس عليها ويميتها كما له أن يحيها، والعقل الحكم...
لما كتب الفيلسوف الألماني شوبنهاور كتابه (العالم كإرادة وفكره) تلقاه القراء بفتور وعدم مبالاة...!!
وفي أحد الأيام سمع شوبنهاور أحد النقاد يطعن في كتابه أمامه، فرد عليه شوبنهاور مباشرة: (إن هذه الكتب مثلها مثل المرآة، إذا نظر فيها حمار فلا يتوقع أن يرى وجه ملاك)...!!
عندما وُلِدتَ يا إنسان فقد كانت خلايا مخك تقدر بمائة مليار خلية عصبية وتتركز هذه الخلايا العصبية في طبقة يبلغ سمكها (2 ملليمتر) على السطح الخارجي للحاء مخك والمعروف بمادة الدماغ السنجابية، وعلى مدار حياتك يتعين على عقلك أن يعالج (3 مليارات) محفز كل ثانية لتبقى مستيقظاً...!!
والآن فكر في هذه الحقائق التالية:
إن مقياس ذكاء العقل البشري المتوسطة يكون (100) وفي الشخص العبقري (160)...!!
يستخدم الشخص المثالي ما نسبته (4%) فقط من إجمالي القدرة العقلية المتوفرة لديه...!!
وعليه فانه من الواضح إن هناك سببا واحداً جيدا لتطوير قدرتك العقلية وهو: أن هناك ما نسبته (96%)!! من قدرة عقلك هي جاهزة في انتظارك من اجل التطوير...!!
فهل أنت مستعد للتطوير...؟!!
سلسلة الإصلاح الذهبية التي مر بها كل نبي وحكيم ومخترع وعالم ومصلح وفيلسوف وشاعر وأديب وكاتب وسياسي ناجح وكل ثائر وثورة وكل صاحب فكرة هي: (الإهمال ثم الاستهزاء ثم الحرب ثم الانتصار)...
وهل يوجد أجمل من الانتصار وتحقيق غاية نبيلة تعبت عليها الأيام وصبرت عليها الليالي لتراها تتحقق، والصبر مفتاح الفرج.
ولا تتصوروا أن إذا قُتِل المصلح والمفكر والثائر بسبب إصلاحه وفكره وثورته فقد تمت هزيمته...
أكيداً (لا)...!!
وإلا لما لكنا نقرأ ونقتدي ونقتفي أثر موتى ألهمونا الحياة، في اليوم الذي نلعن فيه من هم أمامنا أحياء من سياسيين وقادة وزعماء يدعونا بسوء فعالهم نتمنى الموت.
وهو حال كُتاب المقالات والكتب والبحوث والتجارب وهذا حال أكثر أصحاب الأفكار السليمة لا العقيمة اليوم، إهمال واستهزاء وحرب والنصر قادم.
كثيراً من الموتى أحياء بيننا يلهموننا الصبر والثبات على الحق رغم أنهم قُتِلوا شر قتلة، وهنالك كثيرٌ من الأحياء اليوم من أصحاب قرار وأملاك وسياسيين وقادة وحكام ومدراء وأهل دين لا تميزهم عن الحمير سوى أنهم ليس لديهم آذان طويلة كالحمار ويمشون على رجلين بينما الحمار يمشي على أربع وما عداه فالتشابه كبير...
ولو تكلم فأنكر الأصوات صوت الحمير...
متى يتنبه الناس لفداحة وراثة الأفكار والدين والمعتقد والتوجه السياسي والحزبي حتى صيروها إرثاً كما يرثوا الدار والعقار، أو عدوى تنتقل لهم من المحيط الاجتماعي مهما كان نوع العدوى...
ومتى يتفكروا قبل الاختيار، هذا لو كانوا أصلاً قد فكروا أن هنالك خيار واختيار...!!
ومتى يبحثوا عن الحق والحقيقة، ومن يبحث فسيبان الحق لذي عينين...
ولو تبين أن ما قد ورثه فكرياً صحيحاً فهذا يعني أنك قد ثبّته في قلبه أكثر وزرعه في نفسه أكثر لينمو أكثر وأكثر ولا يبقى وراثة بعدها...
ولكن لو وجدت في وراثتك خطأ فهل ستصححه ولا ترضخ لمقيدات الوراثة والتقليد وعدوى المحيط وتكون شجاعاً وتسمح للنور أن يضيء حجرة العقل...؟!
وتذكر أنها حياتك لا حياة الوَرَثة، وأنها حياة واحدة ومن بعدها الموت قادم ولتنظر نفسك ما قدمت في حياتك فهي ستحدد مصيرك...
من يفكر هكذا سيرى أنه كم كان يعيش بظلام الحياة وسط النهار...
وسيرى النهار جلياً فلقد طال الليل...
هنالك دين وفكر ومعتقد فساد ودين وفكر ومعتقد صلاح، وكلاهما يمارس نفس الطقوس تقريباً ويؤدي حركات عبادية وفكرية وعقائدية متشابهه من حيث الشكل، ولكن بالبحث الموضوعي والعلمي سيبزغ نور الحقيقة في الأفق...
فلا أحد يملك تفخيخ الأفق وتفجيره...
ولا أحد يملك أن يغمض العينين من النظر للنور وللأفق ففي العينين حباً فطرياً للنور والنظر البعيد مهما طال أمد اليدين اللاتي تغمضها كي لا ترى النور...
سيصيب تلك اليدان الشلل من كثر ما تمسك من عيون بينما ستقوى العينين على الرؤية أكثر ولو طال أمد الإغماض...
لا فكر للناس قبل أن يتخلوا عن أحقادهم وكراهيتهم وغضبهم المسبق جانباً عند التفكير بمواضيع الأيمان والتفكير والعقيدة ومواضيع البحث عن الحقيقة...
لا يفكر الحاقد والكاره والغاضب بأنصاف بل بانحياز...
لا يفكر الحاقد والكاره والغاضب بتفكر بل بجهالة...
لا يفكر الحاقد والكاره والغاضب بالحقيقة بل بعثرات الآخرين...
لا يفكر الحاقد والكاره والغاضب بجلب النور بل بكيفية إحلال الظلام على الآخرين...
لا يفكر الحاقد والكاره والغاضب بفكر عقله بل بحقد وكراهة وغضب قلبه...
وينبغي التذكر على الدوام أن لا يقاس دين الله بالرجال، ولكن يُقاس الرجال بدين الله، وهكذا بالسياسة والمجتمع والأفكار، فهي تقاس بما هي نظرية لا بمن يطبقها أو أساء تطبيقها.
كانت فكرة صياغة عنوان المقالة (فكّر ثم فكّر ثم فكّر حتى يؤمن بك الناس وتؤمن بنفسك) مقتبسة من فكرة من مقولة شهيرة لجوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وألمانيا النازية وهي: (أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس وحتى تصدق نفسك) حيث فكرتي تعاكس المقولة كلياً بالمضمون ولكن تمضي معها بالطريقة وآلية التطبيق.