الفيتامينات المنحلة في الدسم
هي الفيتامينات التي تنحل بالدسم ليتمكن الجهاز الهضمي من امتصاصها وهي أربعة أساسية A و E و D و K ، والفيتامين ف الذي نادراً ما يحتاجه الإنسان لتوفره في أغلب الأطعمة الدسمة . ومن هنا تأتي أهمية تناول الدسم في الغذاء اليومي . وإنَّ نقص أي منها يسبب أعراضاً وعلامات مميزة به .
الفيتامين A (آ) :ويسمى أيضاً الريتينول Retinol
إنَّ جميع الفقاريات تحتاج إلى هذا الفيتامين أو طليعته (البيتاكاروتين) للمحافظة على الرؤية وتشكيل الخلايا الظهارانية (البشروية) والنمو الصقلي العظمي وتقوية الدفاع البدني ضد انتشار الأمراض الجرثومية والعدوى بها .
يحتاج الإنسان إلى 5000 وحدة دولية من هذا الفيتامين يومياً . وتحتاجه الحامل أكثر من ذلك وهو يختزن في الكبد ، ولذلك يعتبر هذا العضو من أغنى مصادره ، وكذلك يوجد بكثرة في دسم الحليب ومشتقاته كالزبدة والكريمة ، وفي البيض ، وفي الدسم الحيوانية عموماً وخصوصاً زيت كبد الحوت وسمك الهاليبوت والمورة . وأما الخضار ذات الأوراق الداكنة ، والجزر فهي خالية منه ولكنها تحتوي على مقادير مختلفة من طليعته (البيتا كاروتين) وهو مفقود في الزيوت النباتية كزيت الزيتون وزيت بذر الكتان وزيت جوز الهند وفي السمن النباتي ولذلك تقوم بعض شركات التصنيع بدعم هذه الأنواع من السمن بإضافة الفيتامين A + D إليها .
يعتبر هذا الفيتامين وطليعته من المركبات الثابتة بالطبخ فلا يتخرب أثناء إعداد الطعام . ولكنه يتخرب بالتبريد والتعليب (تعليب الأسماك خاصة) والتجفيف
(كتجفيف الخضار خاصة تحت الشمس) . ويمتص هو وطليعته عن طريق الأمعاء الدقيقة بوجود الدسم التي تعمل كحامل له عبر الخلايا المعوية ، ثم يختزن في الكبد على شكل ريتينول (Vit A)، ويصل بعضه إلى الدوران العام حيث يُحْمَل بوساطة البروتين المصلي الخاص به .
يتمثل دور الفيتامينA في الرؤية بتشكيله مادة الرودوبسين التي تعتمد عليها الخلايا العصوية البصرية الموجودة في الشبكية . ولذلك إذا فقد هذا الفيتامين أصيب الشخص بالعمى الليلي . وتتوقف الغدد الدمعية عن إنتاج الدمع ، ولذلك تثخن القرنية وتجف وتتقرح أو تصاب بالعدوى الجرثومية .
كما تحدث هذه التطورات الالتهابية في الملتحمة العينية والبيت الأمامي والخلفي للعين مما قد يجر إلى العمى الكامل ويسمى هذا الاضطراب العيني باسم "جفاف الملتحمة Xerophtalmia وهو علامة نوعية تدل على نقص الفيتامين A تجريبياً . وأما على المستوى الهضمي فيؤدي نقص هذا الفيتامين إلى جفاف إفراز الغدد اللعابية ، وضمور خلاياها ، وأما خلايا الأقنية اللعابية فتتشعب كثيراً وبذلك تنسد مجاريها جزئياً . كما تضمر خلايا الأمعاء المفرزة للمخاط ، وتتنخر ذرى الزغابات ويمكن أن تشاهد كتل جرثومية تملأ لمعة الغدد .وفي الطرق التنفسية العلوية (الأنف والقصبات والقصيبات) تظهر تقرنات في الأغشية المخاطية . وتظهر تبدلات مشابهة على مستوى المهبل واللثة . كما يسبب نقص هذا الفيتامين اضطرابات مناعية واسعة على مستوى الأغـشـيـة والخـلايا الـظهـارانـيـة فتزداد الـعدوى الـمختلفة الأشـكال التـي
تغزو الدم عبر الأغشية أو الجلد ، أو أن تظهر ذوات الرئة والقصبات والتهابات الأمعاء ..وأما العدوى العينية فقد تصل إلى الموت . ويبدو أنَّ للفيتامين A تأثيراً منظماً لنمو العظام ، ولذلك يضطرب هذا النمو في حال نقصه ويسبب انضغاطات عصبية مختلفة تصيب الجذور العصبية وينقص نمو الأطفال المصابين بعوزه . وأما حالات فرط تناول الفيتامين A فإنما تحدث نتيجة تناول الأدوية الحاوية عليه بمقدار أكبر مما يحتاجه الجسم له ، وتتلخص أعراض التسمم به بظهور الاندفاعات الجلدية الحاكة ، وقلة الشهية للطعام وتورمات مؤلمة على طول العظام الطويلة ، وتساقط الشعر .. وتزول هذه الأعراض بعد التوقف عن تناوله . ولقد تبين عند الفئران تشوه الأجنة إذا أعطيت الأمهات كميات زائدة منه .
الفيتامين D مضاد الكساح أو الرخد) :
ضروري لتكوين العظام وترسيب الكالسيوم عليها (ولذلك يسبب نقصه الرَّخَـد أو الكساح Rickets عند الأطفال وتَلَيُّن العظام Osteomalacia و تخلخلها Osteoporosis عند الكبار) .
وله شكلان (تساعد الأشعة فوق البنفسجية على تشكلهما) :
- الفيتامين D2: ينشأ عن مادة الإرغوستيرول الموجودة في الخميرة Yeast والفطور Fungi .
- الفيتامين D3 : ويدعى أيضاً كولي كالسيفيرول ،وهو الأكثر أهمية ، ومادته الطليعية هي (7 -ديهيدروكولسترول) ، الموجودة في الجلد ، وعند تعرض الطفل للأشعة فوق البنفسجية تتحول إلى الفيتامينD3 فتمنع الإصابة بالرخد .
المصادر الغذائية الغنية بهذا الفيتامين هي الحليب ومشتقاته (كاللبن الرائب والزبدة والجبن) خصوصاً في فصل الصيف ، وصفار البيض ، وزيوت الأسماك (كزيت كبد الحوت والهاليبوت) . ويزيد الفيتامين D من امتصاص الكالسيوم والفوسفور عن طريق الأمعاء ، كما يزيد من عودة امتصاص هاتين المادتين عن طريق الأنابيب الكلوية فيزيد مقدارهما في الجسم وينظم ترسبهما على العظام فيمنع تشوهها . ولقد تبين مؤخراً أن أحد مستقلبات هذا الفيتامين الذي يدعى 1,25 Hydroxycholecalciferol أشدُّ فاعلية من الفيتامين نفسه وله جميع خصائصه ، ولقد تبين أنه يُصْنَع في الكليتين ثم ينطلق منها إلى الدم .
الرَّخَـدُ (الكساح): Rickets
هو هشاشة العظام وتلينها عند الأطفال حيث يبدأ عادة منذ سن 4 أشهر وعندما يحاول الطفل المشي فإنَّ عظامه لا تستطيع حمل ثقله فتنحني وتتشوه ،
ويلاحظ في صور العظام الشعاعية نقص تكلس الهيكل العظمي للطفل بالإضافة إلى تشوهه . كما تشاهد انتفاخات عظمية على مسار اتصال الأضلاع قرب عظم القص تدعى بـ"السُّبْحَةُ الضِّلْعِيَّة " .
وأما تلين العظام فهو الحالة المشابهة للرخد عند الأطفال ولكنه يصيب الكبار ، وأكثر ما نلاحظ هذه الحالة بعد تكرار الحمول والإرضاع المديد دون تعويض الكالسيوم و الفيتامينD وأما تخلخل العظام فهو تراجع التكلس العظمي بعد الشيخوخة أو سن اليأس عند النساء ، فتصبح العظام هشة سهلة الكسر (خاصة على مستوى عنق الفخذ) .
الفيتامين E (و) (ويسمى أيضاً التوكوفيرول أو مضاد العقم):
وتدعى مادته الحيوية التكوفيرول الذوابة في الدسم . ولقد أصبح من المعروف عن هذا الفيتامين أنه من مضادات الأكسدة فيقي الجسم من السرطانات ، ويقوي التفاعلات الحيوية ، وينشط التكاثر الخلوي ، ولذلك يُعْتَبَرُ عاملاً مهماً في إكثار النطاف والإباضة ولذلك سُمِّي بمضاد العقم عند بعض العلماء
ويعتبـَرُ هذا الفيتامين مفتاح تطور أي طاقة في الجسم ، ويحافظ على صحة الكريات الحمراء . وإنَّ تناول مقدار 20 وحدة منه يومياً يقي من عوزه ، وتقي الكميات الأكبرُ من أمراض القلب والأوعية والسرطانات .
أغنى المصادر الطبيعية بالفيتامين E هي لب الحنطة وزيت لب الحنطة والذرة وفول الصويا وزيت عباد الشمس والسمن الحيواني . ويوجد بكميات أقل في زيت الزيتون ، وزيت السمك ، وجوز الهند ، واللوز .ولا يسبب الإفراط في تناوله أي مرض أو تسمم ، فلقد أعطي لبعض المرضى المصابين بداء باركنسون بمقدار 3000 ملغ يومياً ولمدة طويلة (عدة سنوات) دون أن يسبب لهم أي مشكلة صحية ، على الرغم من أنَّ الحاجة اليومية له تبلغ
8 ملغ للنساء و10 ملغ للرجال . ويتميز هذا الفيتامين بتحمله للحرارة فهو لا يتخرب بالطبخ ، ولكن حفظه بالتعليب والتعرض للهواء والشمس يتلفه .
الفيتامين K : (مضاد النزوف)
هذا الفيتامين ضروري لعملية الإرقاء الدموي فيمنع النزوف .وهو مشتق من مادة النافتوكينون الضرورية لتكوين البروترمبين ، وعوامل الإرقاء 7 ، 9 ، 10 .(السابع والتاسع والعاشر) في الكبد . فإذا فُقِدَ هذا الفيتامين فإنَّه يسبب نزوفاً خطيرة تهدد الحياة .
المصادر الغذائية الطبيعية له هي الخضر خصوصاً ذات الأوراق الداكنة كالسبانخ ، كما يوجد في القرنبيط والبطاطا والبندورة والبزاليا والفريز وفي الحبوبيات وفي الكبد واللحم الأحمر والحليب والبيض. ويمكن للزمر الجرثومية الموجودة في الفلورا المعوية أن تُرَكِّبه بكميات كافية للجسم البشري .ولذلك يندر أن يصاب الإنسان بعوزه إلاَّ في حالات مرضية خاصة كالإصابة بسوء الامتصاص والإسهالات المزمنة وانسداد الطرق الصفراوية (لاحتياج امتصاصها إلى الأملاح الصفراوية) وأمراض النسيج الكبدي كالتشحم والتشمع والتهابات الخلايا الكبدية وأورام الكبد ..
الفيتامين ف : F
ويتألف من حموض شحمية أساسية غير مشبعة يختزنها الكبد بنسبة 0,3-1 % . وهو موجود في مواد غذائية عديدة كالزبدة والدهون الحيوانية والحليب والسمن وزيت السمك .. ويؤدي الامتناع عن تناول هذه المواد عند بعض الأشخاص إلى ظهور أعراض التهابات الجلد الأليرجيائية كالأكزيما .
الدكتور ضياء الدين الجماس