الوفاء للرواد
أبوخليل وافي ( نموذجا )
د. حسين أبوشنب
من أخص خصائص للعمل الثوري في بلادنا وكل العالم الوفاء للرفاق وللرواد وهو ما تعلمناه عبر مسيرتنا الوطنية منذ انطلاقتها في الفاتح من يناير عام 1965 ، فقد حرصت الطليعة على مبدأ الوفاء وتعظيم الأدوار ، والتفكير الدائم في السبل ،والوسائل التي تحيي مسيرة الرواد والرموز ليظل هؤلاء مشاعل تضئ الدروب ويظل الوفاء متدفقا قولا وفعلا مع تواصل الأجيال ، وحفظنا عن ظهر قلب الطليعة وأدوارها وأقوالها وأفعالها ، نرددها في المواقف والمحافل فتنطبع المسيرة برموزها في العقول والقلوب والوجدان .
الجديد ذكره أن الكثير من شعبنا الفلسطيني والعربي والإسلامي والصديق لا يكاد اليوم يذكر هؤلاء الرواد أو أدوارا لهم أو لبعضهم ,وعلى سبيل المثال ، مرت الذكرى التاسعة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات مرورا خجلا أعاد فيه بعض الإعلام الفلسطيني تقريرا لعدد من الشخصيات ، وبعضنا من الأقوال وكأن ياسر عرفات شئ عادي ، وليس رائدا من رواد حركات التحرير في العالم ، وكأن ياسر عرفات مجرد قائد ومضي ، ومجرد ذكرى نقرا الفاتحة على ضريحه ,والصواب انه شئ كبير , وكبير جدا لاتعرف عنه المؤسسة التي تحمل اسمه سوى القليل القليل ، فما بالك لو قلنا ( أبوجهاد , أبوإياد ، وأبوالهول ، أبوعلي إياد ، كمال عدوان وكمال ناصر ،وأبويوسف النجار، وخالد الحسن ، وماجد أبوشرار ، وسعد صايل ،وأبوصالح، والشيخ احمد ياسين , وعبد العزيز الرنتيسي ،وإسماعيل أبوشنب ، وجورج حبش ،والشقاقي ، وأبوعلي مصطفى , وغيرهم ) فلا احد يذكرهم ،ولا احد يعرف شيئا عن أعمالهم ،وبطولاتهم ، وأفكارهم .
نقول ذلك ونحن نودع واحدا من الرعيل الأول احمد خليل وافي ، أبوخليل ) ذلك الرجل الذي غادرنا قبل أيام دون عزاء ،ودون دعاء ودون أن يعرف احد عن دوره في عملية التأسيس، فهو الأكثر شهرة حين نذكر مكتب حركة فتح في الجزائر ، والأكثر استقطابا للأنصار في الجزائر بخاصة ،ومنطقة المغرب العربي عامة .
أبوخليل وافي الأكثر قربا من القائد الشهيد / أبوجهاد ، وأبوصبري وياسر عرفات ،ورفاقهم الذين وجدوا في الجزائر وطنا ومواطنا ، ودارا للعطاء والتأمل والتخطيط والانطلاق إلى الفعل اليومي المدعوم والآمن في حضن الجزائر الثائرة ، أرضا وشعبا وقيادة وحزبا .
نقول ذلك في وداع ( أبوخليل وافي ) الجندي الفاعل بصمت ، والمملوء بالمعلومات والأسرار التي لو جمعت وكتبت لأفادت الكثير في عملية المراجعة والقراءة الناقدة ، فهو واحد من قليل عايش حدث الفعل الوطني في أضيق حلقاته ، وأعمق أفكاره ، وكثرة دلالاته ، وأهمية استخلاصاته .
نقول ذلك ونحن في وقت قل فيه الوفاء وانقطع حبل الود في مسيرة الرفاق , ولم يعد للطليعة ذكر، ولا للرواد قول ، ولا سيرة تروى لقائد ملأ الآفاق وهم كثير كثير ، ليس في القيادة والمركزية وحدها أو الساحة المركزية وحدها ، بل هم كثير في الساحات الأخرى في الوطن العربي وغير العربي ، و كل الميادين ، في الفعل العسكري والميدان الفكري والتعبوي , وميدان الثقافة والإعلام , والمشاركات الناضجة في العلاقات الدولية والتضامنية ، وميادين الإنتاج في مختلف المجالات .
بعد انتهاء فعاليات المؤتمر العام السادس استذكرت بعض الرفاق من رجال الفعل التنظيمي الذين خسرناهم ولم يكونوا أعضاء في المؤتمر السادس ، وهم أعضاء في المؤتمر الخامس ،ولكنهم خارج إطار الشللية ،والقبلية والجهوية ،والعشائرية ،ومن ساحات فاعلة مثل ساحة الكويت , فقد غاب الأخ حسن المطري أشهر مسئول للتنظيم في ساحة الكويت ، وفي مواجهة حالة الانشقاق، ومن أكثر المخلصين والفاعلين وكنت في تصادم دائم معه في إطار البحث عن الأفضل فهو مسئول التنظيم ، وأنا مسئول الإعلام , لكني بكيته كثيرا، وآلمني فراقه بعد فترة قليلة من انتهاء المؤتمر السادس فكانت مقالتي في رثائه بعنوان : الوفاء للرواد ، حسن المطري نموذجا , فقد كان من غير المقبول وغير الصواب أن يغيب حسن المطري عن المؤتمر , وان ينساه القائمون على عضوية المؤتمر أو أن يكون ذلك قصدا وعدم وفاء ، وسأوالي الحديث عن الرواد في مقالات قادمة لعّلنا نفتح نافذة في جدار الصمت والظلمة ليعلم الأبناء دور الآباء والرواد .
ويبقى السؤال ...
متى يعود الوفاء إلى فكر من بيدهم القرار ؟
اللهم قد بلغت ..... اللهم فاشهد