. النظام الدولي ثنائي القطبية :
• مع بداية الحرب العالمية الثانية بانتصار عسكري حاسم للحلفاء قضى على النظام العالمي المتعدد الأقطاب وأفسح المجال لنظام عالمي جديد – ثنائي القطبية- يقف على قمته دولتان حليفتان خلال الحرب الكبرى هما :
• الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت على رأس الدول ذات النظم الليبرالية الديمقراطية الاستعمارية .
• وجمهوريات الاتحاد السوفيتي- الشيوعية الاشتراكية – ذات النظم الدكتاتورية المعادية للدول الاستعمارية .
وكان الخلاف بين القوتين أعمق من أي خلاف سياسي أو عسكري , فهو خلاف على العقيدة الاجتماعية ... فالجبهة الأمريكية تدعى قيادتها للعالم الحر , بمواجهة الاتحاد السوفيتي الذي يقود عالم الحزب الواحد , وكل منهما يريد أن يقود العالم إلى رؤيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...!!
• وأوروبا التي أنهكتها الحرب انقسمت إلى فريقين :
أوروبا الغربية الليبرالية لجأت إلى أمريكا لحمايتها من الخطر الشيوعي السوفيتي الذي فرص نفسه على دول الفريق الأوروبي الثاني في أوروبا الشرقية.!! وعلى هذا الخلاف الجوهري تأسس حلف الأطلنطي من أربعة عشر دولة في أوروبا الغربية وأمريكا وكندا , وتم توقيع على هذا الحلف في 4/4/1949م , وخلال عام واحد كان الاتحاد السوفيتي ينشىء حلف عسكري من دول أوروبا الشرقية تحت اسم " حلف وارسو" ويبدأ بين الحلفين حرب باردة مقيدة بما تملكه من أسلحة الدمار الشامل , لكنها تسعى لنشر أفكارها خارج حدودها في الهيمنة على الدول حديثة الاستقلال , وكان العالم العربي الذي بدأت دوله تحصل على استقلالها في الخمسينيات , منقسماً بين القوتين العظميتين .. فكانت الدول المحافظة , الغنية بثرواتها النفطية في الجزيرة العربية تابعة لأمريكا وأوروبا الغربية..! والدول التقدمية الثورية , وعلى رأسها " مصر" تتبع المعسكر الاشتراكي السوفييتي مع رفضها للشيوعية .
وقاد الرئيس " جمال عبد الناصر" دول العالم الثالث المستعمرة ضد الدول الاستعمارية في أوروبا الغربية وقاد حركة التحرير العربية في مرحلة المد القومي العربي منذ قيام ثورة يوليه عام 1952م وحتى وفاته عام 1970م .
ورغم أن العالم خرج من الحرب العالمية الثانية بهيئة الأمم المتحدة كإطار لحل النزاعات الدولية, فإنه لم يردع نفسه من أخطار الحرب الباردة وهو يتسابق على تزويد قواته العسكرية الأسلحة الذرية ويخوض حروباً في المستعمرات القديمة داخل كوريا ثم فيتنام خوفاً من الشيوعية الروسية والصينية , وعاش العالم أزمات مستمرة في / الصين الوطنية , برلين , إيران عام 1953م , لبنان عام 1958م ,أزمة كوبا عام 1962م ووصل الصراع إلى الكونغو وروديسيا وجنوب أفريقيا في القارة الأفريقية مع تأييد أمريكي وغربي , مطلق لإسرائيل في الشرق الأوسط التي شنت حرباً خاطفة على الدول العربية الثورية في العام 1967م , وبدأت مقاومة الإتحاد السوفيتي للهيمنة الأمريكية تضعف مع بداية عقد التسعينات , ولم يساعده اقتصادياته الاشتراكية على الاستمرار بقوة الدفع ذاتها في مساعدة الدول النامية والمستقلة حديثاً , وبدأ التقارب الأمريكي – الروسي في اجتماع بين الرئيس السوفيتي " بريجنيف" والرئيس الأمريكي "نيكسون" عام 1972م لتوقيع اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية , وبعد تنحي الرئيس " نيكسون" عن رئاسة أمريكا لمشاركته في تزوير الانتخابات الرئاسية لصالحه وتولي"جيرالد فورد" الرئاسة الذي تابع محادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية مع الإتحاد السوفيتي والذي كان قد بدأ يفقد اصدقائه الأقوياء في العالم العربي , خاصة بعد التوجه العربي برئاسة " أنور السادات" للصلح مع إسرائيل وتوقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979م , تحت رعاية أمريكية , وكان اتفاق كامب ديفيد انجاز الحزب الديمقراطي الأمريكي برئاسة " جيمي كارتر" بتحييد أكبر دولة عربية في الصراع ضد إسرائيل- الحليف الأكبر لأمريكا في الشرق الأوسط – لكن ظهر في الوقت نفسه قوة إسلامية مؤثرة في إيران أعلنت عدائها لأمريكا واستولت على سفارتها في طهران في نوفمبر عام 1979م , ولهذا السبب خسر كارتر والحزب الديمقراطي الانتخابات , ونجح " رونالد ريجان" والحزب الجمهوري في العام 1980م وكانت صحة الرئيس السوفيتي التاريخي" بريجينيف" في انهيار مستمر , والاقتصاد السوفيتي يئن تحت وطأة الغلاء , والحروب مع الإسلاميين في أفغانستان , وحليفه العراقي في حرب طاحنة مع إيران منذ العام 1980م , وكانت كل المؤشرات ابتداء من العام 1985م تشير إلى انهيار المعسكر الاشتراكي – السوفيتي والدول التابعة له ..