الــجــلــطـة الــرئــويــة ...
عن موقع ( yourdoctor.net )
الكل يعرف أن الجلطات أو التخثر الدموي يمكن أن يحصل في العديد من شرايين الجسم أو الأوردة، وأهم هذه الجلطات هي الجلطة القلبية والدماغية، ولكن سوف نتعرف في هذه المقالة على الجلطة الرئوية التي تعتبر أيضا من المشاكل الصحية المهمة.
الدورة الدموية الرئوية
في البداية يجب إعطاء فكرة عن الدورة الدموية في القلب والرئة، الكل يعلم أن للقلب جانبين ( جانب أيسر وأيمن ) وأن كل جانب يتكون من أذين وبطين، وأن الجانب الأيمن هو الذي يستقبل الدم من كافة أنحاء الجسم ومن ثم يضخ الدم إلى الرئتين عبر شرايين تسمى ( الشرايين الرئوية )، وهذه الشرايين تختلف عن باقي شرايين الجسم، حيث أنها ذات ضغط منخفض لا يعيق إيصال الدم من الجانب الأيمن للقلب إلى الرئتين.
كيفية تتكون الجلطة الرئوية
في الغالب الجلطة لا تتكون في شريان الرئة وإنما تنتقل إليه من أحد أوردة الجسم وتمر عبر الجانب الأيمن للقلب لتستقر في أحد شرايين الرئة وتسبب انسداد في هذا الشريان. و في الغالبية العظمى تأتي هذه الجلطة من أحد أوردة الرجلين أو البطن.
الأسباب المؤدية للجلطة الرئوية
تختلف الأسباب المؤدية للجلطة الرئوية اختلافا كليا عن الأسباب المؤدية لجلطة القلب والجلطة الدماغية، حيث لا علاقة بين ارتفاع نسبة الكوليستيرول أو ارتفاع ضغط الدم وبين الجلطة وإنما أسباب الجلطة الرئوية تشمل :
البقاء بدون حركة لفترة طويلة، وهذه يمكن أن تحصل خلال السفر الطويل بالسيارة مثلا أو بالطائرة ، لذلك دائما ننصح المسافرين بتحريك الرجلين والمشي في الطائرة بين فترة وأخرى لتحريك الدم في أوردة الرجلين وتقليل احتمال الإصابة بجلطة الرئة.
بعد العمليات الجراحية وخصوصا العمليات التي تجري على مفصل الورك (Hip) أو الركبة (Knee) أو عمليات البطن الكبيرة التي تتطلب من المريض المكوث فترة طويلة في السرير بعد العملية.والآن يتم إعطاء أدوية خاصة لغالبية المرضى الذين تجري لهم هذه العمليات لغرض منع تخثر الدم وتقليل نسبة الإصابة بالجلطة الرئوية، وأيضا ننصح المريض بمحاولة الحركة في أقرب فرصة بعد العملية وتجنب المكوث في السرير لفترة طويلة.
الحمل والولادة، خلال فترة الحمل وفترة ما بعد الولادة يحصل تغيرات فسيولوجية في المرأة تساعد نوعا ما على تخثر الدم، وبالتالي قد تحصل جلطة رئوية أو جلطة وريدية في أحد الرجلين للنساء خلال هذه الفترة ولكن تبقى نسبة حدوثها قليلة جدا.
حبوب منع الحمل، بما أن هذه الحبوب تحتوي على مادة الاستروجين فإنها تزيد نوعا ما من احتمال الإصابة بالجلطة الرئوية، وإن كان الحبوب التي تستخدم حاليا تحتوي على نسبة بسيطة جدا من الاستروجين واحتمال تأثيرها على الجسم من ناحية زيادة الإصابة بالجلطة الرئوية قليل جدا.
بعض الحالات الوراثية، بعض الناس قد يصابون بالجلطة الرئوية بدون أي سبب واضح وفي غالبية الأحيان يكون السبب هو استعداد وراثي لزيادة تخثر الدم في الجسم نتيجة نقص أحد العوامل أو الانزيمات التي تساعد على سيولة الدم، وفي هذه الحالات عادة تكون الإصابة بالجلطة متكررة.
البقاء على السرير لفترات طويلة، وهذه تحصل للناس المضطرين للبقاء على السرير لفترة طويلة، مثل الناس كبار السن المقعدين أو المصابين بكسر في العمود الفقري.
إذاً من خلال استعراض ما سبق يتبين أنه هناك أسباب واضحة ومحددة للجلطة الرئوية يجب الانتباه لها ومحاولة تقليل آثارها.
أعراض الجلطة الرئوية ومضاعفاتها
تعتمد أعراض الجلطة الرئوية ومضاعفاتها على حجم الجلطة الرئوية على حجم الجلطة، فالجلطة الصغيرة قد تحصل بدون أن تسبب أي أعراض أو مضاعفات والجلطة الكبيرة قد تسبب مشاكل كثيرة كهبوط في الضغط أو ضيق شديد في التنفس. ولكن في غالبية الناس تكون أعراض الجلطة الرئوية كما يلي :
ضيق في التنفس.
ألم على أحد جنبي الصدر وهذا الألم عادة يزيد عند أخذ نفس عميق.
قد يصاحب الجلطة كحة مصاحبة لخروج دم مع الكحة، وبما أن الجلطة الرئوية قد تنتج من الجلطة الوريدية في أحد الرجلين فيجب الانتباه لأعراض جلطة الرجلين وهي عبارة عن ألم وانتفاخ واحمرار عادة خلف منطقة الساق.
كيفية تشخيص الجلطة الرئوية
أهم نقطة في تشخيص الجلطة الرئوية هو اشتباه الدكتور في وجود الجلطة حسب التاريخ المرضي للمريض، وخصوصا وجود العوامل المساعدة للجلطة، وهناك فحوصات أولية يتم إجراؤها مثل تخطيط القلب، قياس نسبة الأوكسجين في الدم، أشعة الصدر، وهذه الفحوصات لا تشخص الجلطة الرئوية وإنما قد تعطي دلالات معينة على وجود الجلطة، والطريقة الوحيدة لتشخيص الجلطة الرئوية هي إجراء أحد الفحوصات التالية :
الفحص النووي لشرايين الرئة (Perfusion Lung Scan) : وهذا الفحص يعطي صورة لمدى وصول الدم إلى مختلف أجزاء الرئة، ومتى ما تبين عدم وصول الدم إلى أحد أجزاء الرئة، فإن هذا دليل على وجود جلطة رئوية ويتم أجراء هذا الفحص بواسطةجهاز خاص لهذا النوع من الأشعة بعد أعطاء حقنة خاصة لذالك ولايوجد أي مضاعفات تذكر لهذا النوع من الأشعة.
فحص الأشعة المقطعية الحلزوني (Spiral C T Scan ) : يعتبر هذا الفحص هو تطوير للأشعة المقطعية العادية، بحيث يمكن أخذ صورة للرئتين وشرايينها بسرعة كبيرة بعد إعطاء صبغة بواسطة أحد أوردة الذراعين، ولكن هذا الفحص يمكن أن يبين الجلطة في الشرايين الكبيرة نوعا ما، ولكنه غير دقيق لتبيان الجلطة في الشرايين الصغيرة.
قسطرة الشرايين الرئوية (Pulmonary Angiogram ) : هذا الفحص يعتبر أدق فحص لتشخيص الجلطة الرئوية وهو شبيه نوعا ما بقسطرة شرايين القلب، حيث يتم إنزال (أنبوب مرن دقيق جدا ) (Catheter) من خلال الوريد الرئيسي في الرجل وإيصاله إلى شرايين الرئة، ومن ثم يتم حقن صبغة خاصة من خلال هذا الأنبوب وأخذ أشعة لتبيان كافة شرايين الرئتين ومعرفة ما إذا كان يوجد جلطة تسبب ضيق أو انسداد في أحد شرايين الرئة.
والآن بعد استعراض كيفية تشخيص الجلطة الرئوية يجب التنبيه أن ليس كل المرضى يحتاجون كل هذه الفحوصات، وإنما عادة يتم إجراء فحص واحد وفي الغالبية تكون البداية بالفحص النووي وإذا ما تم التشخيص فلا داعي للفحوصات الأخرى، أما إذا كان الفحص النووي غير واضح أو جازم في التشخيص فإنه يتم اللجوء إلى أحد الفحوصات الأخرى.
علاج الجلطة الرئوية
متى ما تم تشخيص الجلطة الرئوية فيجب إعطاء دواء مسيل للدم، وذلك لمنع تكون جلطات أخرى وإزالة أثار الجلطة المتكونة ب، وهناك نوعين من الدواء المسيل للدم :
دواء الهيبارين ( Heparin ) : وهذا الدواء يعطى إما عن طريق الوريد أو يوجد الآن هيبارين مطور (Low Molecular Weight Heparin) يمكن إعطاؤه بإبرة صغيرة تحت الجلد.
دواء الوارفرين (Warfarin) : وهو عبارة عن حبوب تؤخذ مرة واحدة في اليوم، تبقي الدم سائلا وتمنع تخثر الدم.
وعادة ننصح المريض بالدخول إلى المستشفى لغرض بداية دواء الهيبارين عن طريق الوريد لمدة 5 أيام تقريبا، ومن ثم الاستمرار في أخذ دواء الوارفرين لمدة تتراوح ما بين 3 – 6 أشهر. وهذا العلاج في الغالبية العظمى من المرضى كفيل بمعالجة الجلطة الرئوية وإزالة كافة آثارها بحيث ترجع الدورة الدموية الرئوية طبيعية تماما كما هي قبل حدوث الجلطة.
أما في حالة تكرار حدوث الجلطة كما يحدث في الناس الذين لديهم استعداد وراثي لذلك فإنه ينصح باستخدام الدواء المسيل للدم طوال الحياة وعدم التوقف عنه.
وفي بعض الحالات الخاصة يتم وضع فلتر خاص في الوريد الرئيسي في البطن لمنع انتقال الجلطات من الرجلين إلى الرئتين.
نصائح للمرضى الذين يستخدمون دواء السيولة الوارفرين
يجب أخذ الدواء في نفس الوقت يوميا وننصح عادة بأخذ الدواء ما بين الساعة 5 – 6 مساءاً من كل يوم.
يجب عمل فحص مستوى السيولة بشكل دوري أسبوعياً في بداية العلاج، ومن ثم شهرياً لتحديد الجرعة المناسبة للمريض حيث تختلف الجرعة من شخص لآخر حسب مستوى السيولة.
هناك بعض الأدوية ( مثل بعض المضادات الحيوية ) التي قد تؤثر على مستوى دواء الوارفرين في الجسم، وبالتالي عند أخذ هذه الأدوية يجب فحص مستوى السيولة في الدم بشكل متكرر لغرض تغيير جرعة دواء الوارفرين إذا استدعى الأمر.
إخبار الأطباء بما فيهم أطباء الأسنان عند مراجعتهم بأن المريض يأخذ دواء مسيل للدم وذلك لغرض أخذ الحيطة في حالة حاجة المريض لفحص معين أو عملية جراحية بما فيها عمليات تنظيف أو خلع الأسنان.
الدكتور ناصر بهبهابي استشاري الأمراض الصدرية - الكويت
http://www.imtidad.com/home/1509