-
باحث في علم الاجتماع
المجازر الصهيونية التطبيق العملي لأوامر التوراة (الأخيرة)
المجازر الصهيونية التطبيق العملي لأوامر التوراة (الأخيرة)
مصطفى إنشاصي
مجازر للترويح والتلذذ
هذا النوع من القتل نادرا ما يحدث في الحياة الإنسانية، خاصة في وسط المجرمين والمنحرفين، ولا يحدث إلا قليلا عند المرضى النفسيين الخطرين جدا، وفي الجيوش أو الأمم المتحاربة يعتبر من الأنواع الغريبة التي نادرا ما تحدث، وفيما لو حدثت ينزل بالفاعل أشد العقاب. أما في جيش العدو الصهيوني فهو ليس كثير الحدوث فقط، لكنه يعتبر أمرا مسليا إلى جانب أنه فعلا تعبديا. فعادة ما يكون القتل بهدف الاستمتاع بمشهد مأساوي، أو للترويح عن النفس لقتل حالة الملل والضجر التي يعاني منها أفراد العصابات الصهيونية الرسمية، أو بسبب حالة نفسية، أو مشكلة عائلية، وما إلى ذلك. وهذا النوع من القتل يتجلى في عمليات قتل الأطفال المبالغ فيه، التي قامت بها العصابات اليهودية في ثورة الأقصى/انتفاضة الأقصى، وأشهر تلك الجرائم مشهد التسلية الذي قتل به الطفل محمد الدرة، والذي نقلته الفضائيات العالمية، واهتزت له مشاعر العالم. وكثير من مشاهد قتل الأطفال الذاهبين للمدارس، أو وهم يلعبون في الشوارع، وأشهرها قتل الطفلة إيمان الحمص، إنه قتل البراءة الذي لا يستباح إلا في العقيدة اليهودية. وهذا ما أكده تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية: (وما كان ذلك يحدث لولا الأيديولوجية الإرهابية المتغلغلة في قادة الدولة الصهيونية وجنونها المستفحل خاصة في عهد شارون). ما يحدث في ثورة الأقصى من قتل متعمد وبهدف التسلية والترويح عن النفس، يعتبر حالات فردية، علما أن عدد من سقطوا بسببه يعد بالمئات، ولكن هناك مجزرة جماعية راح ضحيتها 250 شهيدا، اُرتكبت بسبب الضجر، هي:
مجزرة الطنطورة في ليلة 23أيار/مايو1948
قد تم الكشف عن هذه المجزرة التي بقيت 50 عاما في طي الكتمان، عندما اختار "باحث يهودي" يبحث عن كشف يؤهله لدرجة جامعية، أن يعود ليتسلى بـ "حقائق الموت" التي وقعت في الطنطورة عام 1948، فقد أماط اللثام عن وقائع المجزرة، معتبرا أن الاعتراف ينبغي أن ينال رضا الضحية وغفرانها أيضا! وقد تمت المجزرة التي اُرتكبت في قرية "الطنطورة" الساحلية الفلسطينية النائية التي تقع على سفح جبل الكرمل، ولا تملك اتصالا بأي قرية أو بلدة عربية أخرى، وذلك عندما كان أفراد العصابات الصهيونية من لواء اسكندروني (يشعرون بالضجر)، لأنهم لم يكونوا يعرفون ما الذي ينبغي أن يفعلونه في تلك الليلة، فقرروا احتلال قرية الطنطورة، وقتل 250 من أهلها، لأنهم "مجرد عرب" فلا بأس من التسلي بقتلهم ترويحا عن النفس، وقتلا للملل والضجر!
مجزرة عيون قارة في 20 أيار/مايو 1989
وهي من النوع نفسه لكنها بشكل فردي، قام بها أحد أفراد العصابات اليهودية الرسمية على إثر غضبه من خطيبته، حيث حمل رشاشا، وقصد تجمعا للعمال الفلسطينيين في "عيون قارة" المحتلة عام 1948، وفتح نيران رشاشه على مجموعة من العمال الفلسطينيين تجمعوا في وقت مبكر من صباح 20/5/1989 ليحصد أرواحهم، ويوصل رسالة إلى حبيبته! وقد سقط في تلك المجزرة سبعة عمال شهداء على الفور.
المجزرة الكبرى: ثورة الأقصى/انتفاضة
المجزرة الكبرى هي ما يجري في فلسطين المحتلة منذ ما يزيد على خمسة سنوات، منذ اندلاع شرارة ثورة الأقصى/الانتفاضة على إثر زيارة قام بها الإرهابي شارون في 29 أيلول/سبتمبر عام 2000 رئيس تجمع الليكود بالتنسيق مع رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني أيهود باراك ومجموعة من الأحزاب الدينية اليهودية، في خطوة لتفجير الأوضاع في الأراضي المحتلة بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في تموز/يوليو من العام نفسه، ورفض الطرف الفلسطيني التخلي عن حقوقه الثابتة في مدينة القدس الشريف، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها في النكبة الكبرى عام 1948، من أجل إيجاد المبرر لعصابات العدو الصهيوني الرسمية لارتكاب أكبر مجزرة في تاريخها ضد الفلسطينيين بهدف كسر شوكتهم وعنفوانهم، وإذلالهم، وفرض شروط الاستسلام التي يريدها كيان العدو الصهيوني عليهم.
لكن مجريات الأحداث سارت عكس ما خطط ودبر له كيان العدو الصهيوني، فقد كشفت هذا المخطط عن مدى صلابة عزيمة الجماهير الفلسطينية، وعن مدى قوة إرادة القتال عندها، وعن مدى استعدادها كما هي دوما للتضحية دفاعا عن أقصى الأمة، وأثبتت أنها حقا اختيار الله لتكون الدرع الواقي للأمة من اختراق عدوها لعواصمها وانتهاك حرماتها وأعراضها. وبدلا من أن تستسلم الجماهير الفلسطينية وتركع للشروط المذلة للعدو الصهيوني، كان العكس، حيث أكرهته لثاني مرة للخروج مرغما من أرض عربية ـ الهروب من قطاع غزة ـ احتلالها بعد خروجه من لبنان تحت ضربات حزب الله والمقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية، وليفكك لأول مرة مغتصبات أقامها على أرض فلسطينية لم يتخيل يوما أنه ممكن أن يفككها ويهجر سكانها مرغما دون مفاوضات. وللأسف أنه لو أحسن العرب والمسلمون حكومات ومعارضة التعامل مع ثورة الأقصى والأحداث التي صاحبتها، لاستطاعوا أن يتحرروا هم أيضا من الاحتلال الأمريكي واليهودي الذي يخفون حقيقته تحت مظاهر كاذبة من دعوى الاستقلال وحرية الإرادة في اتخاذ القرارات.
هذه المجزرة قد مارست فيها عصابات العدو الصهيوني الرسمية عقدها الدينية وأمراضها النفسية وإرهابها التوراتي بكافة صورة وأشكاله: من القتل للتخلص من أكبر عدد ممكن من الآخر ـ الفلسطينيين ـ، إلى القتل انتقاما، إلى القتل للتسلية والترويح عن النفس والتلذذ بالقتل، إلى التنفيس عن العقد النفسية والاجتماعية، وغيرها، إلى هدم البيوت على رؤوس أهلها، إلى تجرف الأراضي الزراعية، إلى اقتلاع الأشجار المثمرة والمعمرة، إلى كافة أشكال الفساد والتدمير والتخريب التي حدثت من قبل، والذي ابتكره اليهود في هذه المجزرة الكبرى، التي استخدمت فيها العصابات الصهيونية كافة الأسلحة المشروعة والمحرمة دوليا، من البندقية الآلية "الرشاش"، إلى الدبابات والمدفعية بكافة أنواعها، إلى الطائرات المقاتلة من أف 16 والطوافات وعلى رأسها الأباتشي، والصواريخ بأوزانها المختلفة، إلى الغازات القاتلة الممنوعة. كل ذلك ضد المدنيين العزل، والأبرياء المسالمين، الذين لا يملكون غير الجحر ليقاوموا به كل تلك الأسلحة الصهيو ـ أمريكية، ولكثرة ما ارتكبته العصابات اليهودية من جرائم في هذه المجزرة الكبرى، لضيق المساحة، ولأننا جميعا رأينا ولا زلنا نرى على شاشات الفضائيات ما تقوم به العصابات اليهودية من جرائم ضد الإنسانية يوميا في فلسطين، ونشاهد الأساليب المختلفة التي تستخدمها تلك العصابات، فإننا سوف نذكر أرقاما فقط قدر المستطاع، عن الحصاد المر لخمسة سنوات من البطولة والفداء والتضحية الفلسطينية دفاعا عن كرامة الأمة وشرفها، وحماية لقدسها وأقصاها.
عند كتابة البحثان ونشرهما عام 2005 كانت انتفاضة الأقصى آخر المذابح التوراتية، يضاف إليه بعد ثمانية عشرة سنة كل المذابح في حروب وعدوان العدو الصهيوني على غزة بدءً من حرب 2008 – 2008 مروراً بحرب 2012 و 2014، وبقية جولات الصراع وليس انتهاءً بحرب الإبادة الجماعية الجارية الآن في غزة ...!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى