شاعر الإبداع حامد أبو طلعة الغالي
بدايات فعل الأمر تدل على غضب مكبوت عاناه الشاعر واستمرت تفاعلاته تتراكم حتى وصلت حد الانفجار فانفجرت حروفا غاضبة كسيل من السهام الموجهة نحو من سببت الغضب المتفجر ، يقول الشاعر :
خذيها من هجير الشوقِ قيلولةْ=إلاما أنتِ بالأشواقِ مشغولةْ؟!
أريحي قلبَكِ المُضنى على طُرُقي=فدرب الوصل في دنياي مجهولةْ
دعي الأشواقَ لا تنوي لها سفراً=فما أغباكِ فوق الوهم محمولةْ!
هنا يمزج الشاعر المجرد بالمحسوس فيضع هجير مضافة للشوق ، ويطالبها بالقيلولة والاستراحة من الشوق وترك الانشغال به ربما لأنها ليست صادقة في شوقها ، ويدعوها للاستراحة من محاولة الوصال مع قلبه الذي لا تعتبر الطرق لدخوله سهلة ميسورة ، لأن الوهم هو الذي يحرك الأشواق الزائفة في المخاطبة التي تفتقر للصدقية في الحب .
ثم ينتقل لصور أخرى ، فيقول :
لقد أغرتْكِ أشواقٌ مهذبةٌ=وقلبٌ مثلما المرآة مصقولةْ
وما تدرين أني مُرْتَقىً صَعِبٌ=ولي نفسٌ على العصيان مجبولةْ
فيصور نفسه الصافية النقية التي تقابلها تلك المرأة بمحاولة التسلل خلسة عبر شقوق التهذيب والصفاء وعدم الرغبة في جرح الآخرين ، لكنه يذكرها أنها ترتقي مرتقى صعب الارتقاء ، وتحاول تطويع نفس طبعها العصيان لاستغلال الطيبة المتصفة به نفس الشاعر .
والبناء التركيبي هنا للألفاظ تدل على صد مهذب غير جارح وكأن نفس الشاعر رغم الرفض تجد راحة في التجاوب مع تسلل إحساس المخاطبة لداخل الشاعر !
ثم يقول خاتما شارحا بها مكنونات نفسه :
أنا في الحب أشواقي معادلةٌ=معقدةٌ وأخرى شبه محلولةْ!
أنا في داخلي قلبٌ تحيط به=رؤى حمقى ، وذكرى نصف مخبولةْ
فما ترجين من بئرٍ معطلةٍ؟!=ومن ترجو بها ماءً ، فمخذولةْ
وما ترجين من قلبي وفيه أرى=مشاعرَه إلى الأعناق مغلولةْ؟!
ومن عينٍ بها النظراتُ ضائعةٌ؟!=ومن نفسٍ بها الآمال مشلولةْ؟!
بها الإحساس خارطةٌ ممزقةٌ=تعيش على أماني شبه مقتولةْ!
فلا تأسي على قلبٍ مضيتِ له=بأشواقٍ على شفتيكِ معسولةْ
ولا عمرٍ أضعتِ سنينه عبثاً=فوحدكِ عن ضياع الوقتِ مسئولةْ
فهو كسائر الشعراء كومة من التناقض ، وكومة من التصرفات العصابية التي تتسم بنزق الشعراء وومضات كهرباء أعصابهم المكشوفة المعرضة لصواعق البرق بين قطبي الشعور ، هو يملك رغبة التقدم خطوة ولكنه خائف من نتائجه غير المحسوبة ، فهو يحذر نفسه ومن يخاطب من عواقب التقدم خطوة حتى لا يحدث التفاعل المتسلسل المؤدي للانفجار !!
تثبت .