الإعلاميون .. إحدى كوارث المجتمع الكبرى


،



،


،




كنت ولازلت أعتقد أن معارك العالم الكبرى وخلافاته وسجالاته انتقلت من أرض الواقع لتستقر في أرض جديدة أرحب وأخصب وأكثر إنتاجا ألا وهي الأرض الإعلامية ، ذلك أن المتتبع لسياسة الدول عموما والدول الغربية على وجه الخصوص يدرك تماما أنهم حينما يقدمون على عمل معين فيه مصلحة لهم ( وإن كان فيه دمار للعالم ) يحاولون حشد الرأي العام وتوجيهه على أن الخير كله فيما سيقدمون عليه .



يظهر ذلك جليا في غزو العراق واحتلالها ونهب ثرواتها باسم الديمقراطية و محاربة الإرهاب وضحكة أسلحة الدمار الشامل وغير ذلك من الأسطوانات المشروخة التي سئمنا من كثرة سماعها .



ليس هذا موضوعنا ولكني ساقني لذلك الحديث عن الإعلام والإعلاميين ، ولا شك أحبتي أن أي عاقل يدرك تماما الدور الذي يمكن للإعلام أن يلعبه هدما وبناء ، ذلك أن الناس في الغالب تتلقى توجهاتها من وسائل الإعلام ولهذا كانت الحروب شرسة ضروسا في وسائل الإعلام وكانت استخبارات الدول تتسابق على شراء القنوات الفضائية والصحف والمجلات وحتى الكتاب أنفسهم ، يتضح ذلك جليا من خلال خدمة البعض وترويجهم لما يريده تيار معين أو حزب معين أو تنظيم معين أو دولة معينة .



وأعود مرة أخرى لأؤكد أن ذلك أيضا ليس هدفي إنما أردت أن أخص طائفة من الإعلاميين بهذا الخطاب ولعلي في ذات الوقت أوجهه للمواطن البسيط الذي أغتر وخدع بما يقرأه ويسمعه في وسائل الإعلام ..



وقبل ذلك لعلي أشير إلى دراسة قام بها الدكتور / حسان بن عمر بصفر في مدينة جدة تلك الدراسة عنيت بجانب التأثير الإعلامي على المستثمرين في سوق الأسهم السعودية ، عنوان هذه الدراسة ( الاتصال والمستثمرون في سوق الأسهم السعودية ) وهي موجودة في سلسة أبحاث مركز بحوث كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز ..



ومن النتائج التي ذكرها الدكتور / حسان في هذه الدراسة ما يأتي :


- أن مدى تأثير مشاهدة الأخبار والبرامج والموضوعات المرئية ( التلفزيونية ) التي تعنى بسوق الأسهم والتداول فيه على المستثمرين وتوجههم وقراراتهم بلغ 33.625% كمؤثر رئيس على هذه الفئة .


- جاء في المرتبة الثانية من حيث التأثير على المستثمرين في سوق الأسهم ما يكتب من خلال الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) وذلك بنسبة 27.625% ، وفي المرتبة الثالثة من ناحية التأثير كان الاتصال الشخصي حيث بلغ تأثيره نسبة 14.75% .


- أما الصحف الإعلامية فقد بلغ تأثيرها نسبة 14.25% يليها في التأثير الاستماع إلى الإذاعة حيث بلغ تأثيره 9.75% .


- أشارت الدراسة أيضا إلى وجود دور واضح ومؤثر لمصادر الأخبار كهيئة سوق المال ورؤساء الشركات ورجال الإعمال والخبراء والمحللين الاقتصاديين في وسائل الإعلام ووكالة الأنباء السعودية على ثقافة وقرارات المتداولين في سوق الأسهم .



وهنالك العديد من الفوائد الجيدة والتوصيات التي خرج بها الباحث ولمن أراد مزيد بيان في ذلك فعليه بمراجعة تلك الدراسة ، ولكن ما يعنيني هنا هو حجم التأثير الإعلامي على توجه الناس وتأثيره المباشر في توجيه قراراتهم وإذا ما ربطنا ذلك بما حدث في سوق الأسهم من انهيار وخسارة لأموال أولئك المساهمين والكساد الاقتصادي فيما بعد وإذا علمنا أن أكثر من يعمل في الإعلام غير متخصصين وغير مؤهلين للخوض في مثل تلك المسائل الاقتصادية علمنا مقدار الجرم الذي اقترفه أمثال هؤلاء الإعلاميين وقبلهم وسائلهم الإعلامية التي بوأت لهم منبرا يسرقون من خلاله أموال العامة ليضعوها في أيدي بعض الخاصة كل ذلك باسم خبراء الاقتصاد وتحليل الأسهم وعندما انهار سوق الأسهم رأيت الجميع واجمين لا يعلم أكثرهم خبرة وحتى هذه اللحظة ما الذي حدث للأسهم وللأسف أن كثيرا منهم ما زال يزعم أنه خبير ومحلل ويقدم التوصيات تلو التوصيات التي وإن كانت براقة إلا أنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة التي ربما لا أبالغ إن قلت أنها تسير وفق أجندة غير واضحة الملامح ولكنها تتفق في كونها سرقة لأموال عامة الناس ولكن تحت مرأى ومسمع وحماية من الأنظمة ..



ولعل ذلك الأمر ينسحب على مجالات عدة غير مجال الأسهم فكما يعلم الجميع بأن الإعلام في هذا الوقت أصبح أحد روافد المعرفة الأساسية للناس ولهذا ينبغي على الإنسان المسلم مراعاة ربه فيما يكتبه أو يقوله فكما أن الإنسان مأجور في فعل الخير والدلالة عليه فكذلك هو آثم حال فعل الإثم أو الدلالة عليه ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ... الحديث ) ولا شك أن التدليس على الناس واستمالتهم لما فيه ضررهم من الإثم والظلم الذي نهينا عنه ومن ناحية أخرى فنحن كمسلمين منهيون عن الخوض فيما لا علم لنا به ولا شك أن النهي في حق الإعلاميين هنا أولى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )



ولعلي أختم برسالة أوجهها لكل إعلامي وإن كان الكثير منهم على خير وبر وصلاح ولهم تأثير بارز في تقديم الصورة الصحيحة للمجتمع المسلم ولكن من باب التذكير أقول لإخوتي وأحبتي كونوا أدوات في بناء مجتمع مسلم قوي معتز بدينه وإياكم أن تكونوا معاول هدم لمجتمعاتكم


الوسيط/عناقيد الادب