أيتـــــام
ظل اطفالك في المرآب ، ينظفون السيارات مما علق عليها من أوساخ ، ويستابقون لإرضاء الزبون ، أخرجوا من المدارس ، قبل ان يتمكنوا من حل الحرف..
- أولادك لا أستطيع تعليمهم
طوال النهار تسيطر عليك الخشية أن تفقدي أحبابا أعزاء ، من أجلهم بقيت صابرة على الهموم ، تتجرعين الصعوبات وتسعين للتخفيف عنها في هذا الخضم الطويل ، يم من العذابات لاقبل لك باحتمالها ، تنهمر عليك كما الغيث الشتائي ، وتتركك فريسة للهم والغيظ ، الى متى يمكنك الصبر؟ وأطفالك تسرق منهم طفولتهم ، ويقمعون ، وتصادر منهم حقوقهم في التعلم واكتساب المعارف الجميلة.
- اولادك يتعبونني ، لاأستطيع الإستمرار في إعالتهم
تفكرين ، ويطول بك التفكير ، لم تحل بك الهزائم؟ ، وتستبد بك الخيبات ، ولم تصدقين ما يزعم لك انه حريص عليك ، وانه مجبر ، لاحول له ولا قوة
يغسلون السيارات الكثيرة ، الواحدة تلو الاخرى ـ تستطيل همومهم ، وينسون ملاعب الطفولة ، يستحيل الواحد منهم رجلا تعتمد عليه العائلة في كسب رزقها ، وهو في مرحلة اللعب مع الاصحاب ، والجري خلف الاحلام المجهضة ، والصعوبات المنهمرة عليك بلا انقطاع.
لماذا تحل عليك اللعنات متواصلة؟ ، لاانقطاع بين اولها وثانيها وأنت لم تذنبي أبدا ، بقيت قائمة بواجبك طوال حياتك ، ولم تضري احدا.
يخرجهم من المدارس بحجة انه لايملك النقود لدفع الأقساط ، ويحكم على أولادك الضعفاء بمواصلة الهم والسعي خلف الرزق ، وانت حائرة تشتت ذهنك التساؤلات المتعددة، ويمضّك الشعور بالإثم الكبير ، كيف صمت حين أخرج الأولاد الصغار من مدرستهم ،وحكم عليهم بالسعي لاطعامه ، والجري خلف الرغيف العسير، على من بلغ الحلم وشب عن الطوق.
- تعبت ، وحق عليهم ان يعينوني
ولدك الصغير في السن الخامسة ، تعلم حديثا كيفية نطق الحروف ، وأنت موزعة لاتملكين دفع الضر ، أو تأخير الأذى عن فلذات صغار، أوشكت القوة الظالمة ان تودي بهم، وتتركهم في غياهب مسقبل مظلم ،لااحد يعرف عنه شيئا
سيارات كثيرة ، وأولادك يسارعون في إرضاء أصحابها ، يصّبون الماء، يزيلون الغبار .ويمنحون اجرة عالية :
- خذ يا ولدي ، تستحق هذا واكثر
يجمع الصغير النقود على بعضها ، تتسع ابتسامته وهو يمني النفس ، انه سوف يقدر، على تحقيق بعض الاحلام الطفولية السعيدة ، وابتياع الحاجات التي تجعلك وإياه في سعادة ، وتأتي بالهناءة الى نفوس اخوته الصغار.
- سأشتري لكم ما تحبون
سيارات كثيرة ، ولدك الصغير منهمك في الغسل والتنظيف، وازالة ما علق بها من أوساخ ، حرص أصحابها أن تبدو نظيفة لامعة.
- أنت ماهر يا ولدي ، حفظك الله لوالديك..
يغسل ابنك السيارات ، ويسارع الى جمع حصيلة تعب الأيام ، عله ينجح في إدخال الفرحة الى نفسك البائسة ، وانقاذها مما وجدته من يتم وشقاء
- التكاليف شاقة علي
أنت في ضنك ، تخدمين في المنازل ، تغسلين الملابس وتنظفين الصحون ، وتدفعين الايجار ، وهو نزيل المقاهي وجليس الغانيات ، ينتقل من زهرة الى خرى ، يطيل الجلوس ، يتغزل ، يدمن مصاحبة الجميلات والانفاق عليهن من تعب الأولاد وعرقهم .
السيارات كثيرة هذا اليوم ، ولدك في نشاط كبير ، تعلو محياه البسمة ، لانه سوف يبتاع لكم ما تحبون ،مما حصل عيه لقاء جهد، ومثابرة وعمل
- كبر أولادك وأضحوا رجالا ، يعتمدون على أنفسهم
وابنك بعد كل سيارة تخرج يسارع الى عد نقوده ، لقد أصبحت كمية كبيرة ،قادرة على تحقيق حلمه في إسعادكم ، وادخال الفرحة الى نفوسكم
- سأشتري لكم لحما وفاكهة وأعطيك أجرة الطبيب يا أمي.
على حين غرة ،تسارع يد كبيرة الى انتزاع ما في يد الصغير
يبدو الاستغرب واضحا على وجه الصغير ، ينطق بعد أن ابتعد ابوه :
- لابأس، إنّه أبي
صبيحة شبر