أبكتني حاجة اهل القبور لنا وتأثرت بها فأحببت أن يعلمها الجميع
..
حكى عثمان بن سواد وكانت أُمه مَـن العابدات ، قال : لما احتضرت رفعت رأسها إلى السماء ، وقالت: يا ذخرى ويا ذخيرتي
ومن عليه اعتمادي في حياتي وبعد مماتي
لا تخذلني عند الموت ولا توحشني في قبري
قال : فماتت
فكنت آتيها كل جمعة وأدعو لها واستغفر لها ولأهل القبور ، فرأيتها ليلة في منامي
فقلت لها : يا أماه ، كيف أنت ؟
قالت : يا بنى ، إن الموت لكرب شديد
وأنا بحمد الله في برزخ محمود
يفترش فيه الريحان
ويتوسد فيه السندس والإستبرق إلى يوم النشور
فقلت : ألك حاجة ؟
قالت : نعم ، لا تدع ما كنت تصنع من زيارتنا
فإني لأُسرّ بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت من أهلك
فيقال لي : هذا ابنك قد أقبل
فأُسر ويُسر بذلك من حولي من الأموات .
قال بشار بن غالب : رأيت رابعة في منامى
وكنت كثير الدعاء لها
فقالت لي : يا بشار
هداياك تأتينا على أطباق من نور
مخمرة بمناديل الحرير
قلت : وكيف ذلك ؟
قالت : هكذا دعاء الأحياء إذا دعوا للموتى واستجيب لهم جُعِل ذلك الدعاء على أطباق النور وخُمِرَ بمناديل الحرير ثم أُتِىَ به إلى الذي دُعِي له من الموتى
فقيل له : هذه هدية فلان إليك.
- [ من كتاب الروح لإبن القيم ] -