في مثل هذا اليوم من عام 1938م، توفي الشيخ أمين كفتارو - رحمه الله – وفيما يلي نبذة من سيرته..
الشيخ أمين كفتارو - رحمه الله
1294 – 1357هـ 1877 – 1938 م
اسمه ولادته ونشأته:
محمد أمين كفتارو النقشبندي الكردي الكرمي.
ولد عام 1292 ه الموافق 1875م، في قرية كرمة من ناحية أومر من قضاء ماردين، على الحدود السورية التركية، وكان والده الملا موسى من علماء الأكراد المتمكنين. وقدِم والدُه دمشقَ عام 1294هـ حيث كانت دمشق ولا تزال محجَّاً يقصده العلماء والصالحون وطلاب العلم، فنزل الشيخ أمين في حي الأكراد على سفح جبل قاسيون قرب جامع أبي النور، ونذره أبوه للعلم الشرعي أسوةً بسائر النجباء من العائلة.
مكانته العلمية:
نذر الشيخ أمين حياته منذ نعومة أظفاره لطلب العلم، وظهر نبوغه مبكراً، وأخذ ينهل من معين العلماء والصالحين، وأقبل على إتقان اللغة والفقه والأصول والحديث والتفسير والتجويد وعلوم الآلة حتى برع فيها، وشهد له شيوخه ورفاقة. واختاره سعيد باشا شيخاً لجامعه الذي بناه في حي الأكراد عام 1312 هـ تقريباً، وبدأ بتدريس العلوم الشرعية في جامع أبي النور.
وبعد زواجه الْتقى بشيخه في الطريقة النقشبندية الشيخ عيسى الكردي حيث أخلص في صحبته، وخدمه الخدمة الصادقة وشغل قلبه بذكر الله فأثنى عليه شيخه وأجازه بالطريقة النقشبندية بتاريخ 14 ربيع الأول عام 1330 هـ ولازم مجالس الشيخ عيسى حتى وفاته عام 1331هـ. وقرأ عليه الفقه الشافعي.
وبعد وفاة الشيخ عيسى لزم خليفته الشيخ أمين الزملكاني عند مقام مولانا خالد النقشبندي، وبقي كذلك حتى وفاة الشيخ الزملكاني عام 1348 هـ.
وعرف عنه عنايته بالفقه المقارن، وكان يدرس كتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) لابن رشد. وله رسالة في أن التعدد للجُمَع جائز.
فكره ومنهجه:
كان الشيخ أمين قد بدأ بتأسيس نواة إصلاحية قوامها العلم الشرعي والطريقة النقشبندية في جامع أبي النور. وبعد وفاة الشيخ الزملكاني تفرغ كلياً لرعاية جامع أبي النور ولمتابعة دعوته فيه.
وكان الشيخ أمين يدرك أنه يمثل خلية من خلايا جسد الدعوة الإسلامية، وأن قوة هذه الخلية وفاعليتها في مدى انسجامها وتفاعلها مع خلايا الجسد الأخرى، فقام بمهمة التربية الروحية وتزكية النفس واستقطب العديد من الناس.
وكانت طريقة الشيخ في الدعوة إلى الله تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة، وإحياء القلب بذكر الله، وتزكية النفس التي أشار إليها ربنا سبحانه وتعالى بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] وقد اعتبر أن التصوفَ والتربية الروحية القرآنية وسيلةٌ لا غاية، وأنه أسلوبٌ تربوي يساعد المسلم على تزكية النفس وتطهير القلب وتقوية الإرادة، فلذلك كان التصوفُ أحدَ المرتكزات الأساسية في تكوين مدرسة الشيخ الإسلامية الروحية الفكرية والقرآنية، انطلاقاً من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته والاقتداء بسيرته.
كما أخذ الشيخ محمد أمين على نفسه مهمة نبذ التعصب المذهبي الذي كان منتشراً في تلك الفترة.
أخلاقه:
كانت له أخلاق العلماء العارفين، يستسهل الصعاب اعتماداً على الله وثقة به، لا يشتكي، ينكر الكرامات التي تظهر له ولا يلقي لها بالاً ويقول: (الكرامة الحقيقية هي خرق عوائد نفسك لا خرق عوائد الكائنات) لم يكن بالآمر المجبر لإخوانه، بل يدع الخيار لمن يشاوره بعد أن يبين له الحسن. عاش على كفافٍ من الدنيا صابراً محتسباً.
وفاته:
عندما بلغ الثالثة والستين من العمر بدأ المرض يدب في جسده، وتوفي يوم الأحد 27 من رمضان عام 1357 هـ الموافق 20/ 11/ 1938م بعد وعكة صحية، وسمعه من حوله يقول: (اللهم الرفيق الأعلى) ثم استبشر وجهه سروراً وفاضت روحه ودفن في مقبرة الجوعية. وفي عام 1980 م نقل رفاته إلى مدفن جامع أبي النور إلى جوار حفيده الشيخ زاهر بن أحمد كفتارو.