الأضاحي...بقلم آرا سوفاليان
صباح هذا اليوم أول أيام عيد الأضحى المبارك وفي سابقة لا مثيل لها في خان يونس غزة سوق العجول والخرفان اهتاجت قطعان العجول والخرفان والكبش من مناظر الذبح وبرك الدماء فحزمت أمرها وأعلنت التمرد وخرجت من حظائرها المؤقته وأسلمت أقدامها للريح ونطحت الأكباش الناس بقرونها وعقرت العجول بطون الناس بحوافرها وهربت وهي لا تألوا على شيء...ونتج عن هذا إصابة ثلاثين شخص بجروح...وهكذا فلقد جربت هذه الحيوانات البريئة والتي نتهمها بأنها لا تفكر وانه لا عقل لها جربت ان تذيق الانسان ما دأب على أن يذيقها إياه منذ بدء الكون ومنذ أن وضع الانسان شرائعه وأجبر كل شركائه على الأرض الخضوع لها تحت طائلة القتل ...أو الذبح؟
هذا التمرد يدعونا للتفكير ...هل لو أن الأمور ذهبت بإتجاه ان يقود الأرض كائن حيّ آخر غير الانسان...فهل يا ترى كان هذا الكائن الحيّ الآخر سيجعل من الانسان غذائه وطعامه وكساءه وأحذيته ومعاطفه وشنطه !
هل فكر الانسان في ان يكوّر أصابع يديه الى الداخل ويتأمل بالمنظر الذي سينجم عن ذلك؟... سينجم فراغ يمكن أن نضع فيه تفاحة...ولأجل هذا الشيء خلق الله ايادينا لتنجز أعمال كثيرة أحدها قطف التفاح وليس قطف أعناق البهائم!
وإن كان لا بد من قطف أعناق البهائم فلماذا لا يتم هذا العمل بسريّة مطلقة وليس بين أفراد القطيع الواحد...ولماذا لا يتم هذا العمل بعد تفعيل الكثير من قوانين الرحمة!...أعرف فتاة صغيرة لم تعد صغيرة اليوم لا زالت تقاطع الطعام الذي يحتوي على اللحم وتبعد اللحم بملعقتها وتنحيه جانباً...وكل هذا سببه رؤيتها لخروف يتم ذبحه على الدرج القديم في دير سيدة صيدنايا بعد أن تعمد الأولاد العائدون للعائلة صاحبة النذر الوقوف على قوائم الخروف وتثبيته على الأرض ليلاقي مصيره وكان الخروف يصرخ من الألم الأول ويصرخ من الألم الثاني...وقد صرخت الصغيرة وقتذاك وبكبت وطلبت مني أن أنجد الخروف فلم تلق استغاثتها أذن صاغية... وعدنا من صيدنايا وهي تجلس في الخلف وتبكي طول الطريق وأنا أنظر الى عيناها في مرآتي ولا أستطيع مواساتها ولم تقتنع بأن هذا حلال وكان ردّها ...أنتم المجرمون وأنتم من حلل وهذا الخروف المسكين لم يرتكب أي ذنب.
لماذا لا يتغير هذا التقليد ويتم الذبح في الأماكن المخصصة وبغياب الاطفال ولماذا لا يتم انجازه برحمة فما هو المانع من اعتماد التخدير قبل الذبح...فالمخدر سيزول أثره مع خروج الدم...لماذا لا يتم التخدير بطريقة أخرى حديثة لا تؤذي الطعم الذي ترتجيه أفواهنا الفارغة وهو التخدير بالصعق الكهربائي؟ إن الذبح في الشارع وخارج المسالخ في بلاد الغرب المتخلف يكلف الفاعل سنوات من السجن والغرامة.
ليس من الحضارة في شيء قتل العجول والخرفان في الساحات العامة وعلى مرأى من بعضها ومن ثم مباشرة التعليق والسلخ وبحضور الأطفال وترك الأقذار والدماء والفرو والحوافر والرؤوس والعفشة والذباب في وسط الطريق لأن هناك أساليب أكثر حضارة يجب اعتمادها ويتفق عليها الجميع دون أن يجرؤوا على التصريح بها.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق 26 10 2012
arasouvalian@gmail.com
الأضاحي...بقلم آرا سوفاليان
صباح هذا اليوم أول أيام عيد الأضحى المبارك وفي سابقة لا مثيل لها في خان يونس غزة سوق العجول والخرفان اهتاجت قطعان العجول والخرفان والكبش من مناظر الذبح وبرك الدماء فحزمت أمرها وأعلنت التمرد وخرجت من حظائرها المؤقته وأسلمت أقدامها للريح ونطحت الأكباش الناس بقرونها وعقرت العجول بطون الناس بحوافرها وهربت وهي لا تألوا على شيء...ونتج عن هذا إصابة ثلاثين شخص بجروح...وهكذا فلقد جربت هذه الحيوانات البريئة والتي نتهمها بأنها لا تفكر وانه لا عقل لها جربت ان تذيق الانسان ما دأب على أن يذيقها إياه منذ بدء الكون ومنذ أن وضع الانسان شرائعه وأجبر كل شركائه على الأرض الخضوع لها تحت طائلة القتل ...أو الذبح؟
هذا التمرد يدعونا للتفكير ...هل لو أن الأمور ذهبت بإتجاه ان يقود الأرض كائن حيّ آخر غير الانسان...فهل يا ترى كان هذا الكائن الحيّ الآخر سيجعل من الانسان غذائه وطعامه وكساءه وأحذيته ومعاطفه وشنطه !
هل فكر الانسان في ان يكوّر أصابع يديه الى الداخل ويتأمل بالمنظر الذي سينجم عن ذلك؟... سينجم فراغ يمكن أن نضع فيه تفاحة...ولأجل هذا الشيء خلق الله ايادينا لتنجز أعمال كثيرة أحدها قطف التفاح وليس قطف أعناق البهائم!
وإن كان لا بد من قطف أعناق البهائم فلماذا لا يتم هذا العمل بسريّة مطلقة وليس بين أفراد القطيع الواحد...ولماذا لا يتم هذا العمل بعد تفعيل الكثير من قوانين الرحمة!...أعرف فتاة صغيرة لم تعد صغيرة اليوم لا زالت تقاطع الطعام الذي يحتوي على اللحم وتبعد اللحم بملعقتها وتنحيه جانباً...وكل هذا سببه رؤيتها لخروف يتم ذبحه على الدرج القديم في دير سيدة صيدنايا بعد أن تعمد الأولاد العائدون للعائلة صاحبة النذر الوقوف على قوائم الخروف وتثبيته على الأرض ليلاقي مصيره وكان الخروف يصرخ من الألم الأول ويصرخ من الألم الثاني...وقد صرخت الصغيرة وقتذاك وبكبت وطلبت مني أن أنجد الخروف فلم تلق استغاثتها أذن صاغية... وعدنا من صيدنايا وهي تجلس في الخلف وتبكي طول الطريق وأنا أنظر الى عيناها في مرآتي ولا أستطيع مواساتها ولم تقتنع بأن هذا حلال وكان ردّها ...أنتم المجرمون وأنتم من حلل وهذا الخروف المسكين لم يرتكب أي ذنب.
لماذا لا يتغير هذا التقليد ويتم الذبح في الأماكن المخصصة وبغياب الاطفال ولماذا لا يتم انجازه برحمة فما هو المانع من اعتماد التخدير قبل الذبح...فالمخدر سيزول أثره مع خروج الدم...لماذا لا يتم التخدير بطريقة أخرى حديثة لا تؤذي الطعم الذي ترتجيه أفواهنا الفارغة وهو التخدير بالصعق الكهربائي؟ إن الذبح في الشارع وخارج المسالخ في بلاد الغرب المتخلف يكلف الفاعل سنوات من السجن والغرامة.
ليس من الحضارة في شيء قتل العجول والخرفان في الساحات العامة وعلى مرأى من بعضها ومن ثم مباشرة التعليق والسلخ وبحضور الأطفال وترك الأقذار والدماء والفرو والحوافر والرؤوس والعفشة والذباب في وسط الطريق لأن هناك أساليب أكثر حضارة يجب اعتمادها ويتفق عليها الجميع دون أن يجرؤوا على التصريح بها.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق 26 10 2012
arasouvalian@gmail.com