لقمان ديركي : "بأي مدرسة حاطط ابنك؟"
المصدر لقمان ديركي
01 / 04 / 2007
يدخل الطفل يومه الأول في المدرسة بصحبة والديه أو أحد والديه خائفاً ومتحمساً بوقت واحد، ينظر إلى باقي الأطفال باستغراب ويبادلونه نظرات الاستغراب فينكفئون جميعاً على ذواتهم ويستنجدون بأمهاتهم بالنظرات كي لا يفتضح أمرهم، ويكون الطفل قادماً من بيته وهو بطل الأبطال في البيت وكذلك في الحارة، فهو الذي لا تصبح كلمته اثنتين في البيت، ومشهور بعلاقاته الخارجية المميزة خاصة مع عمو صاحب أقرب دكان للأكلات الطيبة، وهو يذكر اسم هذا العمو حتى في مناماته، بل هو .....
مشهور أيضاً فكل الحارة تعرف أي نوع من الشيبس يحب وأي نوع من البسكويت هو المفضل لديه، ولكنه الآن وحيد في المدرسة وأعزل من بطولاته التي لا يعرف الآخرون عنها شيء، فجأة تودعه أمه على أمل اللقاء به بعد انتهاء الدوام فيضع البطل كبرياءه جانباً، بل ويدوس عليه عبر وصلة من الجعير البكائي الكامن، ويبكي باقي الأبطال معه فيعتقد أنهم جميعاً يبكون تعاطفاً معه ويبدأ بتأملهم واحداً واحداً علّه يعرف لماذا يتعاطفون معه، وتبدأ نوبة البكاء الجماعية بالاضمحلال رويداً رويداً إلى أن تنتهي دون أن تنتهي آثارها مباشرة من سوائل مقدسة على الخدين وغير محترمة تحت ثقبي الأنف مباشرة ، وبعد مسح الآثار بالأكمام لتعذر قيام الآنسة بهذا الأمر يبدؤون درسهم الأول وخطوة الألف ميل التي لا تنتهي إلا بانتهاء الإنسان.يخرج بطلنا إلى الفرصة بسعادة ويتحسس الخمس ليرات التي كانت تصرخ في جيبه منذ بداية الحصة مهدئاً إياها فتهدأ الخمس ليرات وتطمئن إلى أنها ستذهب إلى خزانة الآذن قريباً بعد أن يقايض البطل عليها بكيس شيبس على الأرجح، وما يهم البطل بفتح كيس الشيبس حتى يأتي أحد زعماء العصابات المعروفين وهو من طلاب الصف الرابع وينتزع كيس الشيبس من يده مبتسماً باحتقار لم يلمسه بطلنا من قبل ولكنه يبلع ريقه وهو ينظر إلى الحراس الشخصيين للزعيم ويلوذ بالفرار حاملاً معه تظلماً سيكون تاريخياً لا يُنسى، وما إن يدخل البطل إلى الصف حتى يفاجأ بأن الجميع حزانى ومقهورون مثله فيتبادلون الهموم ثم يخرجون ويلعبون مع بعضهم في الباحة، وعندما يعودون إلى البيت يخترعون قصصاً عن بطولاتهم في المدرسة على كافة الأصعدة ولكنهم يضطرون أن يذكروا قصة الشيبس المسروق لشدة قهرهم ويذهبون في اليوم التالي إلى المدرسة ويدخلونها كالمحاربين القدماء.تكون جالساً فتسمع امرأة تسأل جارتها “ بأي مدرسة حاطة ابنك ؟ “ فتجيبها بفخر واعتزاز وشمم وإباء “ باللاييك .. بيعلموهم فرنسي وانكليزي .. وأنت وين حاطة بنتك ؟ “ فتجيبها الأخرى بشمم وإباء “ بالباكستانية .. بيعلموهم الرياضيات بالانكليزي “ وتتدخل الثالثة بفخر أشد واعتزاز أكثر قائلة “ الله وكيلكن أنا اولادي حاططتهم بالأميريكان سكول وتعدميني اياهم إذا بيعرفوا كلمة عربي “ تنظر الاثنتان إلى الثالثة بحسد ، نعم عندنا يحسدون الناس حتى على جهلهم !!!!!!!