شبابهم وشبابناشبابنا قردة في أقفاص "رقمية"، وشبابهم صقور تُحلق في فضاء الحرية الرحب، لا يعرفون أفقا مسدودا ولا يطيب لهم سكن الجحور وأخلاق الفئران. شبابهم قادة المستقبل وشبابنا مستهلكو المستقبل، لا حيلة لهم سوى اللهاث على شفا الرقمية، وتتبع ما يقذف به طوفانها. شبابهم لا يعرف الخوف وشبابنا مُحاط بخطوط وهمية، تُشيع الآخرية عنها أساطير وأساطير!
حازم خيري
الكثيرون عندنا لا يعرفون كيرميت روزفلت أو جارد كوهين أو غيرهم الكثير من الشباب الأمريكي المُستتر، الكثيرون لا يعرفون شيئا عن هؤلاء الرواد "حُماة الحقائق بالأكاذيب"، رغم ارتباط مصائرنا – الى حد كبير – بأفكارهم وقدراتهم غير العادية في فهم واستنطاق أوضاعنا الحيائية وتوجيهها إلى حيث النفع لبلادهم وحضارتهم، ولو على حساب تكريس حيواتنا الذليلة.
كيرميت روزفلت أحدهم وقد زار بلادنا في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ضمن جولة شرق أوسطية، خلص منها بفكره الثاقب إلى حتمية استبدال حكم عسكري فاشي بحكم فاروق غير الجاد، في مواجهة خطر الشيوعية والمد الوطني الثوري. كيرميت هذا باحث راق واستخباراتي شهير، يعرفه أولو أمرنا ممن عاصروه من جيل ناصر وهيكل. نصب لهم بعبقريته سيركا، وغادرهم يؤدون حركاتهم البهلوانية، وسط انبهار شعوبهم الساذجة وصيحات المباركة.
روزفلت هذا لم يفكر باحث مصري أو عربي حتى اليوم – رغم تعدد معاهد وكليات دارسي العلوم السياسية والتاريخ – في ترجمة أيا من كتبه، على أهميتها ودورها شديد التأثير.
صاحبنا الآخر هو جارد كوهين الذى لا يختلف كثيرا عن مواطنه روزفلت في الدهاء والمعرفة، سوى خروجه من عباءة عصرنا الرقمي، حيث جاء بأفكاره ليأخذنا إلى حيث يُراد لنا أن نذهب على أجنحة الرقمية. أفكار كوهين وزملائه حولت شبابنا إلى محض قردة في أقفاص رقمية. حسابات الفيس بوك وتويتر..الخ مجرد جلسات فضفضة ونفى الفكر وتحريض أحيانا.
فكرة الجهاد عند كوهين مرنة وقابلة لاعادة التوجيه، لتصبح معول هدم لدولة العسكر التى لطالما حظيت لعقود وعقود بدعم آبائه وجدوده، حتى أن أجيالا نشأت في العالم العربي تظنها قدرا محتوما، ويصيبها الغثيان عندما يصدمها أحد بأنها لا تعدو أسطورة قابلة للكسر!!
خروج شبابنا من أقفاصهم الرقمية مرهون بقبضة مضمومة ونفس ترنو للأفق الرحب.