مقدمة :
إن الطب النفسي هو علم وفن التعامل مع أرقى وأصعب مخلوقات الله عز وجل وهى النفس البشرية .
والطب النفسي شقيق الطب العضوي أو توأمه .
ويمكن تشبيه العلاقة بين الطب النفسي والطب العضوي بالرسم الموضح هنا حيث أن الطب العضوي يشمل ثلاث عناصر :
1- نوع وكميه الميكروبات التي تسبب حدوث المرض .
2- المدة التي يتعرض لها المريض للميكروبات ( كلما طالت المدة كلما كان حدوث المرض اسهل وأسرع)
3- مقاومة المريض وهى نوعان :
· أ – المقاومة الصناعية ، وهي من خلال تعاطى المقويات أو المعادن أو المضادات الحيوية والأمصال والتطعيم وغير ذلك .
· ب- المقاومة الطبيعية ، وهى من خلال الحفاظ على الصحة العامة بصورة مستمرة وشاملة مثل : - الحفاظ على مواعيد النوم و الاستيقاظ.
- الحفاظ على نظام غذائي .
- ممارسة الرياضة
- تجنب التدخين والكحوليات
- تجنب الإفراط بصورة عامه ........ وغير ذلك
أما بالنسبة للمرض النفسي فهو أيضا يشمل ثلاث عناصر مثل الطب العضوي
1- نوع وكمية الضغوط التي يتعرض لها الإنسان
2- المدة التي يتعرض لها الإنسان لمثل هذه الضغوط (كلما طالت المدة كلما كان حدوث المرض اسهل وأسرع)
3- مقاومة المريض وهى نوعان :
أ- المقاومة الصناعية : وهى من خلال تعاطي المهدئات والمنومات والمسكنات أو الصدمات الكهربائية أو غير ذلك
ب- المقاومة الطبيعية : وهي من خلال تنميه الصحة النفسية ورفع درجه المقاومة الطبيعية والتدريب على التعامل مع الضغوط وتعلم فن الاسترخاء دون التعارض مع التعامل مع مشاكل الحياة اليومية ، وقد يكون البعض من باب النصيحة ( أبتعد عن الضغوط ) أو حاول أن تتجنب الانفعالات أو غير ذلك من النصائح الغريبه حيث أن المشاكل والضغوط تتواجد طالما تواجدت الحياة .
وقد قال الله عز وجل ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) ، أي أن الإنسان ليس له مفر في هذه الحياة من التعامل مع المشاكل ......... وهنا يمكن أن تكون النصيحة كيف تتعامل مع المشاكل أو كيف نتعلم فن الرضا أو فن الصبر الجميل .
ويقول الإمام على بن أبي طالب
إن قضاء الله ....... رضيت أم أبيت ، فخير لك أن ترضى
أي أن الرضا هدف يستطيع الإنسان أن يحققه وأن يصل إليه بشرط أساسي هو وجود الرغبة والإرادة ، ثم التوجيه السليم .
ومفتاح الطب النفسي قد حدده الله عز وجل في قوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
إن خالق النفس وأقدر القادرين قد جعل مفتاح التغيير في يد كل إنسان بشرط وجود الرغبة الصادقة والإرادة ، ثم التوجيه السليم .
وإذا كان الطبيب العضوي يمثل مرآه عضويه للمريض ، فإن دور الطبيب النفسي لا يتجاوز أن يكون مرآه نفسيه لمن يرغب ويريد التغيير .
وكثيرا أحب أن أقول وأكرر أنني لا أعرف أي طبيب نفسي فشل في حاله واحدة ولكنى أيضا لا اعرف أي طبيب نفسي قد نجح في حاله واحدة
أن مفتاح النجاح أو التغيير هو في يد المريض بنفس الشروط التي ذكرناها ( الرغبة – الارادة – النصيحة السليمة )
لقد ذكر القرآن ثلاثة أنواع أو أحوال للنفس البشرية وهي :
1- النفس الأمارة بالسوء
2- النفس اللوامة
3- النفس المطمئنة
وأنا أرى أن الإنسان يمتلك تلك الأنماط الثلاثة ولكنه يسمح بنمو واحدة منهم أكثر من الأخرى حتى يغلب عليه صفه واحدة منهم أكثر من الثانية .
ويظل الإنسان حاملا تلك الأنواع الثلاثة حتى يرحل عن هذه الدنيا
ومره أخرى أكرر وأؤكد أن مفتاح تنمية إحدى هذه الصفات موجود بيد كل إنسان بشرط الرغبة والإرادة واتباع النصيحة السليمة .
وقد حسم الله عز وجل هذا الأمر بقوله تعالى " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "
لا أود الاطالة في تلك المقدمة الهامة التي انصح بضرورة التعمق فيها وتطبيقها على أنفسنا ونخرج في النهاية بأننا عندما نذهب إلى الطبيب النفسي ولدينا الرغبة والإرادة فلن نجد لديه الا النصيحة السليمة أو الإرشاد المتكامل أعاده ترتيب بعض الأمور من أجل صحة نفسيه أفضل .
إن أحد مفاتيح النجاح هو مواجهه الحقيقة وتحمل مسئوليه التغيير إذا أمكن أو التعامل مع الواقع بأقصى درجه من الرضا وليس الرضوخ .
ليس أسهل على أي إنسان صغيرا أم كبيرا أن يلتمس الأعذار لنفسه بلا حدود وبلا قيود وأن يسقط المسؤليه على الآخرين أو على الظروف ، وهى كلها لن تؤدي إلى توليد أي رغبه صادقه ولا أحياء الإرادة القوية ، وبالتبعية لن يقصد الطبيب النفسي أو سوف يذهب إليه من باب تحصيل الحاصل !!!!!!!........
وقد يكون هاما أن نذكر أن كثير من الأمراض النفسية عند الأطفال تحدث عندما :
1. يكون الاهتمام مبالغا فيه أو
2. يكون الإهمال مبالغا فيه
وعندما نتحدث عن البالغين فإن أحد أسباب المرض الرئيسية تكون :
1. احترام النفس ( المبالغة سلبا أو إيجابا )
2. تأنيب الضمير
ومفتاح التغيير سواء في الصغار أو الكبار هو تحقيق التوازن
وكل ما أخشاه أن يأخذ بعض القراء كلماتي ويبدءون في العمل كأطباء نفسيين لذويهم .......!!!!!!!
إن كثير من الناس ( دون أي قصد يمارسون دور الطبيب النفسي مما قد يلحق كل الأذى بمن يحبون )
وأذكر هؤلاء ونفسي بقول الله عز وجل " واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
قد يقابل الطبيب مننا بعض الحالات التي يحتاج إلى أخذ رأي زميل آخر
وأخيرا أختم هذه المقدمة بأن الطب النفسي هو فن وعلم التعامل مع أرقى وأصعب مخلوقات الله عز وجل وهى النفس البشرية ، وليس من الأمانة التعامل معها من خلال أي أحد إلا المتخصصين
وسوف نتناول تباعا وضع بعض التفاصيل أو الأضواء على بعض المشاكل النفسية
مع دعواتى لكم جميعا بكل الخير وأن تكونوا من أصحاب النفس المطمئنة.
د/علاء زهران