| مقتل السلطان ألب ارسلان |
( فقلت في نفسي أنا ملك الدنيا وما يقدر أحد علي فعجّزني الله تعالى بأضعف خلقه وأنا استغفر الله وأستقيله من ذلك الخاطر )
اختلفت الروايات فيمن كان وراء قتل السلطان ألب ارسلان . والراجح منها باستقراء أحداث التاريخ أن الباطنية أعداء الإسلام لما رأوا توغل السلطان ألب أرسلان في بلاد ما وراء النهر وفتوحاته الهائلة هناك خافوا على وجودهم وحصونهم، فحاولوا اغتياله، فلم يفلحوا، لكثرة جنده، فأغروا بعض ولاته بالخروج عليه والعمل على إزاحته، وهذا الوالي اسمه 'يوسف الخوارزمي'، ولكن السلطان قبض عليه، واطلع على خططه واتصاله بالباطنية، فأحضر يوسف هذا بين يدي السلطان، وبعد أن قرره بما كان منه أمر به حتى يصلب،
فحمل مقيداً الي ألب ارسلان ، فلما قرب منه أمر أن تُضرب له أربعة أوتاد لتشَّد أطرافه الأربعة إليها ويعذبه ثم يقتله ...
فقال له يوسف : يا مخنث، مثلي يقتل هذه القتلة ؟ فاحتد السلطان، وأخذ القوس والنشابة، وقال : حلّوه من قيوده، فَحُلّ , فرماه فأخطأه وكانت لا تخيب له رمية، ولكن بقدر الله أخطأه بالسهم، فاندفع يوسف هذا ناحية السلطان، وأخرج خنجرًا كان مخبأً في وسطه، وضرب به السلطان ألب أرسلان في خاصرته فقتله، وسط ذهول الحراس الذين سارعوا فقتلوا يوسف الخوارزمي وهكذا نرى دائمًا أصابع الغدر والخيانة تغتال أبطال وقادة المسلمين، لتقضي على حكم المسلمين بالتقدم والسيادة ....
فانتقل ألب أرسلان إلى خيمة أخرى مجروحاً وأحضر وزيره نظام الملك وأوصى به إليه، وجعل ولده ملكشاه أبو شجاع محمد وليّ عهده.....
ثم توفي السلطان وذلك في جمادي الآخره سنة 465 هــ وله أربعون سنة ، وترك من الأولاد ملكشاه، وإياز، وتَكِشى، وبورى برس وأرسلان أرغون وسارّة وعائشة وبنتاً أخرى , وقيل توفي عن إحدى وأربعين سنة، ودفن عند والده بالري رحمه الله تعالى .....
ويحكى أنه قال لما عاين الموت بعينه : ما كنت قط في وجه قصدته ولا عدو أردته، إلا توكلت على الله في أمري، وطلبت منه نصري، وأما في هذه النوبة، فإني أشرفت من تل عال، فرأيت عسكري في أجمل حال، فقلت أين من له قدر مصارعتي، وقدرة معارضتي، وإني أصل بهذ العسكر إلى أقصى الصين، فخرجت عليّ منيتي من الكمين .....
وجاء في رواية : .. فقلت في نفسي أنا ملك الدنيا وما يقدر أحد علي فعجّزني الله تعالى بأضعف خلقه وأنا استغفر الله وأستقيله من ذلك الخاطر وعلى القادة والحكام أن يستشعروا بنعائم الله عليهم ويتذكروا فضله واحسانه وينسبوا الفضل لله تعالى صاحب المنّ والعطاء والإحسان والإكرام ولما بلغ موته أهل بغداد أقام الناس له العزاء وغُلقت الأسواق وأظهر الخليفة الجزع عليه ....
ومن الحسنات الكبيره التي تركها لنا ألب ارسلان بعد الانتصار الساحق في ملاذكرد والذي كسر به العمود الفقري للبيزنطيين الأرثوذوكس ...
الوزير اللامع الفذ ( نظام الملك ) رحمه الله الذي قال عنه ابن عقيل: بهر العقول سيرة النظام جوداً وكرماً وعدلاً وإحياء لمعالم الدين، كانت أيامه دولة أهل العلم ...
وهذا ما سوف نعرفه في المشاركات التاليه ان شاء الله ....
____________________
1 ـ البداية والنهاية 12/114.
2 ـ الكامل 8/394.
3 ـ المنتظم 8/276.
4 ـ شذرات الذهب 2/303.
5 ـ تاريخ الخلفاء 1/421.
6 - دولة السلاجقه الصلابي 83 و 84
___________________