دراسة بحثية تؤكد على دور النفط في رسم وتشكيل السياسة الخارجية الصينية
جامعة الأزهر بغزة تمنح درجة الماجستير في العلوم السياسية للباحث محمد محمود صيدم
غزة (12/5/2014)- أكدت دراسة بحثية أن النفط هو المحرك الأساسي وراء اهتمام القيادة السياسية الصينية في بناء علاقات وطيدة مع معظم الدول الغنية بموارد الطاقة والدافع إلى تطوير قوتها الصلبة عبر رفع القدرات العسكرية الهجومية والدفاعية، وتعزيز تواجدها العسكري على طول الطرق التي تعبر منها وارداتها من الطاقة.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في العلوم السياسية اليوم، للباحث محمد محمود صيدم بعنوان، "دور النفط في السياسة الخارجية الصينية" في برنامج الدراسات العليا لجامعة الأزهر بغزة، والتي بموجبها منحت له درجة الماجستير من قبل لجنة المناقشة والحكم والتي تضم كل من الأستاذ الدكتور رياض العيلة مشرفاً ورئيساً، الدكتور خالد صافي مشرفاً، الدكتور زهير المصري مناقشاً داخلياً والدكتور صلاح أبو ختلة مناقشاً خارجياً.
وهدف الباحث في دراسته إلى التعرف على مفهوم أمن الطاقة "النفط" في السياسة الدولية، وتسليط الضوء على دوره وتأثيره في رسم السياسة الخارجية الصينية وسياسات الدول، وكذلك التعرف على طبيعة ومحددات السياسة الخارجية الصينية.
وأكد الباحث أن أهمية الدراسة تكمن في كونها الأولى من نوعها في الجامعات الفلسطينية وافتقار المكتبة العربية بشكل عام لمثل تلك الدراسة. لافتاً إلى ان أهميتها تظهر في تأثير النفط على السياسة الخارجية الصينية والدور الذي يلعبه في تشكيلها وتوجيهها من خلال دراسة مفهوم أمن الطاقة في العلاقات الدولية وأهم النظريات الرئيسية (الواقعية والليبرالية)، نظراً لكون النفط جوهر وأساس قضايا أمن الطاقة، إلى جانب تبيان الدور المهم الذي يلعبه في تشكيل السياسة الدولية بشكل عام.
وافترض الباحث أن النفط كمتغير مستقل له دور كبير ومؤثر على صناعة السياسة الخارجية الصينية كمتغير تابع.
واستخدم الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي ومنهج الواقعية الكلاسيكية الجديدة الذي يختص بدراسة وتحليل طبيعة السياسة الخارجية للدول، إضافة إلى المنهج التاريخي الذي يتناول أهم مراحل التطور التي شهدتها السياسة الخارجية الصينية.
وأشار الباحث إلى أهم المحددات والعوامل التي تؤثر على رسم وتشكيل السياسة الخارجية الصينية، وأهم خصائصها ومراحل تطورها، بهدف الوصول إلى إدراك أفضل لطبيعتها، وتبيان التغير الذي طرأ عليها خلال السنوات الماضية. مسلطاً الضوء على السياسة الخارجية الصينية اتجاه الدول الغنية بالنفط، إلى جانب دبلوماسيتها النفطية الساعية إلى تنويع مصادر الحصول على النفط، وتحديداً في ثلاث مناطق رئيسة؛ الخليج العربي ومنطقة آسيا الوسطى وأفريقيا.
وتوصل الباحث في دراسته إلى أن السياسة الخارجية الصينية شهدت تغيراً ملحوظاً منذ تسعينيات القرن الماضي، تحديداً بعد أن تحولت الصين من دولة منتجة للنفط إلى مستهلكة له في العام 1993م، حيث تعزز النفوذ الصيني في المناطق المختلفة الغنية بالنفط، وشهدت كذلك الدبلوماسية النفطية الصينية نشاطاً ملحوظاً عقب هذا التحول، الأمر الذي يثبت صحة فرضية الدراسة ويؤكد على الدور البارز الذي يلعبه النفط في رسم وتوجيه سياسة الصين الخارجية، ما يعني وجود علاقة غير صفرية بين متغيرات الدراسة؛ المتغير المستقل (النفط) والمتغير التابع (السياسة الخارجية الصينية).
وتوصلت الدراسة إلى أن أمن النفط الصيني يقوم على ركيزتين رئيسيتين، أولاها تتمثل بتبني إستراتيجيات متعددة الأبعاد ضمن مفهوم القوة الناعمة، قائمة على أساس تعزيز الاستثمارات وحجم التبادلات التجارية مع الدول النفطية، وثانيها تكمن في تعظيم قدراتها العسكرية الهجومية أو الدفاعية من أجل تأمين وصول إمدادات النفط من المصدر إلى الأراضي الصينية.
وخلصت الدراسة إلى أن الدبلوماسية الصينية نجحت لغاية الآن بالتغلغل في الدول الغنية بالنفط من خلال تعزيز قوتها الناعمة، واستخدام الأدوات الاقتصادية بمختلف أنواعها، وإتباع سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، والتعامل مع الأنظمة القائمة بغض النظر عن طبيعتها.
وأشار الباحث أن النظام السياسي الصيني القائم على حكم الحزب الواحد الشمولي ساعد في توفير هامش أوسع لصناع القرار في سياستها الخارجية، لغياب أحزاب أو هيئات قد تعترض على الخطط أو القرارات المركزية التي تتبعها السياسة الخارجية.
وأوصى الباحث القيادة الصينية بتعزيز أمنها النفطي والاستمرار في تعزيز الشراكة الصينية مع الدول المصدّرة للنفط خصوصاً دول منطقة الخليج العربي من خلال بناء علاقات اقتصادية تجارية تعاونية ودية فيما بينهم، والعمل على تطوير عمليات البحث والتنقيب لتعزيز مستويات الإنتاج المحلي من النفط، والقيام بترشيد استهلاكه عن طريق فرض ضريبة على البنزين، وتحسين معايير الكفاءة للمركبات في استهلاك الوقود.
كما أوصى الباحث بضرورة الالتزام بمبادئ السياسة الخارجية الصينية المعروفة بالتعايش السلمي، تحديداً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الخارجية للدول، الأمر الذي يشجع الدول من بناء تحالفات مع الصين والوثوق بها، كذلك العمل على توطيد العلاقات الصينية مع الدول المجاورة وحل الخلافات بينهما، لاسيما الدول المطلة على مضيق ملقا الذي تنقل عبره الغالبية العظمى من الواردات النفطية الصينية، لتجنب أي محاولات لإعاقة الحركة أمام تلك الواردات.
وشكرت لجنة المناقشة والحكم للرسالة الباحث على المجهود الذي بذله وأشادت بمحتوى الرسالة وأوصت بوضعها في المكتبة بعد إجراء التعديلات عليها لتعميم الفائدة على كافة الباحثين في هذا الميدان. وحضر المناقشة لفيف من الطلبة والمهتمين وزملاء الباحث.
للتواصل:
الصحفي/ وسام زغبر