من القديم المفقود ..
لا أستبعد أن يكون الحر اللاهب يقف خلف هذا العنوان!!!!!!!!! كما لا أستبعد أن يكون الشعور – لن أقول "اليقين" تجنبا لإدخال السرور على "اليأس" - بعدم فائدة الكتابة يقف هذا العنوان!! ..
إن العنوان المتربع على رأس هذه الكُليمة وليد سؤال يتكرر بشكل دوري و السؤال هو :
لماذا تبدأ الأعمال – والدراسة – عندنا بين السابعة و الثامنة؟!!!!!!!!!!!!!!!!!
سبق لي أن كتبت – داخل كراس "حتى لا يذيب الصمت ألسنتنا" – تحت عنوان :
المسلم يدور في فلك العبادات
( ذكرتُ سابقا أن بعض العلمانيين يتخذون من ارتكاب المسلم بعض المعاصي، حجة للزعم بفشل الدين في ضبط سلوك أتباعه، وربما جعل بعضهم من ذلك مادة للتندر، وغني عن القول أن الدين جاء بذلك الصراع الأزلي بين المأمور به، والمنهي عنه،( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) وقد فتح الخالق جل وعلا باب التوبة على مصراعيه.
يبدو الحديث عن( الشيطان) ودوره في تزيين المعصية للناس، يبدو حديثا غير مناسب لعصر (العلم) وارتياد الفضاء.. والقرية الكونية .. والقنبلة الذرية ... ومنظمة الجات !!!!!
عموما حين ننظر إلى الإسلام نجده حين حرم الزنا مثلا، جاء الأمر بلفظ {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}الإسراء32، فكأن الإسلام يؤمر المسلم بعدم الاقتراب مما( قد) يؤدي إلى الوقوع في الزنا، ولذلك نهى أيضا عن الخلوة بالمرأة الأجنبية، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
( .. ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ). هل يمكن أن يحدث الزنا دون خلوة؟!! فتم قطع الطريق على ذلك الفعل المحرم.
حين نقول أن المسلم يدور في فلك العبادات، فذلك لأن فرائض الدين تبدو كأنها جاءت لتشغل معظم وقت المسلم،فإذا أضفنا إلى ذلك الوقت الذي ينقضي في السعي لطلب الرزق،فلن يتبقى للمسلم كثير وقت يضيعه. ولعل أبرز( مدارين) في فلك العبادات هما( مدار الصلاة)، والخط الأوضح فيه بطبيعة الحال هو تلك الكويكبات الخمس والتي تدور في فلك اليوم والليلة، والتي لو وزعناها – جدلا – على الأربع والعشرين ساعة لكانت هناك صلاة كل 4ساعات و48 دقيقة. أضف إلى الصلوات المفروضة، ما يتبعها من السنن الراتبة، وصلاة الضحى، وقيام الليل، وكان يفترض بنا لو صدقنا مع أنفسنا، أن نجعل من الفروض الخمسة، محورا ندور حوله و ننظم أمور حياتنا في الفراغات التي بين تلك الفروض، على سبيل المثال، لماذا يبدأ العمل عندنا من الساعة السابعة، أو الثامنة، ونحن مرتبطون بصلاة الفجر؟! أليس من الأفضل أن نبدأ العمل باكرا، بعد صلاة الفجر أو قبله حتى؟ وذلك يتناسب دون شك مع أجوائنا الحارة، في هذه الأيام التي أكتب فيها، يؤذن الفجر عند الخامسة إلا ربعا، فلو كانت الأعمال تبدأ عند الرابعة مثلا، لدفع ذلك بالناس إلى عدم السهر، وإضاعة صلاة الفجر، كما أن ذلك يتيح للناس العودة إلى منازلهم باكرا قبل اشتداد لهيب الحر، وذلك يعطي فرصة لنوم (القيلولة) والتي ثبت علميا أنها تبعد احتمالات السكتة القلبية.............. ).
إذا كانت (الصلاة) تحولت – في ما يبدو – إلى شأن (شخصي) .. فماذا عن (الاقتصاد)؟!!!
قبل أسابيع جاءنا (تعميم) ينبه على أهمية تخفيف الأحمال على الكهرباء،خصوصا في الفترة الواقعة بين 12 – 3
تصوروا معي لو أن عملنا كان ينطلق من خصوصيتنا .. (بورك لأمتي في بكروها) ... (صيفنا اللاهب) ... (دوراننا مع كوكب الصلا.. ) .. في تلك الحالة كان العمل عندنا سوف يبدأ قبل صلاة الفجر أو بعدها بقليل .. وبالتالي سوف يعود الناس إلى منازلهم عند التسعة صباحا – على سبيل التقريب – أي عند بدأ اشتداد الحرارة .. ولنا أن نتصور :
الطاقة الكهربائية التي سوف يتم توفيرها عند توقف مكيفات الدوائر الحكومية.
سوف (يتبرد) الموظفون في منازلهم من جيوبهم – والمكيفات تعمل على كل حال – وليس على حساب الدولة!!!!!
لا أستطيع أن أكتب عن حرارة الصيف دون أن أشعر بالخجل من إخواننا العمال الذين يكدحون تحت حرارة الشمس الحارقة .. ونحن في الظل و(التكييف) ونشتكي!!!!!!!!! والمصيبة أننا قرأنا عن (نظام) يمنع العمل بين الثانية عشرة والثالثة!!!!!!!
ثم سمعت – الأسوأ – أن العمل بذلك (النظام) يبدأ من العام القادم!!!!!!!!!!
قبل الختام : حدثنا أحد الزملاء عن مدير مدرسة في إحدى القرى،وضع لمدرسته (نظاما) خاصا – في رمضان – ففي الوقت الذي يكون فيه زميلنا في طريقه إلى العمل،يكون طلاب تلك المدرسة – والمدرسين – في طريقهم إلى منازلهم!!!
ليس ما فعل هو العجب .. بل عكس ذلك هو العجب.
ختاما : خشية أن يكون العنوان الذي وضعته لهذه الكُليمة غير واضح للجميع،فإنني أذكر بالقصة التي رُويت عن موسيليني،حين شوهد يرفع (شمسية ) – أو مطرية – رغم أن الجو صحو في روما!! فلما سئل عن سبب ذلك قال :
إنها تمطر في برلين.
إذا .. لماذا تبدأ الأعمال عندنا بين 7 – 8 ؟!! لأنهم يفعلون ذلك في الدول المتغدمة !!!!!!!!!!! حتى لو كانت أجواؤهم – التي تتراوح بين الاعتدال والبرودة - غير أجوائنا التي تتراوح بين الحرارة .. و الحرارة الشديدة!!! .. وحتى لو كانوا يذهبون – إن فعلوا – إلى الكنسية يوم الأحد – وهو إجازة - .. ونحن نصلي خمس مرات في اليوم .. ولكن لا يهم طالما أنها (تُمطر في الدول المتقدمة)!!!!!!!!!!
محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 14/7/1431هـ