فلول نظام مبارك ومتسلقو الثورة، يخوضون آخر وأشرس وأغرب معاركهم ضد هذه الثورة، بـ "تسييس القانون"..
ومرسي يخوضها نيابة عن الثورة والثوار المتمسكين باستمرارها واستكمالها، بـ "قوْنَنة السياسة"..
المؤسسة القضائية المصرية تترك القانون جانبا، وتشمِّر عن ساعديها لتمارسَ السياسة..
المثير للسخرية حقا هو أن هذه المؤسسة تنتقد الرئيس على ما تعتبره ليَّ عنقِ القانون لصالح السياسة..
ولا تريد هي أن ينتقدَها المنتقدون على ما يعتبرونه أيضا ليَّ عنقِ القانون لصالح السياسة..
الخديعة الكبرى هي أن نقعَ في مطب الاقتناع بأن هناك اعتداء على "السلطة القضائية" من قبل "السلطة التنفيذية"..
لأن المفارقة العجيبة التي تمثل سابقة في التاريخ المصري..
هي أن هناك اعتداءً على "السلطة التنفيذية" من قبل "السلطة القضائية" التي ما تزال ترى نفسَها مسنودة بالمجلس العسكري..
"المجلس العسكري" اعتمد على "المؤسسة القضائية" كي تحميَه بالقانون..
و"المؤسسة القضائية" تلدغ وتصيء مثل العقرب، بعد أن رأت "المجلس العسكري" عاجزا عن رد الجميل..
إنها معركة تكسير عظم حقيقية بين "الثورة" و"المجلس العسكري"..
تخوضها "مؤسسة الرئاسة"، نيابة عن الأولى، و"مؤسسة القضاء" نيابة عن الثاني..
لذلك تبدو المعركة شرسة، وستستمر شرسة، يستخدم كل طرف فيها كامل أسلحته حتى النهاية..
لأنها معركة مصيرية ستحسمُ واقعَ العلاقة بين "ثورةٍ" ناقصة، و"فلولٍ" يحتضرون..
فإن انتصر "مرسي"، تكون الثورة قد وضعت قدميها على بداية طريق التكامل..
وإن انتصرت "المحكمة الدستورية"، يكون الفلول قد ضمنوا لأنفسهم عودة قوية..
وإذن فليست المسألة مكيفة على النحو التالي:
من يقف مع احترام شرعية القضاء والحيلولة دون هيمنة الإخوان والتمهيد للدولة الدينية وإجهاض الدولة المدنية..
ومن يقف مع احترام هيبة الرئاسة..
بل هي من يقف مع مساعدة الثورة على التكامل بسرعة وقوة، دون خوف من الإخوان، ومن الدولة الدينية، لأن الدولة المدنية أصبجت مطلبا غير قابل لأن يُجْهَضَ في مصر..
ومن يقف مع إتاحة الفرصة للفلول كي يبقوا في قلب المستقبل المصري، بحجة الخوف من الإخوان وممثلهم الرئاسي على المستقبل المدني للدولة المصرية..
فمن يقف مع مساعدة الثورة على التكامل، يجد نفسه مضطرا للوقوف مع مرسي وإن اختلف معه ومع مرجعيته الإخوانية، من منطلق أنه غير خائف على مدنية الدولة..
أما من يقف ضده لمجرد أنه يختلف معه ومع مرجعيته بذريعة الخوف على مدنية الدولة، فهو يقف في واقع الأمر مع بقاء الفلول وعودة من غُيِّبَ منهم..
ونؤكد على أن أيَّ تصوير لما يحدث في مصر الآن على عير هذه الصورة، هو محض تضليل وتزييف..