عاهة صينية تجتاح عشاق القذّافي ..! 2 .
الخميس, 12 مايو 2011 15:12
.ليلى البلوشي.
عُمَان:
كما عرفنا أن للزعيمين " ماو تسي تونغ " و" القذافي " ولاءات مفصّلة من أمزجة
أهوائهم ، التي لا يمكن نعتها سوى كونها " مجنونة " و" مهلوسة " وكما توصل علماء النفس أن الشخص حينما يعاني من عاهة ما في صفة من الصفات ؛ فإنه غالبا ما يقوم بإسقاط عاهته على الذين من حوله ، إنه يسقط ما يتجشمه من شعور مستبد على الآخرين ، كيفما كانت النتائج ؛ فـ" لا وعيه" لا يحس هذه الإسقاطات ، سوى كونها وسائل تعامل لا اختلاف بينها وبين غيرها من أساليب التعاطي مع الناس ..!
ولهذا ما يبديه الموالون لهؤلاء إنما يدعى بالوصف الدقيق بـ " الهوس " الموروث من السابقين ؛ هوس رموز تغلبت عليهم " أناهم " ؛ لتكون هي الآمرة والناهية ، وهي الثرية والمرثية ، وحتى يتحقق هذا ؛ فإن على الآخرين أن يقتلوا " أناهم " ذاك المخلوق الصغير الذي يردد داخلهم في كل مرة هوس " أنا " ؛ يسحق أناه كليا ، فهي ليست ملكه ، إنها ملك " أنا القذافي " أو " أنا ماو تسي تونغ " ، كما أبدت عند الصينيين في عهده السالف ..!
ووزن تقلص " أنا القذافي " في دواخلهم يبعث مخاوف عن خواء يستملكهم إن كفّوا عن الإيمان به لفظا وفعلا ؛ فليس من السهل عليهم بعد أن تشربت تعاليمه في دمهم ، وتنفستها رئائهم أن يربضوا هامدين على خواء عميق ، يؤكد لهم عن موتهم الكلي متنازلين عن حقوقهم كبشر يملكون قلوبا وعقولا وضمائرا ؛ فهم لم يتعودوا على توظيفها وتوجيهها سوى لرجل واحد وتآلفوا مع الأمر على هذا النحو منذ سنوات ..!
في ترديد واسع وشامل طوال اثنين وأربعين عاما ؛ نشيد وطني مقدس تعززه تعاليم كتاب أكثر تقديسا ؛ تلك الجماعات وهي خليط من القبائل ، مترامين في صحراء لبيبا ، في خيامهم وفي أنفار من البيوت استحدثت من الطوب في عهد الألفية ، سقوفاً تحمل الوجوه نفسها والطراز العتيق نفسه في عهد يفكر فيه الغرب بتحويل مريخ كوكبا للعيش ؛ ولبيبا ما تزال صحراء مترامية بلا اعمار حقيقي ، وعجلة التطوير مبتورة نسيها صاحبها في حضرة تعاليمه وغفل عنها شعبها في ترديد أناه المتعالية ، التي تستنفر التقديس منهم في صباحها ومسائها ..!
وانقشعت الحقيقة الصينية عن الصينيين ، حينما مات زعيمهم " ماو " ؛ ليدركوا مدى المهزلة الوحشية التي قبعوا في مستنقعها ، حتى جعلت الكثيرين ممن تكالبت عليهم مشاعر من الخزي والمرارة والأسى بتركه خلفه دياره إلى وطن منفي ، وطن يطهرهم أكثر مما تنسيهم مآسيهم في عهد الظلام ..!
إن الخاصية المشتركة ما بين شعبي " ماو " و" القذافي " ؛ أن كليهما فرضا الطاعة والولاء بطرق تمويهية ، غاياتها الكاشفة في نظر الشعبين هي في سبيل رقيهم ، ولكن غاياتها المتوارية الحقيقية هي في سبيل مصالحهم الشخصية المريضة بعاهة الأنا - وحده بلا شريك - ، لهذا اكتفى الشعبان طوال سنوات ببذل الولاء المقدس ؛ فأهدافه نبيلة كما يرون ، لهذا كان كل تمرد يصدر من جوقة ما ، الويل وحده كان يترصدهم وسجن " بوسليم " وغيرها من السجون المدفونة تحت جوف الأرض كفيل بتحويلهم إلى جثث ؛ ليس في ستر الليل بل في أصبوحة الظهيرة حيث الجميع على أتم إيقاظ ؛ كي يشهدوا مهزلة إعدامهم عن وجه الأرض ..! وهو تنبيه في غاية الشفافية ؛ لأولئك المتفرجين المرعوبين في هيئة دم طازج على قطع لسانه إن جسر - لا سمح الله - على مده خارج فمه بالحدود التي وجبتها السلطة ؛ وإلا فهو إرهابي ، عميل خائن ، خارج من أنظومة التقديس السامية ، وملعون من صكوك الغفران ..! ولهذا عندما طالب الشعب الليبي بمطالبه ، كان بدهيّا أن ينتصب القذافي في باب عزيزيته يلقي خطاباته التهديديه لسحق الشعب العاصي الخارج عن ملته ، فالمطالب بل المطلب الأساسي والفعلي الذي يجب أن يفرض ويبقى أبديا هو تقديم الولاء له ، لكل ما يخصه وحده ، شعب ليس من حقه سوى اكتفاء بعبادة حقوق وليّ نعمتهم ..!
ويبدو أن جيلا فتيا في ليبيا ، بذرة نسيها ملك ملوك إفريقيا في تربة مأهولة بالأشواك ؛ حتى اطمئن أن أحراشه السامة كفيلة بوأد تلكم البذرة النقية ، التي انبثقت من دم شيخ المجاهدين " عمر المختار " ، من " بنغازي " مدينة الشهيد انطلقت صرخة الحرية الأولى ، واستبان الحق ، جيل من أحفاد عمر المختار تسلحوا بالإيمان ، قبل أن يتخذوا من حواسيبهم أسلحة ، لتعينهم على رسم خريطة النصر والمقاومة الضارية ..
هؤلاء الذين لم يتمكن " أنا القذافي " من تسميمهم بأفكاره ، لم يثقبهم بتعاليمه كما ثقب من قبل الأولين تحت نير الرعب الوحشي والظلم ، جيل وعى جيدا أن " الله " – جلّ وعلا – وحده الذي يستحق التقديس عن جدارة ، وعن حب ، وعن إيمان ، وعن تضحية ، لهذا ما تزال ليبيا تغسل أرضها المترامية بدمها الذي يطفح وما يزال يطفح فيضانا ، وما يزال " أنا القذافي " يلوح عليهم بشياطينه ؛ وهو من باع أناه للشيطان ، بعدما تيقن أن العالم بأسره كشف سر " أناه " ، التي تكرر صداها بصوت متحشرج لا يخلو من كلفة التعالي المتعجرف ؛ ليؤكدها مرارا : " أنا أنا أنا ، أنا هنا " ..!
علا وعسى هذا التكرار لا ليعلم الشطار ؛ فهو استباحهم وقضم لحومهم الطاهرة نيئة بدمائها بلا وخزة ضمير ؛ بل ليستعيد تلكم الأرواح التي تمردت عن صفوفه التضليلية من وباء عبوديته ، واستطالت بحرياتها وكرامتها آماد السماء ، بينما يكتفي مهووسوه الغاوون مصفقين من ورائه : " الشعب يريد بقاء معمّر العقيد " ؛ لأن " أنا القذافي " أحكمت هواها على هواهم ؛ فحذفوا من قائمة نشوزهم ما هو مقدس أصلا لفظتي " الله " و" ليبيا " بس ..! دون أن يعقد الكون هذه المرة حاجبيه ؛ فلقد بددّتها شمس الحقيقة ..
كاتبة عُمَانية